إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قراءة في كتاب المراقد والمقامات في كربلاء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قراءة في كتاب المراقد والمقامات في كربلاء


    للباحث الحاج عبد الأمير القريشي
    ج2
    نقف عند مفردة (اقول) في موضوعة المخيم الحسيني حيث يرى الباحث ان المخيم في موضعه الحالي أو يبعد عنه بقليل... وهذا استدلال استنتاجي لعدم تكافؤ الجيشين من حيث العدة والعدد، وهذا اللا تكافؤ لايحتاج الى ميدان قتال يبعد بالأميال، وتوصل عبر تلك الاستدلالات الى ان الحسين عليه السلام نصب خيامه في غير الموقع الحالي، ثم نقلها الى حيث مكانها الآن. ومثل هذا البحث والتقصي يمنح المتلقي فسحة التأمل، ويضمن مشاركته الوجدانية، وترسيخ المعلومة لديه، ثم أجد ان مثل هذا التمحيص يعبر عن ثراء ثقافي يمنحنا فضاء واسعا من الثقافة والمتعة والادراك، وترجيح الموقع الحالي للمخيم جاء على عدة اسس مرتكزة على حيثيات المقتل الحسيني الواقعة، واصبحت الاراء تكمن خلف مفردات معلومة؛ إما منفصلة كعنوان مستقل تحت يافطة رأي، أو متصلة بمعناها الحرفي (أرى ـ اجد ـ ولنا رأي).
    ومهما كان الأمر فهناك عملية خلق وتكوين؛ يقول الباحث نجد ان الرواية المذكورة برؤية الحجة (عج) يصلي في موقع المقام، بأنها رواية ضعيفة، لايمكن الاعتماد عليها، ولم يجد الباحث في بطون الكتب سندا لها... ويؤيد ما ذهب اليه المؤرخ السيد سلمان هادي آل طعمة، ودوّن احتمالا افتراضيا؛ إذ يرى ان فكرة انشاء المقام بالقرب من النهر جاءت من منطلق تأصيل فكرة القيام بالثأر لجده الحسين عليه السلام... ويذهب الرأي احيانا عند الباحث الحاج عبد الامير القريشي الى الاعتراض بقوة حول اساليب الانكار المعتمدة على انشائيات الكثير من التدوينات الارتزاقية، فقد عمل البعض لانكار موقع المخيم الحسيني، وموقع تل الزينبية، ومواقع أخر مهمة في تأريخ كربلاء، كما وجدناه يعبر عن عمل تهديم مرقد الحر، بأنه خطوة غير مدروسة، وغير مقبولة، لكونها تمثل ضياع آثار وتراث مرقد الحر عليه السلام.
    ونجد ان قيمة البحث الحقيقية تتمثل برصيدها المعرفي في تراث الطف، وساهمت محاور المقاتل باخراجها من مناطق الاجترار الى فسحة من المعطيات التأملية؛ إذ حاول الباحث الاشتغال على العديد من الوقفات، وفرز بؤر الاشتباهات وردها، وبعض المناقشات والتعليقات التي رافقت من قيم التجاذب، وأعطت دلالات موضوعية واعية؛ اذ لاحظنا وجود ثلاث وقفات، الأولى: تمحورت حول موقف الحر بن يزيد الرياحي؛ إذ يرى البعض ان قبول الحسين بتوبة الحر كان ظاهريا، لمتطلبات الظرف، ولا يعتبر قبوله عندهم بالدرجة الرفيعة.
    ويرى الحاج القريشي ان هذا الرأي غير مقبول، ولا يتناسب مع مكانة الحسين عليه السلام وأخلاقه التي تأبى إلا العفو عن المسيء، فكيف بالذي بذل نفسه من اجل دين الله، وخير دليل لقبول التوبة هو وقوف الحسين عليه السلام لتأبينه: (انت حر كما سمتك امك الحر، حر في الدنيا وسعيد في الآخرة). واعتقد ان الوقوف امام هذه الوقفات تعني البحث في بنية البحث، وتحديد ماهية هذه الوقفات.
    الوقفة الثانية: كانت امام مقام الحسين عليه السلام مع عمر بن سعد؛ إذ ركز الباحث على الأساليب الماكرة والمخادعة لقادة السلب، ليكشف افتراء ابن سعد في كتابه الى ابن مرجانة، ادعى فيه ان الحسين (ع) يقول: (اذهب بي الى يزيد لأضع يدي في يده) وحتى ابن سعد نفسه لم يصدق روايته وقال: (والله لايستسلم حسين فان نفسا أبية بين جنبيه) وسبب الافتراء كان خدعة اراد بها التخلص من القتال، ونيل امارة الري دون حرب.
    ويذهب الحاج القريشي ليستدل بخمسة شواهد، تفضح التزوير، كما راح يبحث عن مرادفات عملها ابن سعد. وفي وقفة اخرى تحدث الباحث عن خوارق النبوءات، وبعدها سعى الى التماس الأسس المقبولة في تبني الحقائق والتي هي عبارة عن تصورات ومفاهيم تهذب الشوائب، وتعزز الفعل القرائي عبر اجراءات مؤثرة تحت عناوين ثابتة مثل (اشتباه) يكشف عن حالة رأي السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية، عندما نسب ابراهيم المجاب بن محمد العابد الى الامام موسى بن جعفر مباشرة، وقال انه ابراهيم صاحب أبي السرايا. ووقع المامقاني في نفس الوهم بقوله: صرح علماء الانساب ان للكاظم ولدين مسمين بـ(ابراهيم الاكبر ـ ابراهيم الاصغر). وفي عمدة الطالب عد من ذريته الرضي والمرتضى علم الهدى، وكذلك المامقاني، والضريح الموجود في الحضرة الحسينية يعود لإبراهيم المجاب بن محمد العابد بن الامام موسى بن جعفر الكاظم.
    واستطاع الحاج عبد الامير القريشي ان يخلق التنويع المناسب بواسطة تعقيباته المهمة، والتي تكشف عن بعض الاشتباهات، مما منح البحث آفاقا متنوعة عن الاشتباه الحاصل في أسم أبن الحمزة، فجاء في الوسيلة الحسن بن محمد بن الحمزة، وجاء في رجال أبي علي أن أسمه الحسن، فيما ذكره السيد الخوئي (قدس سره) علي بن حمزة بن حسن الطوسي. وهناك وهم آخر إذ يرى البعض أنه أبو يعلي المدفون قرب الحلة، والمنسوب في هذا القبر أبنه، وهو لم يعقب. نجد أن السيد الباحث لم يترك في هذه الأمور شاردة أو واردة دون تعقيب، فكان الشاهد والدليل قبل الباحث والمؤرخ، وهذا ما نحتاجه أمام موروث تدويني حمل الكثير من التمويهات والاشتباهات، كما الاشتباه المحير في عائدية مشهد عون بن عبد الله بن جعفر الطيار بن زينب عليها السلام، والتبرير أن خاله الحسين عليه السلام كان قد أرسله الى استشارة المسيب بن نجبة، بينما عون مدفون في الحائر الحسيني مع الشهداء، وأنما صاحب المرقد هو كما يرى الباحث هو عون بن عبد الله بن جعفر يصل نسبه الى الحسن المثنى بن الحسن السبط، ومثل هذه الفجوات تعطينا الإنطباع المناسب عن مكابدات الباحثين مع الموروث، وصعوبة المهمة البحثية في مواجهة بعض الشبهات المبثوثة في هذا الموضوع أو ذاك، رد شبهة التصوف التي سعى لها الباحث القريشي عن الشيخ أحمد بن فهد الحلي، دفن كما تطرق، اشتباه ثانٍ خلط بين شخصية الشيخ الاحسائي وأبن فهد الحلي، علماً أن الحلي دفن في الحائر الاحسائي في الحلة.
    ونجد أن ترسيخ الواقع التاريخي لهويته الحقيقية لا يكون واضحاً إلا من خلال تركيز أنشطة عقلية تدخل مساحة التدوين التاريخي لترسم ملامح موقف يعمل لتشذيب هذا الموروث وتقديمه للناس بصدق بحثي ذي قيمة، والصدق معنى لتقديم الواقع عبر أسئله بحثية مدركة، هل سحقت الخيل صدر الحسين (ع)؟ يقر بما توصل اليه الكتاب والمعارضون من تحقيق عملية سحق الجسد، لكنه يعارض بعض التشويهات التي دست في مخيلة البعض كحضور الإمام علي بهيئة أسد، يحمي الجثث، ونحن نرى أن ثمة خارقة حدثت فليس هناك مصدر واحد في الموروث العالمي كله يشير الى تجاوز ضواري الصحراء، ونتأمل الموقف اجسادا مذبوحة، تُترك لمدة ثلاثة أيام في صحراء دون أن يمسها ضرر، ووجدت الأجساد لكنها دفنت ويعني أنها سلمت.
    يحفل المشهد البحثي بالكثير الذي تعج به مكتباتنا، وتشعبت العناوين، وتنوعت المواضيع، حتى بات من الصعب العثور على منطقة لم تنل ما تستحقه من التدوين بقدر المراقد والمقامات، لكون هذه الموضوعة تنتمي الى المكان، والمكان عرضة للتغير الشكلي العمراني، واحتلال العراق من قبل سلطة غاشمة لعدة عقود زمانية، أهملت هذا النتاج الانساني المقدس، إرثاً حضارياً تحافظ عليه الشعوب بل تفتخر به.
    المهم إن هذا الانقطاع ترك مساحة اشتغال واسعة، وخاصة أن تغييراً شاملاً حصل لمعظم هذه المراقد والمقامات خلال هذه العقود، وبعد مرحلة الخلاصة كانت هناك الكثير من المحاولات التدوينية التي حظيت بهذه المساحة، لكنها توزعت جسد المواقع والصحف، وقضية أن تجمع في كتاب يعتبر كمعطى واع ٍ وجهد يمنح التميز والاسلوب الذي اشتغل عليه مسعاه البحثي، توزع الى أكثر من موضوع، فهو درس الشخصيات، ومن ثم اهتم بوصف المكان وتاريخ عمرانه كي يكون المكان حاضراً في فضاء النص التدويني، ويؤدي في كل الأحوال الى تكوينات زمانية ليتابع شخوصه التاريخية كشخصية حبيب بن مظاهر الأسدي، تاريخه الاسلامي ودوره في واقعة الطف، واستشهاده.
    وهكذا استحضر شخصية الحر بن يزيد الرياحي وتاريخ السيد إبراهيم بن المجاب، وأسباب اللقب بالمجاب، وتاريخ الإمام نوح أبو أيوب نوح بن دراج القاضي، وقد حكم ثلاثة أعوام وهو ضرير، وتاريخ عماد الدين بن الحمزة الطوسي، وعون بن عبد الله الحسني، والعلامة أحمد بن فهد الحلي، والأخرس بن الإمام الكاظم عليه السلام، وجميع هذه الشخوص تنتمي الى عوالم المكان بها عمق إحساس التلقي، ومنها انطلق الى خاصية المكان، فقدم تفصيلات وصفية، وتواريخ كونت المتن النصي، وقدم وعياً لبحث له الكثير من الفرادة والتميز.
    أعجبني
    تعليق​

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    مأجورين

    ​​​​​​​​

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X