حين امتزجت اوردة الماء بعروق التراب انجبت نخلة وهبت العراق ملامحها واخضرار ضفائرها وصعوبة مرتقاها يقال انها لاتحمل تمرا الا اذا سقيت من مدامع ناسها ويقال ايضا ان النهر لايجري الا في اودية حزينة فلذلك ترى ان العصفور العراقي لايغرد اذا لم يتألم والسماء العراقية لاتمطر الا من مدامع بيوتها واذا مسحت الحزن عن العراقي ستجدب ارضه وتموت
سأل الولد المشاكس اباه :ـ يا ابتي لماذا هذه الارض تلد الجبابرة .. ضحك الاب وقال يا ولدي عليها بنى نمرود جبلا يتحدى ارادة الله وفيها قتل امام المتقين وفيها ذبح الحسين وفيها وفيها لان نسل نمرود لم ينقطع عنها فلكل زمن نمرود ..
فقال الولد المشاكس يا أبي هل هذه الارض مسكينة لهذا الحد
فاجاب الوالد ولده لايابني لكنها شربت حكمة العصور من عظمائها فهي تسامح لكن لاتنسى ذاكرتها خصبة وخيالها نضر .. حزينة ابدا .. لكنها تعشق الحياة ..
سأل طفل اباه أبي ماهو السبب في حزنها الدائم
الاب قال :ـ منذ زمن سحيق هبطت عليها النسور والصقور وتقاتلت الجوارح فوق جسدها الجريح ومن كل قطرة دم ولد جرح حزن جديد لكنها ورثت من الصقور حدة الطبع ومن النسور شموخها وعنادها قال الفتى لم أعد افهم يا أبي !!!
فاجاب الاب :ـ اختلف القائلون في ارض تناسلت الوجع فلا تسأل عن مصدر حزن رضعته من ثدي محرابها المطبورفي الكوفة وراسها المحزوز في كربلاء وتلها الحيرة وكرمها ذراعان وجود ثقبته سهام امية و..و... صاح الولد فهمت يا والدي فنحن ورثنا الدم والحزن والولاء العنيد