يمثل العنوان في الخطاب الاعلامي المسند الارتكازي، والبذرة الاستهلالية الأولى التي تثير المتلقي، وتزرع فيه رغبة معرفية للقراءة. يُلقب العنوان بـ(ثريا النص) في العوالم الأدبية؛ لما يمتلك من دلائل تأويلية لحيثيات النص، لذا سعت جريدة صدى الروضتين وعبر مسيرتها الابداعية الى الاهتمام بـ(العنونة)؛ لترسيخ مفهوم حداثية العنوان، فنجدها اعتمدت على العنونة الاشارية في بعض أعمدتها، وعلى العناوين المقتصرة على مفردة واحدة، والمركبة من مفردتين وأكثر أيضاً، فكل عنوان له دلائل داخل النص هي التي تسيّر آلية التلقي، وتمنحه الدليل، أي المتعلقات المتكونة من دلالة العنونة.
النص الصحفي لوحة تحتاج الى متأمل، سيساعده العنوان على الولوج إلى العمق النصي، فالعنوان إيحاء نصي حاول بعض المنظرين اليوم إلغاء قيمة العنوان، فسعوا إلى رفع العناوين من مواضيعهم، والعملية ليست جديدة، فهي موجودة في تنظيرات العهد الأموي، والمعنى هو المراهنة على المحتوى النصي دون العنوان.
وفي صدى الروضتين انقسمت العناوين الى العديدة من التنويعات المهمة، ومنها العناوين الساخرة أو اللاذعة مثل (دبابيس) والعزيزة التموينية، والرجل الاسطرلاب، وغيرها... وهناك عناوين استمدت طيفها من المكونات الاجتماعية: كالحكايات، والقصص، والمواضيع المهمة... وأغلب العناوين تتواءم مع الرمز أو الحدث.
وعناوين أدبية ومنها: ذات مدلولات تاريخية، وحاولت صدى الروضتين الابتعاد عن العناوين التي تُشق من متن الموضوع؛ كونها تعتبر من الأساليب التقليدية المتبعة في كتابة المواضيع، حيث تشهد في مثل هذا النوع الركة والتكرار. وأجمل العناوين تلك العناوين الابتكارية، فعنوان (اقرأ) يحيلنا إلى القرآن الكريم، وعنوان (لا أعطيكم) يأخذنا إلى واقعة الطف، ووقفة الحسين العظيمة في عاشوراء.
بعض الصحف أهملت العناوين الفاعلة ذات الحراك الذهني، وقدمت عناوين كلاسيكية، فالعنونة للأسف من المواضيع المُهملة نقدياً في عالم الصحافة، وليس هناك دراسة تعرضت لمناقشتها، وإبراز قيمها، ووضع منهجية لها، بينما يمتلك العنوان حوافز نفسية وأوليات فكرية، وهو تأكيد يماثل المتن، ويوحي الى الكثير من المضامين الاستباقية المتكونة في ذهنية المتلقي قبل قراءة المتن، فقد حاولت صدى الروضتين من خلق مفارقات في عناوينها، حيث اعتبرت العنوان جوهراً كنائياً مهماً في العملية التدوينية.