علي حسين الخباز
وقفت أمام مكتبي بكل هدوء، تحمل براءتها سلاماً عربياً فصيحاً.. أجبت: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. قالت:ـ عمو أنا زينب ابنة الحاج فؤاد جيرانكم، جئت أدعو ابنتك لاحتفالية عيد الميلاد في بيتنا.
:ـ مبارك عليك عيد ميلادك..
اجابتني:ـ لا عمو.. ليس عيد ميلادي، نريد ان نحتفل بعيد ميلاد سيدتي زينب(عليها السلام). دُهشت لهذا الحضور الادمي الرقيق، قلت لأطيب هذا الحضور بمحاورتها:ـ هل تعرفين ما معنى زينب؟
نظرت إليّ بثقة وهي تقول:ـ نعم.. زينب تعني شجر حلو المنظر طيب الرائحة، وزينب(عليها السلام) هي سبطة النبي المصطفى(ص)، وهي ابنة الامام علي(عليه السلام)، وأمها فاطمة الزهراء(عليها السلام) سيدة نساء العالمين، وهي اخت الحسن والحسين(عليهما سلام الله)، وهل هناك ما هو أزكى وأطيب من هذا النسب؟
يبدو لي أن الطفلة تتوقع مزيداً من الاسئلة، فهي اعتدت بثقتها بنفسها، واستعدت لتلقي اكثر من سؤال، قلت: من الذي سماها زينب؟ أجابتني مباشرة دون تلعثم او انتظار:ـ ولدت سيدتي زينب(عليها السلام) في المدينة المنورة في السنة السادسة من الهجرة، حملتها الأم الى ابيها وسألته: ماذا ستسميها؟
أجاب: ما كنت اسبق رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال جدها الرسول المصطفى(ص): ما كنت لأسبق ربي، فنزل جبريل(عليه السلام)، وقال: (سمّ المولودة زينب، فقد اختار الله تعالى لها هذا الاسم، وأول صوت قرع سمعها (الله أكبر.. لا إله إلا الله).
قلت لها: وماذا تعرفين بعد يا زينب؟ اجابتني:ـ هي سفيرة الحسين(عليه السلام) جابهت الطاغية يزيد، ورثت الفصاحة والشجاعة وعلو المقام، هي التي رأت كل تلك التضحيات في كربلاء، حين ذبح أخوها الحسين، وأهل بيته، ومن ضمنهم اولادها.
أجابت حين سألها يزيد: أ رأيت ما صنع الله بأهلك في كربلاء؟ قالت: ما رأيت إلا جميلا.. وكان الناس يرجعون اليها في الحلال والحرام بعد حياة الحسين(عليه السلام) الى أن تعافى سيدي السجاد(سلام الله عليه).
قلت:ـ وماذا بعد يا زينب؟ قالت: كانت تدير في الكوفة أيام خلافة امير المؤمنين(عليه السلام) مجلساً نسائياً يحضره نساء اهل الكوفة، تفسر لهن فيه القرآن الكريم، عالمة غير معلمة، هي شهادة امام معصوم.
قلت:ـ يلقبون زينب(عليها السلام) بالعقيلة، فما يعني العقيلة؟ قالت زينب:ـ يعني المرأة الكريمة على قومها، وتزوجت من عبد الله بن جعفر الطيار الذي كان يسمى بحر الجود.
قلت:ـ هل تعلمت هذا في المدرسة؟ قالت: لا عمو.. هم لا يعلموننا مثل هذه الدروس، لكني أذهب إلى مدرسة الصديقة الطاهرة(عليها السلام)، العائدة للعتبة العباسية المقدسة.. وبعد برهة سألتني:ـ هل توافق على دعوتي لابنتك في المحفل؟
أجبتها:ـ ومن يقدر أن يرفض لك طلباً يا زينب.