- من الناس من يذنب و يستغفر الله عز وجل مما ارتكبه لكن دون إقلاعٍ عن الذنب،
- و الناس من يظن بأن الخطوة الأولى لاكتساب غفران الله تعالى هي الاستغفار فقط أي طلب المغفرة دون ترك الذنب كمن يسمع الغناء بشكل مستمر، لكن الصحيح أن هناك خطوة أخرى لا بُدَّ و أن تسبق هذه الخطوة.
ما هي الخطوة الأولى إذن؟
الخطوة الأولى هي ترك الذنب الذي يطلب الإنسان بسببه المغفرة ،
- تماماً كما يفعل رجال الاطفاء لدى مواجهة الحريق و السعي في إخماده، فهم يبحثون عن سبب الحريق؛
- فإذا كان ــ مثلاً ــ سببه تماسٌ كهربائي فالخطوة الاولى في إطفاء الحريق هي فصل التيار الكهربائي، حيث ما دام السبب موجوداً فالحريق موجود، و عملية اطفاء الحريق سوف تتعثر.
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنهُ قَالَ:
"مَرَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام عَلَى قَوْمٍ يَبْكُونَ.
- فَقَالَ: عَلَى مَا يَبْكِي هَؤُلَاءِ؟
- فَقِيلَ: يَبْكُونَ عَلَى ذُنُوبِهِمْ.
- قَالَ: فَلْيَدَعُوهَا يُغْفَرْ لَهُمْ" 1.
نعم فالخطوة الاولى هي ترك الذنب ثم يأتي دور الاستغفار و التوبة ، و من دون هذه الخطوة يكون الإنسان المذنب مستهزأ بنفسه.
رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قالَ لِقَائِلٍ قَالَ بِحَضْرَتِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ:
"ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَ تَدْرِي مَا الِاسْتِغْفَارُ، الِاسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ الْعِلِّيِّينَ، وَ هُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ:
- أَوَّلُهَا: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى.
- وَ الثَّانِي: الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً.
- وَ الثَّالِثُ: أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اللَّهَ أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ.
- وَ الرَّابِعُ: أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا.
- وَ الْخَامِسُ: أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ الْجِلْدَ بِالْعَظْمِ وَ يَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ.
- وَ السَّادِسُ: أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلَاوَةَ الْمَعْصِيَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ" 2.
الشيخ صالح الكرباسي.
---------------
# المصادر
1. بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام)): 6 / 20 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي.
2. نهج البلاغة: 549، طبعة صبحي الصالح.
أستغفر الله العظيم واتوب اليه لي ولكم