تتميز شعرية المشهد بتقديم التفاصيل السردية للتركيز على مرجعية الحدث نفسه، وعلى الرموز التي تمثل قيمة ولاء الشاعر ورؤاه وإنسانيته وإيمانه وشاعريته، ويعني أن الشاعر يمتلك مساحة وجدانية قادرة على توليد طاقة جمالية لها وهج شعوري، بعوالم إبداعية، وخبرات شاعر يصهر حيثيات الواقع التاريخي بالوجداني، مع تأثيرات الواقع المعاش ومؤثراته النفسية، ليكون حضورا معبرا، والشاعر السعودي (حسين حسن آل جامع) هو أحد شعراء مهرجان مسابقة الجود الشعري الرابعة، قدم مجموعته الشعرية (بسملة في سورة العشق) ارتكز فيها على وضوح التعبير، ومباشرة الخطاب، وتقنية بلاغية عالية، مع امكانية تخصيب المشهد التصويري لاستخدامه أساليب تدوينية عدة، منها: شعرية التعريف، إذ يعرفنا برموزه وأحداثه من خلال سير القصيدة، ويستخدم آليات تقوده الى تفاصيل واقعية ومتخيلة بتعاشق جميل بين الحدث التأريخي والمروي الغيبي، وكل ما في الوجود قابل للاستقبال الشعري لدى هذا الكل من الأساليب حضور مثل شعرية الصورة:
(فقبيل يرف اثر قبيل * يتهادى يطوي الفضا ويجوب
هبطت تحتفي بخير وليد * كل خير لقدسه منسوب)
يحرث الشاعر في مشهديته، ليمنحنا زمانية ومكانية كل حدث، وموائمة كل معانيه، ليعيش في روح التلقي قوة يقينية، يستمدها من جماهيرية ومعلومية الحدث والرمز، بما تكشف نصوصه الشعرية عن تراكيب حداثية:
(قرآن فجرك في أم القرى ابتسما * وخاتم الوحي في أكنافها وُسما
وغيث لطفك قد طافت غمائمه * فشام في الأفق عشقا للهدى فهمى) ص47
شعرية المشهد تقوم على معاينة الأشياء، وتحويل سردية التاريخي إلى صور علمية تمر على ذهنية المتلقي؛ لتكون قرينة الموقف الانتمائي. هناك سعي لتأسيس مجموعة من المقاربات الدلالية، لاستنطاق المعنى والدلالة عبر مجموعة من الأساليب الشعرية، منها: شعرية التكرار لبناء المشهدية، وتنامي الدخول إلى عوالم النص التاريخي:
(هي لطف من الجنان تجلى * هي صبح على الوجود أطلا
هي منظومة القداسة حقا * صاغها من سناه عـــزّ وجلا
هي روح النبي مابين جنبيـ * ـــــه وميراثه الذي ليس يبلى) ص358
صور تنهض في القصائد على بنى استعمارية وكنائية، ومناحي تصويرية مفعمة بالحركة، ونجد أيضاً هناك قصائد ارتكزت على المنحى اللغوي والخطابي، فنرى في الشاعر (آل جامع) شاعراً منبرياً له سمات الخطابة، وأخرى نجده شاعراً مشهدياً، يتوسم سطوته التراثية، يبني عليها مراسٍ شعرية مؤمنة.
أعجبني
تعليق
تعليق