السيد الصافي: نريد مسؤولا ميدانيا لا مسؤولا تأتيه المعلومات من خلال الورق
في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف بإمامة ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد (أحمد الصافي) في10 صفر 1430هـ الموافق 6-2-2009م، تناول سماحته موضوعة الإنتخابات وما أفرزته من نتائج موضحاً أن الكلام عنها يقع على ثلاثة محاور: المحور الأول: الشعب العراقي الكريم.
المحور الثاني: القوائم الفائزة.
المحور الثالث: القوائم التي لم تتوفق بشكل جيد.
واستعرض المحور الأول بقوله إن الشعب العراقي الكريم قد أعطى صورة لحالة النضج والوعي والإدراك التي طالما سمعنا بعض المشككين فيها، وللأسف الشديد نقول إن هؤلاء الذين يشكون حظهم من المعرفة قليل.
واستطرد سماحته قائلا: إن الشعب العراقي تمرّس على حالات التضحية، والحفاظ على هويته وحالة العطاء وهو يستحق وقفة إجلال وإكبار، مبينا إنه في العراق هناك طاقات هائلة جداً نستطيع أن نغزوا بها الدنيا بأفكارنا ومعارفنا وقدرتنا ووعينا، وهناك دول متقدمة لم تحصل فيها هذه النسبة من المشاركين في الانتخابات ولا على هذه النوعية من الناس الذين خرجوا وفي ظروف كان الأغلب يراهن على أن العراقيين لا يخرجون للانتخابات كما سمعتم كثيرا، مستذكرا إن دعوة المرجعية المباركة كان لها الأثر الكبير في المشاركة بالانتخابات.
وتمنى سماحته من الله تعالى أن يوفق المسؤولين لبذل المزيد من الإهتمام بالشعب العراقي لأنه أهل للموفقية والخدمة، فعندما قيل إلى الناس إنتخبوا ومن ثم توجهوا إلى زيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام إستجابوا! وعندما قيل لهم إنتخبوا فإن الإنتخاب فيه خير لكم إستجابوا أيضا! فهذا الشعب يحتاج إلى مزيد من العناية وهو شعب مفخرة يستحق منا كل جميل.
أما بشأن القوائم الفائزة تساءل سماحته قائلا: ماذا نريد من مجلس المحافظة؟ الشيء الأول الذي نريده هو الخدمة فالمال متوفر والأيدي متوفرة وقطع الأراضي متوفرة ونحن نريد الخدمة، وللقوائم التي لم تتوفق تساءل سماحته في هذا الإطار ما الذي جعل المواطن يتنازل عن بعض الأشخاص؟! فما هو السبب هل هو عداء شخصي أم منهجية وسلوك؟!
وأجاب أن في الغالب لا يوجد عداء شخصي، إذن فالسبب هو طريقة الأداء؛ فالشجاع يجب أن ينهض من كبوته ويصحح ما عنده، فالشعب قال كلمته بشكل واضح، وبالنتيجة يبحث عمن يخدمه وهذا هو الميزان خصوصاً في مجالس المحافظات.
فعلى الإنسان أن يبحث عن الوسائل الحقيقية لخدمة الناس، فالناس عندما تؤشر بـ(صح) تؤشر على من يسعى لخدمتها.
وأضاف... إن كلامي موجه إلى إخوتي في القوائم الفائزة والتي حصلت على مقاعد في مجلس المحافظة أقول: لا تجعلوا الناس تندم على الإختيار فهذا الأمر بأيديكم!! فالناس تحتاج إلى من يتحسس آلامهم، والأشخاص الفائزون أمامهم مسؤولية كبرى وعظمى، فكل المحافظات تعاني من مشاكل حقيقية، وخلال الفترة السابقة كانت هناك جدلية غير منتهية علاقة مجلس المحافظة مع الحكومة المركزية، المركز يقول هذا من صلاحياتي والمحافظة تقول هذه من صلاحياتي وبالنتيجة المواطن بقى ينتظر الفرج، ولا يوجد حل للمشاكل التي يعاني منها .
وأكد سماحة السيد الصافي على ضرورة ترك الماضي وشجونه والنظر إلى الحاضر والمستقبل، مبينا إن المواطن كان دقيقاً جداً في إختياره وبكامل حريته ووضع الثقة في القوائم الفائزة، مخاطباً المرشح الفائز لا تتوقع إن المسألة سهلة فأنت الآن وكيل وممثل عن عشرة آلاف شخص أو أكثر، هؤلاء جميعهم ينتظرون منك شيئا وأنت بمقدورك أن تخدم!!
وحدّد سماحته نوعية العلاقة التي من المفترض أن تربط المسؤول بالمواطن بقوله: نحن نريد مسؤولا ميدانيا يذهب إلى الأحياء النائية ويسأل عن الناس وما هي إحتياجاتهم، وهل بإمكاني أن أساعد وأقدم خدماتي؟ لا نريد مسؤولا يجلس في مكان يحجبه عن المواطن عشرين حاجبا وتصل له المعلومات على الورق، فالورق لا يتكلم ولا يعرض على المسؤول الصورة الحقيقية للواقع فهذا خطأ، فالمسؤول ينبغي أن يفتش بنفسه عن إحتياجات الناس.
وفي الختام تطرق سماحته إلى أننا بحاجة إلى عمل ويجب أن تكون العلاقة بين المركز والمحافظة علاقة جيدة، ويجب أن نسعى لأن نبني أنفسنا ومحافظاتنا وبلدنا، وأعتقد إننا نؤسس لحالة صحية جديدة، فالمرحلة القادمة لا تتحمل الفشل، فالذي معه هذا الزخم من الناس يجب أن ينجح وهذا يحتاج إلى همّة عالية وشجاعة ونظافة اليد والعمل، موجها كلامه إلى الفائزين: فلا تجعلونا معاشر الإخوة الأعزاء نندم على إختيارنا، نسأل الله تعالى أن نرى محافظاتنا تتسابق لتقديم الخدمة للمواطنين، وان يرينا الله تعالى في هذا الشعب كل ما فيه الخير والصلاح.