إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكفيل 900(الإمام الباقر (عليه السلام) والمنهج التربوي)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكفيل 900(الإمام الباقر (عليه السلام) والمنهج التربوي)

    الشيخ حسين التميمي

    بما أن أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) هي العلوم التي نستقي منها طريق الإصلاح والحق والنجاة، وخاصة عند مَن بقر العلم بقراً، فسُمّي بالباقر (عليه السلام)، فمن أعظم سماته هو اختصاصه بإظهار المكنون من علم الله تعالى المخزون في حواضر عرش الله سبحانه وإظهار دواخله، ليتسنى للمجتمع الإنساني أن يطبق سنن الوصايا على أرض الواقع، لذلك سماه رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) بالباقر.
    وما أحوجنا اليوم إلى أن نستقرئ مدرسة الإمام الباقر (عليه السلام) من بعض نواحيها العلمية والأخلاقية.. ونحث أنفسنا على الدروس والقيم الكبرى ونقف عندها لكي نطبقها ونتحلى بها، ونجعل من عظيم الموروث الروائي منهجاً مدرسياً للارتقاء والنهوض بالواقع الدراسي التربوي، ولا نتأثر بما هو موجود من ثقافة دخيلة وأفكار غريبة تريد النيل من الفكر الشبابي، وتحاول قتل حالة الحيوية والنشاط المتمركز في المنهج المحمدي الأصيل.
    ولذا نجد في روايات وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) -لو صُبّ جُلّ الاهتمام بها- إحدى الطرق المؤثرة والمثمرة جداً في تغيير معطيات الجيل المعاصر، حيث مع الشرح وقراءة الحديث سيظهر لهم التأثير المباشر، وسيتعايشون مع قول الإمام من حيث كونه توصية وتوجيهات للأُمة.
    والمطلوب اختيار بعض الروايات الشريفة من قبل المربي أو الأُستاذ ليُسمعها إلى المتلقي من الطلبة الحاضرين لكي يحصل التفاعل مع معالم الأثر للمعصوم (عليه السلام)، وتتكون هناك جملة من المعارف تقوي الأصل العقدي، ويتعرف على الأصل العملي الذي أراد المعصوم إيصاله للأُمة.
    ونعطي بعض النماذج الباقرية التي تحتوي على أهم المحطات التربوية التي تتأصل في فكر الطلاب وترفدهم بالقيم الأصيلة، حتى يتسنى لهم تكوين أفكار علمية وعملية تترجم إلى أرض الواقع الذي يتطلب اليوم مجهودات ذهنية متزامنة ومتواكبة مع متطلبات المستقبل للتصدي لأنواع الشبهات الثقافية المختلفة.. وهي كالآتي:
    1- قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً[1])
    قال (عليه السلام): «الغرفة: هي الجنة، وهي جزاء لهم بما صبروا على الفقر في الدنيا» [2]، فتوجيه الإمام الباقر (عليه السلام) هذا توجيهٌ في الجانب الاجتماعي المعاصر لكل زمان، يحاكي الحالة المتعسرة في المجتمع ويدفع شبهة (الفقر عيب) التي تسبب التنافر بين الأجيال.
    2- وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللّـهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ[3].. سأل سالم الإمام الباقر (عليه السلام) عن هذه الآية، فقال (عليه السلام): «السابق بالخيرات: الإمام، والمقتصد: العارف للإمام، والظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام» [4] وهنا تتكون إضافة ثقافية مميزة فيها معارف عقائدية، مثل أصل الإمامة، وهو أمر ضروري في فكر الإنسان للمعرفة وللدفاع عن عقيدته.
    3- وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ[5]
    قال الباقر (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) المتوسم، وأنا من بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون» [6]، ففي هذا الحديث الشريف عدة دلالات وجوانب مهمة تدل على التخلق بأخلاق أهل البيت (عليهم السلام)، وعلى فضل وثواب التبسم في وجوه المؤمنين، الذي هو بحد ذاته صدقة جارية، ونوع من رحابة وسعة الصدر عند الإنسان، وفي هذه الآية والرواية منحى ثقافي أخلاقي للأجيال، وتكوين أواصر الحب والتعاون والترابط الوثيق من خلال ما وضعه الإمام الباقر (عليه السلام) من موروث قيمي في وقت ذهبي، وهي فرصة التناحر بين الأمويين والمروانيين والعباسيين.


    [1]- الفرقان: الآية 75
    [2]- البداية والنهاية: 9/301
    [3]- فاطر: الآية 32
    [4]- الكافي:1/214
    [5]- الحجر: الآية 75
    [6]- الكافي: 1/219

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X