من الشموع الوضاءّة الذي اختاره سيد الشهداء عليه السلام وعينه سفيراً وهو مسلم بن عقيل تلك الشخصية
البارزة للدين والهدى، الذي دخل الكوفة وحده بلا عدة ولا عدد.
فكان حريص على الحرية أكثر من حياته فقد وقف وقفة الأبطال الذي كان يُرعب العدو مع كثرة عددهم.
ومن المخططات التي صممها الطاغية على مسلم وتغلّبه على الأحداث انقلبت الكوفة رأساً على عقب فأعلنوا
الحرب ضد مسلم بعد التجسس عليه عن طريق مولى ابن زياد ويدعى (معقلاً) وعن طريق رشوة الزعماء
والجماعات التي أكدّت إخلاصها لمسلم ولكن انقلبوا بخدع بن زياد الذي ابتاعهم بالدراهم والدنانير فلبسوا ثياب
الذل والعبودية. وتنكّر لجميع العادات والقيم العربية إلى أن تمكنّ اللعين بن زياد من الظفر بسليل هاشم ليجعله
قرباناً إلى اموّيته اللصيقة التي استباحوا كل ما حرّمه الله من إثم وفساد إلى أن التحق إلى الرفيق الأعلى وهو
يقول اللهم احكم بيننا وبين قوم غروّنا وخذلونا وكان عمره (34) سنة وله من الأولاد (إبراهيم، ومحمد
الأصغر) وكانا مع الامام الحسين عليه السلام يوم الطف ففروا الأطفال من النار ومن جملة من فرّ منهم إبراهيم
ومحمد وأُخذوا أسيرين إلى عبيد الله بن زياد فأمر بسجنهما والتضييق عليهما ومكثا في السجن سنة فضاق بهم
ذرعاً فأعلما السجّان بنسبهما فأنكّب على قدميهما بالتقبيل والمعذرة ففتح باب السجن وقال لهما سيراً في الليل
واكمنا في النهار وفي اليوم الثاني وقفا على بيت عجوز مؤمنة بآل الرسول صلى الله عليه واله وكان خشن لعين
عندها في البيت من مردة بن زياد فأحس بالغلامين في دارها فقال لهما من الموت هربتما وعليه وقعتما فاخرجا
إلى بن زياد لأقدم رأسيكما طمعاً بالجائزة فتوسلا به فلم ينفع إلى أن ارتكب الجريمة التي تذوب النفس من
أهواله ولم يربح الجائزة بل قتله بن زياد في الموضع الذي استشهد الغلامان وخسر الدنيا والآخرة، قال تعالى..
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)/ (الشعراء:227).
مدينة محمد أكبر
تم النشر في المجلة العدد51
تعليق