بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
إن هناك من الأعمال المستحبة ما لا تحتاج إلى كثير مؤونة، ومهما تكاسل الإنسان في حياته ليحاول أن يلتزم ببعضها.
إن من المستحبات التي لا تكلف الإنسان كثيراً هو السواك، وقد يستاك الإنسان بمقتضى حفظ الصحة يومياً وبعد الطعام أو في الصباح، ولو نوى أنَّه يأتي بالعمل استحباباً لحاز بذلك الأجر عليه.
ومن المستحبات التي أحب أن يلتزم بها الجميع – وهو مستحب سهل وميسور في هذه الأيام – البقاء على الطهارة، وبعبارة أخرى أن لا يكون محدثاً قدر الإمكان؛ فالإنسان المحدث محروم من الصلاة ومس القرآن وما شابه ذلك من الأمور، وكأنه ليس على مستوى اللقاء برب العالمين، وكأن الوضوء هو ذلك الثوب الذي يخولك الدخول على السلطان، وما أجمل أن يكون الإنسان على استعداد للقاء ملك الملوك دائما.
وخاصة في أيامنا هذه يذهب الإنسان للحمام وبجواره الماء الحار والبارد، فلماذا لا يكلف نفسه وضوء سريعا؟ وهذه الرواية معروفة عند الملتزمين بالمستحبات – ولا أقول أن يلتزم الجميع بنص الحديث تماماً فذلك شأن أصحاب الهمم العالية ولكن لا بأس أن يأتي بذلك في الأسبوع أو الشهر مرة – ففي الحديث القدسي: (مَنْ أَحْدَثَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَقَدْ جَفَانِي – أطلب منه أن يتوضأ فلا يفعل فهذا جفاء منه – وَمَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ جَفَانِي – وما المانع أن يصلي الإنسان ركعتين خفيفتين من دون مناسبة في الليل أو النهار ولا تكون الصلاة من النوافل بالحمد فقط ويكتفي في ركوعه وسجوده بالتسبيح ثلاث ولكنه يصليها بتوجه ويجبر نفسه على التوجه في دقيقتين – وَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَدْعُنِي فَقَدْ جَفَانِي – لماذا لا تدعو الله عز وجل في هذه الحالة؟ – وَمَنْ أَحْدَثَ وَ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ودَعَا وَلَمْ أُجِبْهُ فَقَدْ جَفَوْتُهُ وَ لَسْتُ بِرَبٍّ جَافٍ)[١].
ولو وقع الإنسان الملتزم بهذا الحديث في شدة ثم قام بعد الوضوء فصلى ودعا ربه؛ قد تقول الملائكة في مقام الشهادة والشفاعة: يا رب هذا عبدك هذا ديدنه وهذا أسلوبه والآن قد تورط في مصيبة بدنية أو مالية فاقض حاجته يا رب.
فلنعاهد الله سبحانه أن نكون على وضوء دائم وخاصة قبل النوم وكما في الحديث الشريف: (مَنْ بَاتَ عَلَى وُضُوءٍ بَاتَ وَ فِرَاشُهُ مَسْجِدُهُ) [٢].
-------------------------------------------------
[١] وسائل الشیعة، ج،١ ص٣٨٢.
[٢] بحار الأنوار، ج٧٣، ص١٨٢.