🌷
قال الإمام الصادق «عليه السلام» للمفضل بن عمر الجعفي حينما دخل عليهما الإمام الكاظم «عليه السلام»:
(اِسْتَوْصِ بِهِ، وَضَعْ أَمْرَهُ عِنْدَ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِكَ)(1)
«««««««««««»»»»»»»»»
الحديث عن إمامة الإمام موسى بن جعفر «عليه السلام» يحتاج الى بحوث ثلاثة:-
البحث الأول: النصوص التي دلت على إمامته:
إن الحديث عن إمامة الإمام الكاظم «عليه السلام» هو حديثٌ مفروغ عنه لأن إمامته «عليه السلام» لم تكن حديثة عهد بل هو أمام معصوم مفترض الطاعة قبل أن يولد وهذا ما أشارت اليه النصوص الكثيرة وأليك بعضاً منها:
أولاً: روى مُعَاذُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: (قُلْتُ أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي رَزَقَ أَبَاكَ مِنْكَ هَذِهِ اَلْمَنْزِلَةَ أَنْ يَرْزُقَكَ مِنْ عَقِبِكَ قَبْلَ اَلْمَمَاتِ مِثْلَهَا فَقَالَ: قَدْ فَعَلَ اَللَّهُ ذَلِكَ قُلْتُ: مَنْ هُوَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَشَارَ إِلَى اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ وَهُوَ رَاقِدٌ قَالَ هَذَا اَلرَّاقِدُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ).(2)
ثانياً: روى عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ اَلْحَجَّاجِ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي مَنْزِلِهِ فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتِ كَذَا مِنْ دَارِهِ فِي مَسْجِدٍ لَهُ وَهُوَ يَدْعُو وَعَلَى يَمِينِهِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ فَقُلْتُ لَهُ: جَعَلَنِيَ اَللَّهُ فِدَاكَ قَدْ عَرَفْتَ اِنْقِطَاعِي إِلَيْكَ وَخِدْمَتِي لَكَ فَمَنْ وَلِيُّ اَلْأَمْرِ بَعْدَكَ قَالَ: يَا عَبْدَ اَلرَّحْمَنِ إِنَّ مُوسَى قَدْ لَبِسَ اَلدِّرْعَ وَاِسْتَوَتْ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: لاَ أَحْتَاجُ بَعْدَهَا إِلَى شَيْءٍ).(3)
هذه النصوص وغيرها التي تبين أن الإمام الكاظم «عليه السلام» هو أمام الأمة وخليفة الله وحجته على عباده من بعد أبيه الإمام الصادق «عليهما السلام».
البحث الثاني: ما قاله المخالفون والمؤالفون فيه «عليه السلام»:
احبتي الأكارم حينما نقرأ كتب التأريخ والسير نجد أن هناك مجموعة من المخالفين شهدوا لآل محمد «عليهم السلام» بالفضل والعظمة وهذا ثابت عندنا وعند غيرنا وكما قال الشاعر:
والفضل ما شهدت به الأعداء
لأن المخالف حينما يمدح إماماً من الأئمة« عليهم السلام» فهذا يبين نقطتين أساسيتين:
النقطة الأولى: يبين انه لا قيمة له ولا أهمية ولأفضل وانما القيمة العظيمة والاهمية الكبرى والفضل العميم هو لأهل البيت «عليهم السلام».
النقطة الثانية: يبين بجلاء ووضوح فضل وعظمة أهل البيت «عليهم السلام» من خلال ألسنة اعداءهم الذين قتلوهم وشتتوهم
وأليك بعض ما قيل في الإمام موسى بن جعفر الكاظم «عليهما السلام»:
روى ابن قولويه القمي «أعلى الله مقامه» بإسناده عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: (حَضَرْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلْأَوَّلَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَهَارُونَ اَلْخَلِيفَةَ وَعِيسَى بْنَ جَعْفَرٍ وَجَعْفَرَ بْنَ يَحْيَى بِالْمَدِينَةِ قَدْ جَاءُوا إِلَى قَبْرِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ: هَارُونُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ تَقَدَّمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ هَارُونُ فَسَلَّمَ وَقَامَ نَاحِيَةً وَ قَالَ: عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ تَقَدَّمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ عِيسَى فَسَلَّمَ وَوَقَفَ مَعَ هَارُونَ فَقَالَ: جَعْفَرٌ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ تَقَدَّمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ جَعْفَرٌ فَسَلَّمَ وَوَقَفَ مَعَ هَارُونَ وَتَقَدَّمَ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَهْ أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي اِصْطَفَاكَ وَاِجْتَبَاكَ وَهَدَاكَ وَهَدَى بِكَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ فَقَالَ: هَارُونُ لِعِيسَى سَمِعْتَ مَا قَالَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَارُونُ أَشْهَدُ أَنَّهُ أَبُوهُ حَقّاً).(4)
البحث الثالث: معجزاته وكراماته الدالة على إمامته:
لكل نبي ووصي نبي كرامات ومعاجز يُعرف من خلالها وحتى لا يختلط الحق بالباطل وحتى يتبين للناس الصادق من الكاذب لابد من معجزة او كرامة ليتضح للناس صدق ما يأتي به النبي أو الوصي ولذا القرآن الكريم ذكر لنا مصاديق كثيرة حيث بين ان لعيسى «عليه السلام» عدة معاجز وهي إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك؛ وبين أن لإبراهيم عدة معاجز ومنها النار التي صارت برداً وسلاماً وغيرها؛ وبين أن لموسى «عليه السلام» معاجز ومنها العصا وغير ذلك وبين لسليمان عدة معاجز ومنها تسخير الرياح يأمره رُخاءً حيث أصاب وغير ذلك
ثم نجد ان القرآن الكريم اعطى بعض المعاجز للأوصياء أمثال آصف بن برخيا وغيره
فكذلك اعطى الباري تعالى معاجز وكرامات لمحمد وآل محمد«عليهم السلام» ومنهم الإمام الكاظم «عليه السلام» لأثبات إمامته وحتى يصدقه الناس ويقتدون به ويتخذونه إمام حق وهدى.
قال ابن الصباغ المالكي: «وأما كراماته الظاهرة وفضائله وصفاته الباهرة تشهد له بأنه افترع قمّة الشرف وعلاها، وسما الى أوج المزايا فبلغ أعلاها، وذللت له كواهل السيادة وامتطاها، وحكم في غنائم المجد فاختار صفاياها فاصطفاها» (5)
وأليك هذه الكرامة التي تبين عظمة الإمام الكاظم «عليه السلام»
قَالَ خُشْنَامُ بْنُ حَاتِمٍ اَلْأَصَمُّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ قَالَ قَالَ لِي شَقِيقٌ اَلْبَلْخِيُّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ: (خَرَجْتُ حَاجّاً فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَنَزَلْنَا اَلْقَادِسِيَّةَ فَبَيْنَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى اَلنَّاسِ فِي زِينَتِهِمْ وَ كَثْرَتِهِمْ فَنَظَرْتُ إِلَى فَتًى حَسَنِ اَلْوَجْهِ شَدِيدِ اَلسُّمْرَةِ ضَعِيفٍ فَوْقَ ثِيَابِهِ ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ مُشْتَمِلٍ بِشَمْلَةٍ فِي رِجْلَيْهِ نَعْلاَنِ وَقَدْ جَلَسَ مُنْفَرِداً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذَا اَلْفَتَى مِنَ اَلصُّوفِيَّةِ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ كَلاًّ عَلَى اَلنَّاسِ فِي طَرِيقِهِمْ وَاَللَّهِ لَأَمْضِيَنَّ إِلَيْهِ وَلَأُوَبِّخَنَّهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلاً قَالَ يَا شَقِيقُ اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ ثُمَّ تَرَكَنِي ومَضَى فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ هَذَا اَلْأَمْرَ عَظِيمٌ قَدْ تَكَلَّمَ بِمَا فِي نَفْسِي وَنَطَقَ بِإِثْمِي وَمَا هَذَا إِلاَّ عَبْدٌ صَالِحٌ لَأَلْحَقَّنَهُ و لَأَسْأَلَنَّهُ أَنْ يُحَالَّنِي فَأَسْرَعْتُ فِي أَثَرِهِ فَلَمْ أَلْحَقْهُ وَغَابَ عَنْ عَيْنِي فَلَمَّا نَزَلْنَا وَاقِصَةَ وَإِذَا بِهِ يُصَلِّي وَأَعْضَاؤُهُ تَضْطَرِبُ وَدُمُوعُهُ تَجْرِي فَقُلْتُ هَذَا صَاحِبِي أَمْضِي إِلَيْهِ وَأَسْتَحِلُّهُ فَصَبَرْتُ حَتَّى جَلَسَ وَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلاً قَالَ يَا شَقِيقُ اُتْلُ وَإِنِّي لَغَفّٰارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى ثُمَّ تَرَكَنِي وَمَضَى فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا اَلْفَتَى لَمِنَ اَلْأَبْدَالِ لَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى سِرِّي مَرَّتَيْنِ فَلَمَّا نَزَلْنَا زُبَالَةَ إِذَا بِالْفَتَى قَائِمٌ عَلَى اَلْبِئْرِ وَبِيَدِهِ رَكْوَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَقِيَ مَاءً فَسَقَطَتِ اَلرَّكْوَةُ مِنْ يَدِهِ فِي اَلْبِئْرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ رَمَقَ اَلسَّمَاءَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ
أَنْتَ رَيِّي إِذَا ظَمِئْتُ إِلَى اَلْمَاءِ ***************** وَقُوتِي إِذَا أَرَدْتُ اَلطَّعَاماَ
اَللَّهُمَّ سَيِّدِي مَا لِي غَيْرُهَا فَلاَ تُعْدِمْنِيهَا قَالَ شَقِيقٌ فَوَ اَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ اَلْبِئْرَ وَقَدِ اِرْتَفَعَ مَاؤُهَا فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَ اَلرَّكْوَةَ وَمَلَأَهَا مَاءً فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ مَالَ إِلَى كَثِيبِ رَمْلٍ فَجَعَلَ يَقْبِضُ بِيَدِهِ وَ يَطْرَحُهُ فِي اَلرَّكْوَةِ وَيُحَرِّكُهُ وَ يَشْرَبُ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ اَلسَّلاَمَ فَقُلْتُ أَطْعِمْنِي مِنْ فَضْلِ مَا أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ يَا شَقِيقُ لَمْ تَزَلْ نِعْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْنَا ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً فَأَحْسِنْ ظَنَّكَ بِرَبِّكَ ثُمَّ نَاوَلَنِي اَلرَّكْوَةَ فَشَرِبْتُ مِنْهَا فَإِذَا هُوَ سَوِيقٌ وَسُكَّرٌ فَوَ اَللَّهِ مَا شَرِبْتُ قَطُّ أَلَذَّ مِنْهُ وَلاَ أَطْيَبَ رِيحاً فَشَبِعْتُ ورَوِيتُ وَبَقِيتُ أَيَّاماً لاَ أَشْتَهِي طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً ثُمَّ إِنِّي لَمْ أَرَهُ حَتَّى دَخَلْنَا مَكَّةَ فَرَأَيْتُهُ لَيْلَةً إِلَى جَنْبِ قُبَّةِ اَلشَّرَابِ فِي نَفْسِ اَللَّيْلِ قَائِماً يُصَلِّي بِخُشُوعٍ وَ أَنِينٍ وَبُكَاءٍ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ اَللَّيْلُ فَلَمَّا رَأَى اَلْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ يُسَبِّحُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى اَلْغَدَاةَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً فَخَرَجَ فَتَبِعْتُهُ وَ إِذَا لَهُ غَاشِيَةٌ وَمَوَالٍ وَهُوَ عَلَى خِلاَفِ مَا رَأَيْتُهُ فِي اَلطَّرِيقِ وَدَارَ بِهِ اَلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لِبَعْضِ مَنْ رَأَيْتُهُ يَقْرُبُ مِنْهُ مَنْ هَذَا اَلْفَتَى فَقَالَ هَذَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْتُ قَدْ عَجِبْتُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اَلْعَجَائِبُ إِلاَّ لِمِثْلِ هَذَا اَلسَّيِّدِ).(6)
السلام عليك يا مولانا يا موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته
/////////////////////////
(1) الکافي، ج1، ص308 .
(2)الإرشاد، ج 2، ص 217.
(3)نفس المصدر.
(4)كامل الزيارات، ج 1، ص 18.
(5)الفصول المهمة، ص 232.
(6) كشف الغمة، ج2، ص213 .
قال الإمام الصادق «عليه السلام» للمفضل بن عمر الجعفي حينما دخل عليهما الإمام الكاظم «عليه السلام»:
(اِسْتَوْصِ بِهِ، وَضَعْ أَمْرَهُ عِنْدَ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِكَ)(1)
«««««««««««»»»»»»»»»
الحديث عن إمامة الإمام موسى بن جعفر «عليه السلام» يحتاج الى بحوث ثلاثة:-
البحث الأول: النصوص التي دلت على إمامته:
إن الحديث عن إمامة الإمام الكاظم «عليه السلام» هو حديثٌ مفروغ عنه لأن إمامته «عليه السلام» لم تكن حديثة عهد بل هو أمام معصوم مفترض الطاعة قبل أن يولد وهذا ما أشارت اليه النصوص الكثيرة وأليك بعضاً منها:
أولاً: روى مُعَاذُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: (قُلْتُ أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي رَزَقَ أَبَاكَ مِنْكَ هَذِهِ اَلْمَنْزِلَةَ أَنْ يَرْزُقَكَ مِنْ عَقِبِكَ قَبْلَ اَلْمَمَاتِ مِثْلَهَا فَقَالَ: قَدْ فَعَلَ اَللَّهُ ذَلِكَ قُلْتُ: مَنْ هُوَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَشَارَ إِلَى اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ وَهُوَ رَاقِدٌ قَالَ هَذَا اَلرَّاقِدُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ).(2)
ثانياً: روى عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ اَلْحَجَّاجِ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي مَنْزِلِهِ فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتِ كَذَا مِنْ دَارِهِ فِي مَسْجِدٍ لَهُ وَهُوَ يَدْعُو وَعَلَى يَمِينِهِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ فَقُلْتُ لَهُ: جَعَلَنِيَ اَللَّهُ فِدَاكَ قَدْ عَرَفْتَ اِنْقِطَاعِي إِلَيْكَ وَخِدْمَتِي لَكَ فَمَنْ وَلِيُّ اَلْأَمْرِ بَعْدَكَ قَالَ: يَا عَبْدَ اَلرَّحْمَنِ إِنَّ مُوسَى قَدْ لَبِسَ اَلدِّرْعَ وَاِسْتَوَتْ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: لاَ أَحْتَاجُ بَعْدَهَا إِلَى شَيْءٍ).(3)
هذه النصوص وغيرها التي تبين أن الإمام الكاظم «عليه السلام» هو أمام الأمة وخليفة الله وحجته على عباده من بعد أبيه الإمام الصادق «عليهما السلام».
البحث الثاني: ما قاله المخالفون والمؤالفون فيه «عليه السلام»:
احبتي الأكارم حينما نقرأ كتب التأريخ والسير نجد أن هناك مجموعة من المخالفين شهدوا لآل محمد «عليهم السلام» بالفضل والعظمة وهذا ثابت عندنا وعند غيرنا وكما قال الشاعر:
والفضل ما شهدت به الأعداء
لأن المخالف حينما يمدح إماماً من الأئمة« عليهم السلام» فهذا يبين نقطتين أساسيتين:
النقطة الأولى: يبين انه لا قيمة له ولا أهمية ولأفضل وانما القيمة العظيمة والاهمية الكبرى والفضل العميم هو لأهل البيت «عليهم السلام».
النقطة الثانية: يبين بجلاء ووضوح فضل وعظمة أهل البيت «عليهم السلام» من خلال ألسنة اعداءهم الذين قتلوهم وشتتوهم
وأليك بعض ما قيل في الإمام موسى بن جعفر الكاظم «عليهما السلام»:
روى ابن قولويه القمي «أعلى الله مقامه» بإسناده عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: (حَضَرْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلْأَوَّلَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَهَارُونَ اَلْخَلِيفَةَ وَعِيسَى بْنَ جَعْفَرٍ وَجَعْفَرَ بْنَ يَحْيَى بِالْمَدِينَةِ قَدْ جَاءُوا إِلَى قَبْرِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ: هَارُونُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ تَقَدَّمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ هَارُونُ فَسَلَّمَ وَقَامَ نَاحِيَةً وَ قَالَ: عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ تَقَدَّمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ عِيسَى فَسَلَّمَ وَوَقَفَ مَعَ هَارُونَ فَقَالَ: جَعْفَرٌ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ تَقَدَّمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ جَعْفَرٌ فَسَلَّمَ وَوَقَفَ مَعَ هَارُونَ وَتَقَدَّمَ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَهْ أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي اِصْطَفَاكَ وَاِجْتَبَاكَ وَهَدَاكَ وَهَدَى بِكَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ فَقَالَ: هَارُونُ لِعِيسَى سَمِعْتَ مَا قَالَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَارُونُ أَشْهَدُ أَنَّهُ أَبُوهُ حَقّاً).(4)
البحث الثالث: معجزاته وكراماته الدالة على إمامته:
لكل نبي ووصي نبي كرامات ومعاجز يُعرف من خلالها وحتى لا يختلط الحق بالباطل وحتى يتبين للناس الصادق من الكاذب لابد من معجزة او كرامة ليتضح للناس صدق ما يأتي به النبي أو الوصي ولذا القرآن الكريم ذكر لنا مصاديق كثيرة حيث بين ان لعيسى «عليه السلام» عدة معاجز وهي إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك؛ وبين أن لإبراهيم عدة معاجز ومنها النار التي صارت برداً وسلاماً وغيرها؛ وبين أن لموسى «عليه السلام» معاجز ومنها العصا وغير ذلك وبين لسليمان عدة معاجز ومنها تسخير الرياح يأمره رُخاءً حيث أصاب وغير ذلك
ثم نجد ان القرآن الكريم اعطى بعض المعاجز للأوصياء أمثال آصف بن برخيا وغيره
فكذلك اعطى الباري تعالى معاجز وكرامات لمحمد وآل محمد«عليهم السلام» ومنهم الإمام الكاظم «عليه السلام» لأثبات إمامته وحتى يصدقه الناس ويقتدون به ويتخذونه إمام حق وهدى.
قال ابن الصباغ المالكي: «وأما كراماته الظاهرة وفضائله وصفاته الباهرة تشهد له بأنه افترع قمّة الشرف وعلاها، وسما الى أوج المزايا فبلغ أعلاها، وذللت له كواهل السيادة وامتطاها، وحكم في غنائم المجد فاختار صفاياها فاصطفاها» (5)
وأليك هذه الكرامة التي تبين عظمة الإمام الكاظم «عليه السلام»
قَالَ خُشْنَامُ بْنُ حَاتِمٍ اَلْأَصَمُّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ قَالَ قَالَ لِي شَقِيقٌ اَلْبَلْخِيُّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ: (خَرَجْتُ حَاجّاً فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَنَزَلْنَا اَلْقَادِسِيَّةَ فَبَيْنَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى اَلنَّاسِ فِي زِينَتِهِمْ وَ كَثْرَتِهِمْ فَنَظَرْتُ إِلَى فَتًى حَسَنِ اَلْوَجْهِ شَدِيدِ اَلسُّمْرَةِ ضَعِيفٍ فَوْقَ ثِيَابِهِ ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ مُشْتَمِلٍ بِشَمْلَةٍ فِي رِجْلَيْهِ نَعْلاَنِ وَقَدْ جَلَسَ مُنْفَرِداً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذَا اَلْفَتَى مِنَ اَلصُّوفِيَّةِ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ كَلاًّ عَلَى اَلنَّاسِ فِي طَرِيقِهِمْ وَاَللَّهِ لَأَمْضِيَنَّ إِلَيْهِ وَلَأُوَبِّخَنَّهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلاً قَالَ يَا شَقِيقُ اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ ثُمَّ تَرَكَنِي ومَضَى فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ هَذَا اَلْأَمْرَ عَظِيمٌ قَدْ تَكَلَّمَ بِمَا فِي نَفْسِي وَنَطَقَ بِإِثْمِي وَمَا هَذَا إِلاَّ عَبْدٌ صَالِحٌ لَأَلْحَقَّنَهُ و لَأَسْأَلَنَّهُ أَنْ يُحَالَّنِي فَأَسْرَعْتُ فِي أَثَرِهِ فَلَمْ أَلْحَقْهُ وَغَابَ عَنْ عَيْنِي فَلَمَّا نَزَلْنَا وَاقِصَةَ وَإِذَا بِهِ يُصَلِّي وَأَعْضَاؤُهُ تَضْطَرِبُ وَدُمُوعُهُ تَجْرِي فَقُلْتُ هَذَا صَاحِبِي أَمْضِي إِلَيْهِ وَأَسْتَحِلُّهُ فَصَبَرْتُ حَتَّى جَلَسَ وَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلاً قَالَ يَا شَقِيقُ اُتْلُ وَإِنِّي لَغَفّٰارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى ثُمَّ تَرَكَنِي وَمَضَى فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا اَلْفَتَى لَمِنَ اَلْأَبْدَالِ لَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى سِرِّي مَرَّتَيْنِ فَلَمَّا نَزَلْنَا زُبَالَةَ إِذَا بِالْفَتَى قَائِمٌ عَلَى اَلْبِئْرِ وَبِيَدِهِ رَكْوَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَقِيَ مَاءً فَسَقَطَتِ اَلرَّكْوَةُ مِنْ يَدِهِ فِي اَلْبِئْرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ رَمَقَ اَلسَّمَاءَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ
أَنْتَ رَيِّي إِذَا ظَمِئْتُ إِلَى اَلْمَاءِ ***************** وَقُوتِي إِذَا أَرَدْتُ اَلطَّعَاماَ
اَللَّهُمَّ سَيِّدِي مَا لِي غَيْرُهَا فَلاَ تُعْدِمْنِيهَا قَالَ شَقِيقٌ فَوَ اَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ اَلْبِئْرَ وَقَدِ اِرْتَفَعَ مَاؤُهَا فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَ اَلرَّكْوَةَ وَمَلَأَهَا مَاءً فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ مَالَ إِلَى كَثِيبِ رَمْلٍ فَجَعَلَ يَقْبِضُ بِيَدِهِ وَ يَطْرَحُهُ فِي اَلرَّكْوَةِ وَيُحَرِّكُهُ وَ يَشْرَبُ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ اَلسَّلاَمَ فَقُلْتُ أَطْعِمْنِي مِنْ فَضْلِ مَا أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ يَا شَقِيقُ لَمْ تَزَلْ نِعْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْنَا ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً فَأَحْسِنْ ظَنَّكَ بِرَبِّكَ ثُمَّ نَاوَلَنِي اَلرَّكْوَةَ فَشَرِبْتُ مِنْهَا فَإِذَا هُوَ سَوِيقٌ وَسُكَّرٌ فَوَ اَللَّهِ مَا شَرِبْتُ قَطُّ أَلَذَّ مِنْهُ وَلاَ أَطْيَبَ رِيحاً فَشَبِعْتُ ورَوِيتُ وَبَقِيتُ أَيَّاماً لاَ أَشْتَهِي طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً ثُمَّ إِنِّي لَمْ أَرَهُ حَتَّى دَخَلْنَا مَكَّةَ فَرَأَيْتُهُ لَيْلَةً إِلَى جَنْبِ قُبَّةِ اَلشَّرَابِ فِي نَفْسِ اَللَّيْلِ قَائِماً يُصَلِّي بِخُشُوعٍ وَ أَنِينٍ وَبُكَاءٍ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ اَللَّيْلُ فَلَمَّا رَأَى اَلْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ يُسَبِّحُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى اَلْغَدَاةَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً فَخَرَجَ فَتَبِعْتُهُ وَ إِذَا لَهُ غَاشِيَةٌ وَمَوَالٍ وَهُوَ عَلَى خِلاَفِ مَا رَأَيْتُهُ فِي اَلطَّرِيقِ وَدَارَ بِهِ اَلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لِبَعْضِ مَنْ رَأَيْتُهُ يَقْرُبُ مِنْهُ مَنْ هَذَا اَلْفَتَى فَقَالَ هَذَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْتُ قَدْ عَجِبْتُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اَلْعَجَائِبُ إِلاَّ لِمِثْلِ هَذَا اَلسَّيِّدِ).(6)
السلام عليك يا مولانا يا موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته
/////////////////////////
(1) الکافي، ج1، ص308 .
(2)الإرشاد، ج 2، ص 217.
(3)نفس المصدر.
(4)كامل الزيارات، ج 1، ص 18.
(5)الفصول المهمة، ص 232.
(6) كشف الغمة، ج2، ص213 .
تعليق