إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرسول (صلّى الله عليه وآله) يترقّب بزوغ نجم الوليد الجديد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرسول (صلّى الله عليه وآله) يترقّب بزوغ نجم الوليد الجديد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد

    رأت السّيدة اُمّ الفضل بنت الحارث[1]، في منامها رؤيا غريبة لم تهتدِ إلى تأويلها، فهرعت إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قائلة له:

    إنّي رأيت حلماً منكراً؛ كأنّ قطعة من جسدك قُطعت ووضعت في حجري!
    فأزاح النبي (صلّى الله عليه وآله) مخاوفها، وبشّرها بخير قائلاً:
    (خيراً رأيتِ؛ تَلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك) ومضت الأيّام سريعة فوضعت سيّدة النساء فاطمة ولدها الحسين ، فكان في حجر اُمّ الفضل كما أخبر النبي (صلّى الله عليه وآله)[2].
    وظلّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) يترقّب بزوغ نجم الوليد الجديد، الذي تزدهر به حياة بضعته التي هي أعزّ الباقين والباقيات عنده من أبنائه وبناته.
    ووضعت سيّدة نساء العالمين وليدها العظيم، الذي لم تضع مثله سيّدة من بنات حواء، لا في عصر النبوة ولا فيما بعده، أعظم بركة ولا أكثر عائدة على الإنسانية منه، فلم يكن أطيب، ولا أزكى ولا أنور منه.
    لقد أشرقت الدنيا به، وسعدت به الإنسانية في جميع أجيالها، واعتزّ به المسلمون، وعمدوا إلى إحياء هذه الذكرى، افتخاراً بها في كل عام، فتقيم وزارة الأوقاف في مصر احتفالاً رسميّاً داخل المسجد الحسيني اعتزازاً بهذه الذكرى العظيمة، كما تقام في أكثر مناطق العالم الإسلامي. وتَردّد في آفاق يثرب صدى هذا النبأ المفرح، فهرعت اُمّهات المؤمنين وسائر السّيدات من نساء المسلمين إلى دار سيّدة النّساء، وهنّ يهنئنها بمولودها الجديد، ويشاركنها في أفراحها ومسرّاتها.
    لو لم يكن الحسين
    (عليه السلام) لمَعة حُلوة ، في حُلم ذلك الذي رقص الدويُّ في اُذنيه فصار بعثاً، وصار حرفاً ضجَّت به الآيات في القرآن، لما كان له ـ الآن ـ أنْ يلفَّ عُنق جَدِّه بذراعيه الصغيرتين، ويَجثُم فوق منكبيه ويُثَغْثِغ بالآية الهابطة مِن الجَنَّة التي رآها جَدُّه سيِّداً فيها ، أمَّا الجَنَّة التي يُشير إليها النبي المُشبع بالمهابة والجلال، فهي التي رسم لها أنموذجا فوق الأرض، في مُجتمع الأُمَّة الموحَّدة والمؤمنة بإلهٍ واحدٍ عظيمٍ كبيرٍ خيِّر، يجمع بالحَقِّ، ويظهر بالصدق، ويبني بالعلم والمعرفة إنساناً يُصبح عظيماً بمقدار ما ترجح فيه قيمة المُثل.
    تعيسة هي الكلمة تأخذها الأُذن، أو العين دون أنْ يؤخذ معها لونها وصداها! ـ وأتعس منها كلُّ حقيقة تحتشم، إذ تترك الحرف يتربَّع بها ويتأنَّق بإدراجها في لفَّة الزمر، فإذا بها تترك ملفوفة بحشمتها، وينبري الحرف يتبجَّح بأنَّه هو الصدفة، ولولاه لما كانت بَهْرَجَة ولا لؤلؤة!
    تلك هي قِصَّة الحسين (عليه السلام) الطفل فوق مِنكبي جَدِّه فوق منبر المسجد، لقد سمع الناس ورَأوا عاطفة تموع، وبادرة يلعب بها طفل اسم أُمِّه فاطمة، أمَّا الرمز، وأمَّا الصدى فلا عَلاقة للرسالة بهما، كأنَّ النبي العظيم الذي أخضع الجزيرة برُمَّتها وجعلها تسجد أمام عظمة الحَقِّ، ونجَّاها مِن طفولة بائسة، ما كانت تلعب إلاَّ بالتُّرُّهات والخَرزات الزرق، ليس له إلاَّ أنْ يُلاعب طفلاً اسمه الحسين؛ لا لشيء إلاَّ لأنَّ أُمَّه اسمها فاطمة، ولأنَّها ابنته مِن لحمه ودمه...
    أمَّا الطفل الصغير الذي كان مجذوباً إلى منكبي جَدِّه، وهو يُملي على الناس كيف لهم أنْ يجتمعوا دائماً مع كلِّ غَدٍ، فإنَّه وحده ـ على الأقل ـ راح ينحفر في نفسه، بأنَّ الرسالة الكبيرة هي التي يغار جَدُّه عليها، وهي التي يعتبرها دعامة اليوم لتكون دعامة الغَدِ. إنَّ هذه اللحظة ـ بالذات ـ هي التي تحفر في نفسه عُمق القضيَّة، وعُمق المسؤوليَّة، وعُمق الوصيَّة، وعُمق الرمز الذي هو كلُّ الصدى.
    ما أطيب الرسول (صلّى الله عليه وآله) يُداعب ابن بنته فاطمة (عليها السّلام):-
    روى ابن حازم بسنده قال : خرج علينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) للصلاة وهو حامل أحد ابنيه الحسن أو الحسين(عليهما‌ السلام)
    فتقدّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ثمّ وضعه عند قدمه اليمنى فسجد سجدة أطالها فرفعت رأسي من بين الناس فإذا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ساجد وإذا الغلام راكب على ظهره فعدت فسجدت فلمّا انصرف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال الناس : يا رسول الله لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها أفي شيء أُمرت به أو كان يوحى إليك؟ قال(صلّى الله عليه وآله) : (كلّ ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتّى يقضي حاجته)[3].
    عن عبد الله قال : كان النبي (صلّى الله عليه وآله) يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا منعوهما أشار إليهم أن دعوهم فلمّا قضى الصلاة وضعهما في حجره فقال : (مَنْ أَحبّني فليحب هذين)[4].
    عن أبي بُريدة قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين (عليهما‌ السلام) عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثمّ قال : (صدق الله ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ[5]، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّى قطعت حديثي ورفعتهما)[6].
    عن أبي سعيد قال : جاء الحسين(عليه السلام) يشتدّ ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) يصلّي فالتزم عنق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقام به وأخذ بيده فلم يزل ممسكها حتّى رجع[7].
    عن زينب بنت جحش قالت: (قام النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يصلّي واحتضنه ـ يعني الحسين ـ فكان إذا ركع وسجد وضعه وإذا قام حمله فلمّا جلس جعل يدعو ويرفع يديه ويقول فلمّا قضى الصلاة قلت: يا رسول الله لقد رأيتك تصنع اليوم شيئاً ما رأيتك تصنعه؟ قال: (إنّ جبريل أتاني فأخبرني أنّ ابني يُقتل، قلت: فأرني إذاً. فأتاني بتربة حمراء)[8].
    كلّ ذلك إشارة إلى منزلة ومكانة الإمام الحسين (عليه السلام)عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعلى المسلمين أن يحافظوا على ما كان يكنّه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لولده الحسين(عليه السلام)حيث قال (صلّى الله عليه وآله): (حسين منّي وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسيناً حسين سبط من الأسباط)[9].
    والإسلام الذي وصلنا إلى هذا اليوم هو ببركة ثورة الحسين (عليه السلام) في كربلاء؛ لأنّ الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء.
    لقد كان الحسين (عليه السلام) تلك البُنية السليمة بما شعَّ عليها مِن دلائل نُبْل الفِكر والروح، وهي كلُّها التي لمحتها عين النبيِّ الكريم (صلّى الله عليه وآله) مُتحدِّرة مِن صُلب عليٍّ، فإذا هي ـ في عين الطفل وفي محياه ـ استجابة للأصل والجوهر، وتحقيق لأشواق الحُلم الذي جاشت به تلك الليالي الصامتة: فكان الانبعاث، وكانت الرسالة، وكانت القضيَّة، وكانت الوصيَّة الهاجعة في عين الحُلم.
    مِن هنا كان وضوح القصد، ومِن هنا كانت التنشئة مُعيَّنة التوجيه، وكانت الإحاطة موحَّدة العناصر، وحاضرة الإعداد، وكانت البيئة ـ بحدِّ ذاتها ـ بيئة غنيَّة بمواردها الفكريَّة ـ الروحيّة ـ الأصيلة في بُعدها وجوهرها، وتحقيقاتها الرائعة المِثال.
    لقد كان كلُّ ذلك في الجوِّ الذي راح الحسين
    (عليه السلام) يتنفَّس فيه، ويدرج مِن حِضن إلى حِضن، فكيف له
    لقد أدرك الحسين (عليه السلام) ـ وهو في بكرة طريَّة مِن العُمر ـ أنَّ جَدَّه وأباه، هما مُحيطان في الإصابة، وأدرك أنَّ عليه ـ مُنذ الآن ـ أنْ ينمو ويترعرع في حِضن جَدَّه الذي غاب وبقي كامل الحضور في المسجد ـ إنَّها وصيَّته ـ لقد سمعها مِن جَدِّه وهو يتغنَّج عليه فوق منبر المسجد.


    [1] (هي لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب).
    [2] مستدرك الصحيحين، ج 3، ص127.
    [3] المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 165.
    [4] فرائد السمطين، ج 2، ص 107، ح 414.
    [5] سورة التغابن، الآية: 15.
    [6] ينابيع المودّة: ص 263.
    [7] مجمع الزوائد، ج 9، ص 189.
    [8] نفس المصدر، ص 191.
    [9] أنساب الأشراف، ج 2، ص 453.


  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    متباركين

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X