تويت
ظاهرة بل قاعدة منح العطاء الكثير والثواب الجزيل مقابل عبادات وأعمال بسيطة هي من الثوابت الإسلامية التي لها أصول تشريعية وعقائدية واضح ومسلّمة ، وكذا مصاديقها وتفاصيلها واضحة ومذكورة في النص الشرعي ( قرآن وسنة ) ، قال تعالى ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ ) ..
ولا ينبغي أن نحصر الأمر بالكرم والعطاء الإلهي الذي نفهمه من الكرم بعنوانه الظاهري ، وإنما ثمّة سبب آخر أكثر وعياً لعطاء الله وأبلغ موعظة وتربية ودافعاً لنا .. نقرره بالتالي :
هنالك ما يسمى في علم التنمية البشرية بـ ( تراكم المكاسب الهامشية ) ، ويريدون به أن بعض الأعمال الصغيرة التي نستهين بها لها مردودات كبيرة ما لو اجتمعت وتراكمت ، فأحدنا يتململ من القراءة والمطالعة المطوّلة رغم أمنيّته بأن يكون مثقفاً وقارئاً ومكثراً لقراءة الكتب ، ولكن ماذا يفعل لضيق نفسه من القراءة ..! يأتي قانون ( تراكم المكاسب الهامشية ) ويقول له : بدلاً من ترك القراءة ، يمكنك قراءة ورقتين او ثلاثة في اليوم فقط وانصرف الى باقي انشغالاتك .. وما ان تنتهي السنة ستجد نفسك قد قرأت ما يناهز العشرة كتب ..
وكذا فيما يتعلق ببعض عاداتنا وطبائعنا ، فلو عمدنا الى مقاومة تغيير بعض الاخطاء البسيطة في شخصيتنا وركزنا عليها دون غيرها ، فبعد طول مدة نجد أن عوائد هذا التغيير البسيط عظيمة ، كترك الجدال مثلاً في أي مسألة حتى لو كنا نحن على حق بها ، او ترك التسرع في اعطاء الجواب والقرار ببعض الأمور .. وهكذا
وكذلك فيما يتعلّق بعباداتنا ومعاملاتنا الشرعية ، فبعض الأفعال والتروك بسيطة جداً ، لو استطعنا المداومة عليها لكانت نتائجها كبيرة.. ماذا لو التزمنا باداء الصلاة في أوقاتها فقط.. ماذا تتوقع ان يعطينا هذا العمل البسيط في حياتنا وسائر تروكنا وأفعالنا ..
بهذا المعنى يمكننا أن نفهم قانون ( يامن يعطي الكثير بالقليل ) الوارد في بعض ادعية رجب الأصب ، فالله تعالى يدلنا على حقيقية كونية قد يصوغها كل علم بصياغته الخاصة به .. وبالتالي فإن ( القليل) عند تراكمه والمداومة عليه يكون ( كثيراً ) ، فيكون الله تعالى قد أعطانا الكثير بالكثير ..
قال تعالى : مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ( البقرة ٢٦١ )
تعليق