تويت
كربلائيات
من خلال قراءة واقعة الطف وتاريخ كربلاء وجدت ثمة إرتكاز ملحوظ على العشيرة فلا يُقال حبيب بن مظاهر الا وقيل الأسدي، والحر بن يزيد الرياحي... فأجابني الجد: وحتى سيد الشهداء عليه السلام يا ولدي قد ركز على هذه الموضوعة إذ ذكّرهم بالواعز النسبي (... وارجعوا الى احسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون) وهذه القضية واسعة النقاش عندنا، فلدينا شهداء مختصون بالبحث عن العوائل المشهورة في كربلاء......
أجابني أحد الشهداء وقد لاحظت اهتمامه لأن هذه الموضوعة أثارت فيه روح الحماس، فقال: هل تعلم أن مجتمع كربلاء كان يزدهي بالكثير من البيوت العلمية والفكرية والثقافية والتي تعدّ من ضمن المكونات الأساس لهذا المجتمع، وكل أسرة من هذه الأسر تحتفظ بتأريخ إنتمائها لكربلاء وبعض مشاهير علمائها. ولو تقرأ تاريخ كربلاء للباحث سلمان هادي آل طعمه لتجد مثلا إن اسرة آل الاسترابادي استوطنوا كربلاء في القرن الثالث الهجري.
وعقب الشيخ الشهيد: (لا يمكن أن نذكر هذه الأسرة دون ان نمر على عالمها الجليل السيد مصطفى السيد حسين، والعلامة الخطيب السيد حسن وأولاده. ووجه لي أحد الشهداء سؤالا محرجا وقال: لأن موضوعة الانساب موضوعة عربية صرفة، وتعد علما من العلوم التي يفتخر بها العرب، فهل تناسيتم هذا الموضوع المهم وتناسيتموه تماماً؟
فقلت ليس الأمر بهذا المعنى يا سيدي الشهيد، لكن هذا الموضوع أصبح من اختصاصات علمية معينه له علماؤه وروّاده ومحبوه، ولم يكتفِ بهذا القول وانما سألني هل قرأت مثلا عن آل الامير السيد علي الكبير؟ فقلت: أعتقد إنه ابن السيد منصور الذي دخل كربلاء وسكن فيها في القرن الثامن عشر الهجري. فعقب شهيد آخر: وينتهي نسب هذه الأسرة الى زيد الشهيد (ع) ومنها تفرعت عوائل كثيرة منها عائلة العلامة السيد محمد علي هبة الدين الحسيني والمشهور بالشهرستاني. إلتفت الى جدي لأتأكد من معلومتي: أليس هو صاحب كتاب نهضة الحسين عليه السلام؟ فقال: نعم، وله كتاب الهيئة والاسلام وجبل قاف...
وعقب شهيد آخر: والدلائل والمسائل، وكتاب ما هو نهج البلاغة... ثم قال أحد الشهداء: وهو صاحب أول مجلة عربية عراقية وهي مجلة العلم. فعقب الشيخ الوقور صديق جدي الذي أحس نحوه بألفة كبيرة: يا ولدي إن السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني هو أحد رجالات الثورة العراقية، وعُيّن وزيرا لوزارة المعارف العراقية في وزارة عبد الرحمن النقيب الثانية وذلك عام 1921م وكان عالما جليلا وشاعرا مبدعا. فعاد الشهيد الشاب ليسألني: وآل البحراني؟
قلت مع نفسي: عجيب أمر هذا الفتى الشهيد هو متحمس لجميع الأسر الكربلائية حتى أيقنت أنه ينتمي إليها كلها... واستدرك جدي الموضوع قائلاً: إنه يعرفهم خير معرفة، فقد نشأ وترعرع بينهم، وقد زادني كلام الجد ثقة وقلت: هم من ذرية السيد إبراهيم المجاب ويُنسبون الى السيد عبد الله البلادي البحراني المدفون في بهبهان، وأبرز علمائهم السيد عبد الله السيد محمد وابنه السيد محسن، وأعقبه ولد السيد العالم الجليل محمد طاهر البحراني. وقد كتب سلمان هادي آل طعمه في تراث كربلاء بأنه: أعقب أربعة هم السيد محمد علي، والسيد عماد الدين وكانا يقيمان الصلاة في الصحن الحسيني، والسيد علاء، والسيد محمد باقر المهندس (جمال)، ولم يذكر خامسهم السيد محمد مهدي مدير فندقة وسياحة كربلاء الأسبق.....
وقال الشيخ الشهيد صديق جدي: وهناك أسرة آل البهبهاني ويرجع نسبها الى الإمام موسى الكاظم عليه السلام ومن أعلامهم السيد حسين السيد إبراهيم الموسوي (قُتل في المدينة المنورة) كان من أعلام كربلاء يقيم الجماعة في مسجده المعروف باسمه عند باب صحن العباس.
أكمل شهيد آخر: وهناك أسرة عريقة من أسر كربلاء وهي آل الحكيم استوطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري، امتهنت الطب، واشتهر منها السيد مهدي السيد خليل وهو من سلالة السيد عبد الله بن الكاظم (ع).
أدهشني الموقف تماما حينما رأيت إن قضية الأسر الكربلائية تعد من المواضيع الحيوية والتي ترتبط عندهم بالولاء الكربلائي. ومثل هذا الوعي الفاصل ما بين اليقظة والموت زرع فيّ العديد من المخاوف، فصرت أشعر بأن أسئلة بعض الشهداء الشباب إختبارية تريد معرفة: هل ما زلنا نحتفظ بتواريخ إنسانيتنا وقد يكون لموضوعة الأسر الكربلائية شأن آخر لا أفهمه ولا أعرف مغزاه وزاد فضولي لمعرفة تلك الأسر الكربلائية، إستفزني سؤال احدهم: وآل الخطيب؟
قلت: يا سيدي العزيز أنا لا أخفيك أمري فلستُ باحثا بالأنساب وما قرأته من مصادر قليلة، ولكني أعتقد إن آل الخطيب يعودون لعشيرة (جشعم) استوطنوا كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري. وذكر المؤلف سلمان هادي آل طعمه من نوابغهم الشيخ عبد الحسين الخطيب، والدكتور حسن الشيخ محمد وكان قاضيا في البصرة، والدكتور محمد سعيد، والمحاميين صادق ومحمد رضا. فقال الشهيد الشاب: ومن سكنة القرن الثاني عشر الهجري في كربلاء أيضا أسرة آل خير الدين. قلت: لم أقرأ عنهم شيئا وقد لا أتذكر ما قرأته... فأتم الحديث وقال: يرجع نسب هذه الأسرة الى موسى الكاظم (ع) ومن أعلامها السيد محمد علي، والسيد نوازشي، وابنه السيد حسين، وابنه السيد محمد من علماء كربلاء، وكان يقيم الجماعة في صحن العباس(ع).
أعجبني
تعليق
تعليق