بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهم صلّ على محمد وآل محمد
((أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبي المرسل))..
هذه الفقرة الشريفة هي مقطع من زيارة مولانا أبي الفضل العباس عليه السلام الواردة عن الامام الصادق عليه السلام..
عندما نذكر اسم المولى العباس عليه السلام تقفز في أذهاننا صفاته العظيمة التي جسّدها يوم الطف الخالد، بل انّ معركة الطف وما جرى فيها تقفز الى أذهاننا بمجرد ذكر اسمه الشريف..
فاسم العباس عليه السلام يعني البطولة والبسالة والتفاني والايثار والتسليم والوفاء، فهذه الصفات من النادر أن تتواجد كلّها في شخص واحد، وقد تواجدت في شخص المولى عليه السلام..
فقد جسّد سلام الله عليه هذه الصفات بأروع صورها.. ومنها تجسيده للتضحية باسمى معانيها، فهي ليست أية تضحية، بل هي تضحية في سبيل الحق، في سبيل إرساء قواعد الإسلام الصحيح المتمثّل بطاعة الامام الذي هو عدل القرآن الكريم وهو الثقل الثاني الواجب اتخاذه مع الثقل الأول وهو القرآن الكريم الى يوم القيامة، فهما لن يفترقا أبداً كما عبّر عنهما الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله حتى يردا عليه الحوض..
وكلّ هذا لا يأتي إلا إذا كان المولى أبي الفضل عليه السلام معتقداً ومطيعاً ومسلّماً بما يقدم عليه، وهذا التسليم إنّما تربّى عليه منذ نعومة أظفاره على يد أبيه سيد الأوصياء عليه السلام -فقد أُعدّ إعداداً نفسياً وجسدياً لمثل هذا اليوم، فانّ أمير المؤمنين عليه السلام قد طلب ذلك منذ أن أراد أن يتزوّج بعد الزهراء عليها السلام حينما طلب من أخيه عقيل أن يجد له امرأة قد ولدتها الفحول، وما ذلك إلا لتلد له ولداً يكون بحق خير الناصر والمدافع- وإمتثالاً لأمر الله تعالى حينما قرن طاعة أولي الأمر بطاعته تعالى، وهو يعلم عليه السلام تمام العلم من هم المقصودون؟! فهو يعلم انّ الامام عليه السلام هو خليفة الله تعالى على أرضه..
لذلك يرى انّ الواجب يفرض عليه أن يضحي بنفسه ويبذلها رخيصة في سبيل إمام زمانه، وليس الأمر كما يتصوّره البعض بأنّها حمية العلقة الأخوية التي تجمعه بالامام الحسين عليه السلام!!
كلا وألف كلا.. فليس هذا نهج المولى عليه السلام، وإنّما كانت تضحيته في سبيل الله تعالى ولوجهه الكريم..
ونرى ذلك جلياً في كلام الأئمة عليهم السلام عندما يشيدون بمواقفه الشريفة، وهذه الزيارة إحداها، ويكفيه فخراً بأنّه يُعد الرجل الثاني في جيش الامام الحسين عليه السلام، وأنّه حامل لوائه..
ويدلّ عليه قول الامام الحسين عليه السلام في حقّه عندما وقف على جسده الشريف وهو يقول: ((الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي))، فهذا كلام عظيم من سيد الشهداء، ولم يقله في حق أي أحد من أصحابه إلا له، وما هذا إلا لمكانة العباس عليه السلام عنده، فالامام قد خبر اخلاصه ووفائه وهو بحق مصداق لقوله تعالى ((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)) (الأحزاب: 23)، فنعم الوفاء من صاحب الوفاء بما عاهد وصدق ووفى..
لذلك فنحن في زيارتنا للمولى عليه السلام نشهد له بالوفاء والإخلاص والتسليم لأمر الله تعالى بطاعة خليفته على أرضه..
تعليق