يحكى أن هارون العباسي حج ماشياً ، وإن سبب ذلك أن أخاه موسى الهادي كانت له جارية تسمى
( غادر ) وكانت أحظى الناس عنده ،
وكانت من أحسن الناس وجهاً وغناءاً ، فغنت يوماً وهو مع جلسائه على الشراب ، إذ عرض له سهو وفكر ، وتغير لونه وقطع الشراب ، فقال الجلساء : ما شأنك يا أمير المؤمنين ؟ قال : لقد وقع في قلبي أن جاريتي ( غادر ) يتزوجها أخي هارون من بعدي .
فقالوا : يطيل الله بقاء أمير المؤمنين ، كلنا فداؤه .
فقال : ما يزيل هذا ما في نفسي ....
وأمر بإحضار هارون وعرفه ما خطر بباله ، فاستعطفه وتكلم بما ينبغي أن يتكلم به في تطييب نفسه ، فلم يقنع بذلك وقال : لا بد ان تحلف لي !
قال : لأفعل ، وحلف له بكل يمين يحلف بها الناس من طلاق وعتاق وحج وصدقة وأشياء مؤكدة فسكن . ثم قام ، فدخل على الجارية فأحلفها بمثل ذلك ، ولم يلبث شهراً ثم مات.
فلما أفضت الخلافة إلى هارون ، أرسل إلى الجارية يخطبها ...
فقالت : يا سيدي كيف بايمانك وايماني ؟!!
فقال : أحلف بكل شيء حلفت به من الصدقة والعتق وغيرهما إلا تزوجتك ، فتزوجها وحج ماشياً ليمينه ، وشغف بها أكثر من أخيه حتى كانت تنام فيضجع رأسها في حجره ولا يتحرك حتى تتنبه ، فبينما هي ذات ليلة إذ انتبهت فزعة ...
فقال لها : ما لك ؟!
فقالت : رأيت أخاك في المنام الساعة وهو يقول :
جاورت سكان المقابر
*
أخلفت وعدك بعدما
وغدوت في الحور الغرائر
*
ونسيتني ، وحنثت في
ايمانك الكذب الفواجر الصبا
*
فظللت في أهل البلاد
صدق الذي سماك غادر
*
ونكحت غادرة أخي !
ولا تدر عنك الدوائر
*
لا يهنك الإلف الجديد
وصرت حيث غدوت صائر
*
ولحقت بي قبل الصباح
... والله يا أمير المؤمنين ، فكانها مكتوبة في قلبي ، ما نسيت منها كلمة.
فقال الرشيد : هذه أضغاث أحلام.
فقالت : كلاء والله ما أملك نفسي .... وما زالت ترتعد حتى ماتت بعد ساعة
( غادر ) وكانت أحظى الناس عنده ،
وكانت من أحسن الناس وجهاً وغناءاً ، فغنت يوماً وهو مع جلسائه على الشراب ، إذ عرض له سهو وفكر ، وتغير لونه وقطع الشراب ، فقال الجلساء : ما شأنك يا أمير المؤمنين ؟ قال : لقد وقع في قلبي أن جاريتي ( غادر ) يتزوجها أخي هارون من بعدي .
فقالوا : يطيل الله بقاء أمير المؤمنين ، كلنا فداؤه .
فقال : ما يزيل هذا ما في نفسي ....
وأمر بإحضار هارون وعرفه ما خطر بباله ، فاستعطفه وتكلم بما ينبغي أن يتكلم به في تطييب نفسه ، فلم يقنع بذلك وقال : لا بد ان تحلف لي !
قال : لأفعل ، وحلف له بكل يمين يحلف بها الناس من طلاق وعتاق وحج وصدقة وأشياء مؤكدة فسكن . ثم قام ، فدخل على الجارية فأحلفها بمثل ذلك ، ولم يلبث شهراً ثم مات.
فلما أفضت الخلافة إلى هارون ، أرسل إلى الجارية يخطبها ...
فقالت : يا سيدي كيف بايمانك وايماني ؟!!
فقال : أحلف بكل شيء حلفت به من الصدقة والعتق وغيرهما إلا تزوجتك ، فتزوجها وحج ماشياً ليمينه ، وشغف بها أكثر من أخيه حتى كانت تنام فيضجع رأسها في حجره ولا يتحرك حتى تتنبه ، فبينما هي ذات ليلة إذ انتبهت فزعة ...
فقال لها : ما لك ؟!
فقالت : رأيت أخاك في المنام الساعة وهو يقول :
جاورت سكان المقابر
*
أخلفت وعدك بعدما
وغدوت في الحور الغرائر
*
ونسيتني ، وحنثت في
ايمانك الكذب الفواجر الصبا
*
فظللت في أهل البلاد
صدق الذي سماك غادر
*
ونكحت غادرة أخي !
ولا تدر عنك الدوائر
*
لا يهنك الإلف الجديد
وصرت حيث غدوت صائر
*
ولحقت بي قبل الصباح
... والله يا أمير المؤمنين ، فكانها مكتوبة في قلبي ، ما نسيت منها كلمة.
فقال الرشيد : هذه أضغاث أحلام.
فقالت : كلاء والله ما أملك نفسي .... وما زالت ترتعد حتى ماتت بعد ساعة