اللهم صل على محمد وآل محمد
ما المانع أن يمسح الإنسان الرأس والرجلين، ويغسل الوجه واليدين؛ وهو مشغول بالمناجاة مع رب العالمين بدلاً من الوسوسة في الوضوء؟!..
- إذ إن البعض يمضي ساعتين من عمره في الوضوء، يتوضأ لمدة ساعتين ولا يذكر الله عز وجل، بل يذكر الشيطان في وضوئه.
- يصلي وفِكره في نواقض الوضوء، البعض يبكي من خشية الله عز وجل وهذا المُبتلى فِكره في بطنه مثلاً!..
- فمن أراد الخشوع في صلاته عليه بإتقان الوضوء!..
ويمكن للإنسان أن يضع أدعية الغُسل في الحمّام، كي يذكر الله عز وجل كلما أراد أن يغتسل غُسلاً واجباً أو مستحبا.
فالذكر مطلوب على كل حال وإن كان في الحمام أو بيت الخلاء، روي أنه:
(لمّا ناجى الله عزّ وجلّ موسى بن عمران (عليه السلام) قال موسى: يا ربّ!.. أَبعيدٌ أنت مني فأناديك، أم قريبٌ فأناجيك؟.. فأوحى الله عزّ وجلّ إليه:
- يا موسى!.. أنا جليس مَن ذكرني،
فقال موسى (عليه السلام): يا ربّ!.. إنّي أكون في حال أُجلّك أن أذكرك فيها،
- قال: يا موسى!.. اذكرني على كلّ حال).
المناجاة..
يستحب للإنسان قبل التكبير أن يناجي ربه لو مناجاة مختصرة، كأن يلهج ببعض من هذه الأدعية:
﴿إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾،
(يا محسن.قد أتاك المسيئ، أنت ربنا المحسن، وأنا عبدك المسيئ.. فتجاوز عن قبيح ما تعلم؛ إنك أنت الأعز الأجل الأكرم)!..
(ربي!.. أقمها وأدمها، واجعلني من خير صالحي أهلها)، ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء﴾.
الاستعاذة..
- يقول تعالى في كتابه الكريم:
﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾؛
- فنحن نقول: "أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم"
فإذن، إن الإنسان عندما يريد أن يقرأ القرآن، أو يقف للصلاة، أو يدفع صدقة؛ عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم.
- فالشيطان عينه على صلاة الإنسان، ولهذا عند المعصومين (عليهم السلام): في روضة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، أو في حائر الإمام الحسين (عليه السلام) يكون للإنسان حالة طيّبة من البكاء والتوسل؛ ولكن بمُجرَّد أن يُكبّر تجفُّ دمعته؛ لأن الشيطان يحوم حوله قائلاً له: أذكر كذا أذكر كذا، ما نسيه يُذكرّه الآن.
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (أن العبد إذا اشتغل بالصلاة جاءه الشيطان وقال له: اذكر كذا اذكر كذا، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى).
السيطرة على الخواطر..
يجب على المصلي أن يحاول السيطرة على أول خاطرة غير إلهية في الصلاة، فرب العالمين يُقبِل على المصلي إذا قال: "اللهُ أكبر"
- لأن ملفه ما زالَ نظيفاً، وعندما يقرأ الحمد والسورة تكون علاقته بالله عز وجل طيّبة والمصالحة موجودة مادام لم يلتفت بعد.
- ولكن في أول التفاتة يراه الله عز وجل مُعرِضاً فيها، فإن هذه المُصالحة تخِفّ تدريجياً، فالتفاتة ثانية إلى من سواه، ثم التفاتة ثالثة إلى الأهل والعيال والمال؛ رب العالمين يُعرِض عنه.
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (إن الله لا يزال مقبلا على العبد ما دام في صلاته، ما لم يحدث أو يلتفت).
- فإن، يجب السيطرة على إلالتفاتة الأولى؛ لانَّ هذه الإلتفاتة توتِّر العلاقة قليلا، ثم الثانية والثالثة؛ فكيف بمن كانت صلاته كلها إلتفاتة إلى غيرِ الله عز وجل؟!..
عدم الاسترسال..
- ليسَ المهم أن تأتي الخاطرة الشيطانية؛ فهذا يأتي قَهراً. ولكن يجب الحذر من متابعة الخيط، فعندما يُذكره الشيطان بأمرٍ مُزعِج مُقلِق عليه أن لا يلتفت.
- ثم يأتيه بفكرة ثانية أيضاً لا يلتفت، وهكذا رابعة وعاشرة لا يلتفت.
- فإن تذكر في الصلاة عشرين موقفاً ملفتاً؛ ولكنه مع كلِّ حركة جاهد فيها نفسه؛ فهو إنسان خاشِع.
عليه أن يقول: يا رب رأيتَ حالي، الشيطان حاولَ معي ولكنّي دفعته.
- فإبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام) جاءه إبليس، والسيدة هاجر جاءها إبليس، وإسماعيل جاءه إبليس؛ ولكنهم رَموه بالحجارة -أي رفضوه- هو حاولَ معهم ولم يفلح. فالشيطان لو حاولَ مع الإنسان ولم يفلح؛ فهذا الإنسان على جادة الأمان.
- إن البعض يتمنى صلاةً لا يُفكر فيها في غير الله عز وجل؛ هذا أمرٌ عسير جداً!..
- ولكن الأمر المعقول هو عدم الاسترسال مع الفكرة، عندئذ بعد أربعين أو خمسين سنة من المجاهدة يمكن أن يصل إلى مرتبةٍ من التكبير إلى التسليم لا يُفكر فيها بغير الله عز وجل؛ بل يصل إلى درجة لا يمكنه التفكير في غيره!..
- فلو أن إنساناً اقترن بملكة جمال الأرض وبجانبها أمةٌ سوداء، هل يُقال له: لا تلتفت إليها؟..
- إنه من الطبيعي مع وجود هذا الجمال البارِع، لا يُمكنه الإلتفات إلى مَن سِواها، هذا في عالم البشر.
- فالإنسان الذي يصل إلى درجة يرى فيها الدنيا وما فيها أمة سوداءٌ ذميمة عجوزة قبيحة ما الذي يُغريه؟..
- ولكن مشكلتنا أننا استبدلنا المواقع، فلو انكشف جمال عالم الغيب للإنسان؛ فإنه لن يرى جمالاً في غيره. هذا القسم خاشع قهراً.
- فإذن، يجب عدم اتباع الخيوط التي يُقدمَّها إبليس.
اغتنام القنوت..
- إن القنوت موضعه في وسط الصلاة، وكأنَّ الله عز وجل يُريد من الإنسان أن يتحدث معه.
- لذا في قنوت الصلاة بإمكان الإنسان أن يطلب حاجته بالاسم:
- فإن كانت والدته مريضة يقول: يا رب والدتي مريضة صُبَّ عليها العافية صبّا، ويذكر اسمها، فلا ضرر في ذلك، فهذا كالاستغفار للمؤمنين في صلاة الليل.
- لذا ينبغي للمؤمن أن يجعل القنوت ذريعة، وليلهج بالمأثور من الدعاء: كدعاء الفرج -مثلاً- وبعد ذلك: إن كان طالباً فليطلب النجاح، وإن كان تاجراً فليطلب الربح، وإن كان سقيماً فليطلب الشفاء، الخ..
- فليجعل الإنسان قنوته عبارة عن حديث العبد مع ربه.
التعقيب..
- إن أنهى الإنسان صلاته في قيلٍ وقال؛ أي بالثرثرة الباطنية -إذ إن بعض الناس ظاهِره صامت ولكنه كثير الكلام مع نفسه، وحديث النفس لا يخلو منه أحد، وإذا ظهرَ للعلن يقال: هذا مريضٌ نفسياً- فليستغفر الله عز وجل من صلاته في التعقيب.
- فلو أن مرجع التقليد جاء زائراً لأحدهم ولم يحسن إكرامه، ولم يقدّم له طعاماً ولا شراباً؛ ألا يقول له ساعة الوداع: بالله عليك إغفر لي تقصيري، ظاهراً استضفتك ولكنني مُقصِّر. أيضاً بالنسبة إلى الصلاة يقول:
(إِلهِي!.. هذِهِ صَلاتِي صَلَّيْتُها لا لِحاجَةٍ مِنْكَ إِلَيْها، وَلا رَغْبةٍ مِنْكَ فِيها، إِلاّ تَعْظِيماً وَطاعَةً وَإِجابَةً لَكَ إِلى ما أَمَرْتَنِي بِهِ. إِلهِي إِنْ كانَ فِيها خَلَلٌ أَوْ نَقْصٌ مِنْ رُكُوعِها أو سُجُودِها فَلا تُؤاخِذْنِي وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِالقَبُولِ وَالغُفْران)!..
- يا رب لا أتوقع القبول، هذه صلاةٌ لا أتوقع منها خيراً، ولكن رجائي أن لا تُعاقبني عليها.
- أوَ لا يُحتمل أنه عندما يقول المصلي: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ أن تقول الملائكة:
- لماذا تكذِب على ربِّك؟..
فـ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ حصراً؛ وأنت عابِد الهوى. وتلهج قائلاً: ﴿َإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ وأنت غير الله تستعينُ؟!..
إتقان السجدة الأخيرة..
- هَب أن الإنسان كان مُعرِضاً عن ربه من تكبيرة الإحرام إلى قُبيل التشهُّد والتسليم، فليجعل خِتام صلاته في السجدة الأخيرة من الفريضة، مناجياً ربه مطيلاً سجوده.
- فهذا آخر اللقاء، عليه أن يصلي صلاة المودِّع.
روي عن رسول الله (صصلى الله عليه وآله) أنه قال:
(إذا صليت صلاة فريضة، فصل لوقتها صلاة مودع، يخاف ألا يعود فيها).
- البعض يعوِّض تقصيره بهذه السجدة، وقد تدمع عينيه ولو بمقدار جناح بعوضة خجلاً من الله عزوجل، واستحياءً من هذه الصلاة!..
- إذ إن البعض يُفكِّر تفكيراً شهوياً في صلاته؛ فما هذه الصلاة؟!..
- لذا عليه أن يتوب إلى الله عز وجل في السجدةِ الأخيرة.
- وبإمكانه أن يقول فيها ما يريد، كأن يقرأ: فقرات من دعاء أبي حمزة، أو فقرات من مناجاة التائبين، أو فقرات من دعاء الحزين، أو آخر دعاء الصباح
(إِلهِي!.. قَلْبِي مَحْجُوبٌ، وَنَفْسِي مَعْيُوبٌ، وَعَقْلِي مَغْلُوبٌ، وَهُوَائِي غالِبٌ، وَطاعَتِي قَلِيلٌ، وَمَعْصِيَتِي كَثِيرٌ، وَلِسانِي مُقِرُّ بِالذُّنُوبِ، فَكَيْفَ حِيلَتِي ياسَتَّارَ العُيُوبِ، وَياعَلامَ الغُيُوبِ، وَياكاشِفَ الكُرُوبِ، إِغْفِر ذُنُوبِي كُلَّها بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، ياغَفّارُ ياغَفّارُ ياغَفّارُ، بِرَحْمَتِكَ ياأَرْحَمَ الرّاحِمِينَ)!..
إتقان التشهُّد والتسليم..
- عندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة، عليه أن يعاتب نفسه قائلاً:
- يا أيتها النفس الأمّارة ما هذه الصلاة؟.. إخشعي على الأقل في هذه الدقيقة الأخيرة من صلاتك.
- والتشهّد والتسليم فيهما صلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله، عليه أن يتقن هذه الصلاة!..
- فذِكرُ النبيّ (صلى الله عليه وآله) يتخلل الأذان والإقامة، والركوع والسجود، والتشهُّد والتسليم؛ أي أن هؤلاء شُفعاء المؤمن في صلاته أيضاً، لذا عندما يصل إلى هذه الفقرة:
(اللهم صلِّ على محمَّد وآلِ محمَّد)!..
عليه أن يتوجه في صلاته، وعندما يقول:
(السلام عليك أيُّها النبيّ) فليتوجه في سلامه.
فصلاته على النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وسلامه على النبيّ (صلى الله عليه وآله) بمجموعهما قد يعوِّض له النقص فيما صلى.