هذا الدعاء الذي هو أمان ومحبة وصفاء روح، وطمأنينة للنفس، وسكينة للقلب، وهو الرحمة والرجاء والعشق والغفران... وهل بعد ذلك من شيء؟ فكيف به يصير محرقة بيد البعض، وكراهية وبغضاء. فليس من الغريب ان نسمع من بعض الداعين: اللهم اقتل فلانا، واحرق بيته، واكسر ضلعه، وضلع امه وابيه... امرأة تدعو على ابنها، واخرى على (كنتها)، وشاب يدعو على صديق لم يف بوعده. وحتى على مستوى الفضائيات نشاهد بعض المشايخ يحملون في ادعيتهم لغة الاستفزاز: اللهم زلزل الارض بهم، ورمّل اللهم نساءهم، ويتـِّم ربي اطفالهم... دعوات خشنة كان الانفع والاجدى بها ان ترفع لله هداية للناس، وان اختلفوا معنا مذهبا ودينا رجاء يدركون به سبيل الخير والهداية والتقوى...
فالدعوات الخشنة ستؤدي حتما الى نتائج سلبية، وتؤدي الى عدم احترام مقدساتنا، والاهانة تستوجب عندهم الرد وبنفس القسوة.. وهل هذا كل ما في الدعاء الذي هو تقوى روحية واستعانة بالله سبحانه، يرد بها ما قدر، وما لم يقدر، حسب قول سيد الاوصياء، ولا يجوز استخدام الدعاء بأفق ضيق، وبرغبة عارمة في الاقصاء والتناحر.
وكيف بالمسلم ان يحمل في قلبه كل هذا الكم من العصبية والحقد والغضب.. فنقول حبا ومحبة: اتقوا الله خشونة الدعاء وشحة تقوى، فالامام الحسين عليه السلام كان يدعو لقاتليه بالرحمة والهداية، ويبكي لهم مصيرهم الاسود، وامامنا السجاد عليه السلام استخدم الدعاء ليحافظ به على الدين، وهذا يعني انه منهج سلوكي مؤمن يشتمل على اسس فكرية وثقافية، وهو ذروة الكمال الانساني.