كربلائيات

[علي حسين الخباز]

قلت عجيب يا جد كانت كربلاء توصف بالجمال، وتشهد لها بساتينها بالخير والعافية، لكن رغم كل هذا نسمع منكم عن أوبئة فتاكة وأمراض كثيرة؛ عقّب صديق جدي الشيخ الوقور قائلاً: سبب الامراض التي امتلأت بها ذاكرة كربلاء هو كثرة المستنقعات التي كانت في كربلاء والبرك المائية المحيطة بها مع وجود الاحواض والآبار في البيوت. قلت: نعم يا جد ما زالت بعض الآبار موجودة الى الآن. عقّب جدي ولا تنسى إن أغلب بيوتاتنا كانت مظلمة، لاتصلها اشعة الشمس، فساعد على انتشار البعوض وتكاثره وسبب انتشار الملاريا.
يقول المؤرخ عبد الرزاق الحسني عن وجود مستنقع كبير يهدد سكانها بأمراض الملاريا، وجاء في كربلاء في الذاكرة أن قامت البلدية بردم جميع الاحواض في البيوت، وسعت الى دفن البُرك والآبار، وقامت بحملات وقاية، ابتسم احد الشباب قائلاً ( صرفاله ) أوه! قلت لجدي مستغرباً ماذا يعني بكلمة صرفاله؟ قال الجد: الصرفاله يا بني تحدث صباحاً في المدارس عند الاصطفاف لطلبة المدارس، إذ يعطى لهم العلاج في الدرسة، وهومحلول الكنين ويدعى الصرفاله؛ قاطعني شابٌ آخر ليسألني: هل قرأت عن الشاعر فضولي البغدادي ؟ قلت: نعم، قال: هل تعرف كيف مات (رحمه الله)؟ لقد مات بالطاعون الذي حدث سنة( 1555)م وذهب فيه ضحايا كثيرة من سكان المدينة. ويذكر التأريخ عن كوارث حدثت بسبب الطاعون سنة 749هـ وسنة 774هـ وزلزال كبير حصل عام 860هـ. قال الشيخ الوقور: نقل اجدادنا اخباراً عن الطاعون الذي تفشى عام (1693)م وأحداث( 1778)م في شهر شعبان المعظم الذي حصد النفوس حصداً في كربلاء حتى شمل بغداد والحلة والنجف.
قال الجد: بني هل تعرف إن اهالي كربلاء سمعوا لأول مرة بمرض ( الكوليرا) وكانوا يسمونه قوليرا، والهواء الأصفر و(ابو زوعه)عام( 1828)م، ويقال أنه جاء من الهند، وفي عام( 1838)م حدث طاعون توفي فيه الكثير، مات فيه الشيخ شريف العلماء ( قدس سره) والشيخ خلف بن الحاج عسكر الزوبعي، وابنه الشيخ حسين، والشيخ المامقاني، وعاد الوباء بعد عشرين عاماً، وتعرض فيه العلامة السيد ابراهيم القزويني للإصابة.