إمام الإنسانية
إعداد / منير الحـزامي
الكفيل 904 / 24 /رجب الأصب / 1444هـ
لم تكن هناك قصة يشهد لها التاريخ الإسلامي العريق مثل وجود شخصية عظيمة لحضارة إسلامية تألقت بالعظمة وتمجدت وأثرت بالفكر والمنهج الإنساني.إعداد / منير الحـزامي
الكفيل 904 / 24 /رجب الأصب / 1444هـ
إنه الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) رغم القيود وسلاسل الدولة العباسية التي أحاطت به.
يجب أن يعلم المتتبع أن الحكم الأُموي مع سقوط حكومته كانت هناك فسحة علمية وفرصة لنشر الرسالة والثقافة الإسلامية، لذا كان دور الإمام الصادق (عليه السلام) تجديد دماء الإسلام ونشر علومه العظمى في بقاع الأرض.
لذلك توجد دلالات على الأثر الرسالي الذي حدث بالعالم وغير مجرى ضمير المجتمع الإسلامي، فهناك رواية تبين المراقبة الصارمة من العباسيين على الإمام الصادق (عليه السلام)، فينقل الشيخ المفيد (رحمه الله) تلك اللحظة لجرائم العباسيين.
(قال هشام بن سالم -وهو أحد أصحاب الإمام (عليه السلام)-: كنا بالمدينة بعد وفاة جعفر الصادق (عليه السلام) فقعدنا في بعض أزقة المدينة، فنحن كذلك إذ رأيت شيخاً يومئ إليّ بيده، فخفت أن يكون عيناً من عيون أبي جعفر المنصور، وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس على من يجتمع إليه الناس بعد الصادق، فيُؤخذ فتُضرب عنقه) [1]
جاء الإمام الكاظم (عليه السلام) في هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والرقابة المشددة للعلويين، وكان تآمر العباسيين منصبّاً على تشوية أصل الإمامة حتى لا يكون منافسٌ أو مستحقٌّ لمنصبهم، وبثوا إشاعات غايتها دمج الناس في ديانات ومذاهب أخرى حتى يتشتت هدف الناس؛ كخلق المذهب الإسماعيلي وضرب (قاعدة اللطف)، حتى لا يكون توجهٌ للإمامة، وتُعطى أهمية في مفروض الواقع ومعرفة خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله).
مع تلك السلاسل والقيود والسجون، التي في نظرهم قد حددت حركة الإمام الكاظم (عليه السلام) في الجنوب وبغداد وغيرها في السجون المظلمة التي قطعت أحوال الإمام (عليه السلام) عن الأُمة الإسلامية، إلا أن السجن لم يكن يوقف رسالة الإمام (عليه السلام) في هكذا أجواء خطرة مهلكة.
لذلك، نرى اهتمام الإمام (عليه السلام) بالحركة العلمية والعطاء الفكري للمجتمع الإسلامي، والنصح؛ لتمييز الطريق الحق عن الباطل، فلا بد من تنبيه المجتمع من خطر الثقافات الدخيلة التي تغير مبدأ الإنسان المثالي إلى إنسان ذي أطوار غريبة ومخالفة لنفسه ولفطرته، مخالفة للهدف الأسمى والغاية العظمى التي يريدها الله تعالى وهي السعادة الحقيقية للإنسان.
[1] - الإرشاد: 272.