المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بينَ تلك الصحراء الواسعة خيمة أنفردت بشجاها، حينما حلَّ الظلام، غيرآبه ، بما سيطالها نهار الغد، من سلبٍ واحتراق، بل راحت تهتز ألماً ، لدمع رملة والعناق، أنّها الليلة الأخيرة التي ستضمُّ بينَ أطرافها شبل المجتبى -عليه السلام-،سليل الدوحة الهاشميّة، فإن كان عليّ الأكبر قد شُبَّه بجدَّه النبي (صلى الله عليه وآله)فها هو القاسم شبيه الحسن-عليه السلام-وكان لعمّه -عليه السلام-
العلامة التي تذكّره بأخيه المغدور ، واليتيم الذي يكنُّ له أرقى شعور، وقد نشأ في كنفه منذُ نعومة أظفاره ،عيناه على أبن أخيه إلى جواره ، وحين عزم على الرحيل إلى كربلاء، رافقه في سفره مرافقة الأب الحنون للأبناء،ولم يذهب هذا الأهتمام سدى ، بل راح يزيد من إصرار الفتى على نصرة الدين ، والجهاد بين يدي عمّه الإمام الحسين -عليه السلام-، حتّى بزغت شمس العاشر تنذر بالرحيل، وحان وقت الذهاب إلى الجنّة وعصفت رياح الوداع والأسى بتلك الخيمة ، وبقلب اُمَّه الحنون لَّما برز إلى القتال بأرجوزته التي أرعبت قلوب الأبطال ، {إنّ تنكروني فأنا ابن الحسن....}/١_قالها:
وهو غير مكترث بتلك الألوف ، بل ماثل جمعهم بشسع نعله المقطوع ، وحين سقط على وجهه ، وقد مزَّقت بدنه الزاكي الرماح ، وأمّه امام خيمتها واقفة تشاهد نزف الجراح بدلاً من مشاهدة يوم زفافه ، على الرَّمضاء وقد فارق الحياة ، أرخت بدموعها ، وهي لاتدري ماذا تقول:
أهو القاسم -عليه السلام- على الثَّرى ؟! أم الإمام الحسن -عليه السلام- المقتول؟!.