رجاء عارف
لا يخفى على أحد ما وصل إليه الغرب من التقدم في شتى مجالات العلوم والتكنلوجيا، وهذا ما حدا بالشباب أن ينبهروا بما وصلوا إليه، وكتعبير عن هذا الإعجاب راح الكثير منهم إلى تقليدهم، ليس في العلوم والتكنلوجيا! بل في أمور جانبية بعيدة كل البعد عن التحضر والتقدّم الذي يدّعونه.
فالتقليد (من كلا الجنسين) في الملابس وقصات الشعر الغريبة، وتزيّي الرجال بالنساء والنساء بالرجال، والتشبّه بحركاتهم ورقصاتهم واختلاطهم.. كل هذا لا يمتّ للتطور والتقدم بأي صلة! كل ما تنتهي إليه هذه الأمور هو تمييع شخصية الشاب المسلم وبناء شخصية غريبة عن مجتمعاتنا الإسلامية.
أيها الشاب الغالي.... ابنِ شخصيتك على أسس متينة وفق مقاييس أخلاقية واجتماعية إسلامية، وما يتوافق مع فطرتك وذوقك السليم، ولا تصطبغ بالصبغة الغربية البعيدة عن قيمنا ومبادئنا وأعرافنا وتقاليدنا وثقافتنا..
فلكل قوم مبادئهم وقيمهم وهم يعتزّون بها.. وكذلك نحن، ونعتقد جزماً أن مبادئنا هي الحق؛ لأنها مستمدة من السماء، فلا تنجرّ أيها العزيز وراء الفقاعات الفارغة هدفها الوحيد هو مسخ شخصيتك، وتجعلك تلهث خلفها منبهر بها.
فلا التبرّج وإظهار الزينة المحرّمة والملابس الضيقة والمممزقة وموضات الشعر الغربية تبني شخصيتك، ولا الحركات والتصرفات غير الأخلاقية تساهم في تطوّرك وتحضّرك.. بل علمك ومواهبك وثقافتك ومبادئك الأصيلة هي من تشكّل شخصيتك الحقيقية وتجعلها قوية غير مهزوزة أمام أعاصير الفتن والإغواء.
اجعل قدوتك تلك التي ترفعك نحو السمو والشموخ، لا تلك التي تجرّك إلى التسافل والانحطاط.. اتّبع القدوة الحقيقية التي تساعدك في بناء نفسك ومجتمعك وتكون فخوراً بها، واملأ فراغ قلبك بالإيمان والتقوى، فهما جدارا الصد لأي خطر يداهم النفس، ولا تعتقد أن الإيمان ضد العلم! بل بالعكس أحدهما يعاضد الآخر ويسيران جنباً إلى جنب، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نأخذ بأحدهما دون الآخر فيختلّ التوازن! ألا ترى بأن الغرب (ومن يسير على نهجهم) آخذ بالانحدار الأخلاقي وارتفاع مستوى الجريمة والانفكاك الأسري والمجتمعي.. ولم ينفعهم تطوّرهم وعلومهم برأب هذا الصدع الخطير؛ لأنهم ببساطة تركوا قيم السماء ومبادئها الحقيقية، وبقت رسومها فقط..
فيا أيها الشباب، ليكن تقليدكم في الأمور التي تنفعكم، وتنفع البلاد والعباد، بما ينمّي قدراتكم ويطوّر مواهبكم وتقدّم صناعاتكم، فقد كان أجدادكم رواداً في العلم والدين، وكان الغرب ينهل من علومهم وأخلاقهم.