بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
روى الحميري عن محمّد بن سعيد مولى لولد جعفر بن محمد قال: قَدُمَ عمر بن الفرج المرخجي المدينة حاجّا بعد مضي أبي جعفر 1عليه السّلام فأحضر جماعة من أهل المدينة و المخالفين و المعاندين لأهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال لهم: ابغوا لي رجلا من أهل الأدب و القرآن و العلم لا يوالي أهل هذا البيت لأضمّه الى هذا الغلام 3 و أوكله بتعليمه و أتقدّم إليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه و يمسونه.
فسمّوا له رجلا من أهل الأدب يكنى أبا عبد اللّه و يعرف بالجنيدي متقدما عند أهل المدينة في الأدب و الفهم ظاهر الغضب و العداوة فأحضره عمر بن الفرج و أسنى له الجاري من مال السلطان و تقدّم إليه بما أراد و عرّفه ان السلطان أمره باختيار مثله و توكيله بهذا الغلام.
قال: فكان الجنيدي يلزم أبا الحسن في القصر بصَرْيَا فاذا كان الليل أغلق الباب و أقفله و أخذ المفاتيح إليه.
فمكث على هذا مدّة و انقطعت الشيعة عنه و عن الاستماع منه و القراءة عليه. ثم اني لقيته في يوم جمعة فسلّمت عليه و قلت له: ما قال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه؟
فقال- منكرا عليّ-: تقول الغلام، و لا نقول الشيخ الهاشمي؟! انشدك اللّه هل تعلم بالمدينة أعلم مني؟
قلت: لا.
قال: فاني و اللّه أذكر له الحزب من الأدب أظنّ اني قد بالغت فيه فيملي عليّ بابا فيه استفيده منه. و يظنّ الناس اني أعلّمه، و أنا و اللّه أتعلم منه.
قال: فتجاوزت عن كلامه هذا كأني ما سمعته منه، ثم لقيته بعد ذلك فسلّمت عليه و سألته عن خبره و حاله ثم قلت: ما حال الفتى الهاشمي؟
فقال لي: دع هذا القول عنك. هذا و اللّه خير أهل الأرض و أفضل من خلق اللّه. انّه لربّما همّ بالدخول فأقول له: تنظر حتى تقرأ عشرك. فيقول لي: أي السور تحبّ أن أقرأها؟ انا أذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ إليه فيهذها بقراءة لم أسمع أصحّ منها من أحد قط و جزم أطيب من مزامير داود النبي عليه السّلام الذي إليها من قراءته يضرب المثل.
قال: ثم قال: هذا مات أبوه بالعراق و هو صغير بالمدينة و نشأ بين هذه الجواري السود، فمن أين علم هذا؟
قال: ثم ما مرت به الأيام و الليالي حتى لقيته فوجدته قد قال بإمامته و عرف الحق و قال به
1 (الإمام الجواد عليه السلام )
المصدر
اثبات الوصية : 230 ، لعلي بن الحسين المسعودي ، المتوفى سنة 346 هجرية ، طبعة سنة : 1426 هجرية ، قم / إيران
تعليق