تويت
علي عبد الجواد
مما لا شك فيه أن للأطفال حقوقاً تحميهم وتحفظهم من الضياع؛ لما لهم من خصوصية؛ كونهم في بداية نشأتهم، ولمّا يخبروا الحياة بعد، وبناء شخصيتهم لم يكتمل، ثمّ إن بنيتهم الجسمية والعقلية ما زالت في طور النمو تحتاجان إلى رعاية خاصة.لكننا (ونقولها بأسف) نرى الكثير من الأطفال يغزون الأرصفة والشوارع، وعددهم آخذ بالزيادة حتى أصبحوا يتجوّلون بين المحال التجارية والبيوت، يمارسون مجالات مختلفة بين بيع وشراء وتسوّل وعرض خدمات.
وهذا من شأنه أن يعرّض الطفل إلى الانجرار للأفعال السيئة والانخراط في العصابات، وتعاطي الممنوعات أو الاتجار بها، وما يرافق ذلك كلّه من احتيال وسرقة، وقد يصل الأمر إلى ارتكاب الجرائم.
ومَن سَلِم من هذا كلّه فهو لا يسلم من الجهل والتخلّف وسوء الصحة والتربية، ناهيك عن المظهر المثير للشفقة... ومن يتصوّر بأن هذه الحالة توجد في الدول النامية فقط، فهو واهم، بل تشمل كل دول العالم وحتى أكثرها تطوّراً، وقد يكون الدافع هناك الجشع والثراء من ذوي الطبقات المتنفّذة أو الرأسمالية، من غير واعز ديني أو أخلاقي أو إنساني، ولكن في بلداننا الإسلامية المفروض أن يكون هناك تكافل اجتماعي؛ لأن الإسلام ضمن حق الفقير والمحتاج، وأوجب حقوقاً في أموال الأغنياء فضلاً عن أنه واجب على المؤسسات المختصة سواء الحكومية أم غير الحكومية.
باختصار شديد.. تقع المسؤولية على عاتق الجميع، ولا يمكن لأحد أن يتنصّل من هذه المسؤولية، فكم من طفل يمكن استثمار طاقاته الواعدة ليصبح عنصراً مهماً في المجتمع ما لو توفّرت له الإمكانات التي تؤهله ليصبح كذلك، فكم رأينا من أولئك الأطفال يقدح ذهنه بالذكاء وسرعة البديهة واللّباقة في الكلام.
شئنا أم أبينا فهؤلاء الأطفال جزء لا يتجزأ من مجتمعنا، ولا يمكننا النهوض بواقع المجتمع من غير الاهتمام الشديد بهذه الفئة ورعايتها الرعاية اللّائقة بها. فليتكاتف الجميع من أفراد ومؤسسات مدنية وحكومية لانتشال هذه الطبقة من هذا المستنقع لنكون بحق أمة إسلامية يُقتدى بها.
وفي الوقت ذاته لا يمكننا التغافل عن الدور العظيم الذي يقوم به بعض الأفراد والمؤسسات الخيرية من تقديم الخدمات الجليلة لهذه الطبقة، ولكن الأعداد كبيرة لا يمكن لعدد من الجهات تحمّل المسؤولية كاملة وتغطي الجميع، إذ لا بد من أن تكون الحملة أوسع بكثير حتى تشمل الجميع، فهي مسؤولية الجميع.