ي مسرحية (القمر السابع) تأليف: منير راضي العبودي
كتابة المسرح التاريخي تحتاج لموهبةٍ ولإدراك موسوعي.
أي التصرف بالذاكرة الجمعية ضمن بؤر إبداعية تعمل لتعميق الجذر التواصلي بين الحدث - المتلقي.
اشتغل الكاتب منير راضي العبودي على منظومة البث الشمولي؛ لكونه لا يريد أن يضيف شيئا للتأريخ، بل يعمل على تقديم التأريخ بطريقة متكاملة، أي البقاء في منطقة التأريخ، ودراسة رؤى الواقعة وأفكار شخوصها، وهذا بدوره سيمكن المواكبة الاجتماعية للحدث، ويطمح أن يبقى مسرحياً دون أن يفقد القدرة التوثيقية، وأن يبقى تاريخياً يحمل جذوة فنه المسرحي، مما جعله يميل لأساسيات المسرح التسجيلي، تسجيل الوقائع والأحداث التاريخية، ونقلها بشكلها التاريخي من أجل توثيق الحدث.
الكاتب المسرحي العبودي منير راضي قدم لنا التاريخ عبر سرديات متنوعة التأثير منها سردية الراوي، فنقرأ:
(الراوي: ـ لقد تشرفت منطقة الأبواء بكونها مسقط رأس الإمام الكاظم (عليه السلام)، ويا له من شرف عظيم، فأن الأماكن تكسب عظمتها وشرفها بما يحدث عليها من أحداث تبقى خالدة على مر الزمن.
بينما كان الإمام أبو عبد الله (عليه السلام) قد حط رحاله في الأبواء في طريق عودته من الحج إلى المدينة المنورة، فقال أبو بصير وهو أحد أصحاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فبينما نحن نأكل معه إذ أتاه رسول زوجة الإمام (عليه السلام) السيدة حميدة (رض) مستبشراً ضاحكاً... ص13).
فكان الراوي يقدم الشرح الوافي لكل حدث وقيمة ما يحدث.
(الراوي: بعد هذه الاشارات والمواقف التي تحرك على أساسها الحكم الجديد، أصابت البلاد حالة من حالات الذعر والخوف حتى غدت أسواق بغداد وطرقها بحالة من الإرباك، كأنها ديار قد خربت بالطاعون، فكان الفرد يتحاشى الأماكن العامة، ويفضل عدم الخروج إلى الشارع أو حتى مكان عمله؛ لما ذاع من اعتقال وقتل وتنكيل بكل ما يشتبه به من العامة والخاصة في بغداد وضواحيها.
أما المدينة المنورة، فقد جعل عليها ولاة مارسوا أبشع أنواع الإذلال والاضطهاد ضد آل البيت وأتباعهم، ومن هؤلاء الولاة إسحاق بن عيسى بن علي الذي كتب كتاباً إلى الخليفة، شارحاً فيه ما فعله بالعلويين ومحاصرته كتحركات الامام الكاظم (عليه السلام) وآل بيته.
وبعد هذا التصعيد، تمادى العباسيون في أفعالهم الدنيئة لآل البيت، حيث ادعوا أن رجلاً عفيفاً من العلويين قد شرب الخمر، فنكلوا به، وجعلوا في عنقه حبالاً، وطافوا به في الشوارع والأزقة لإهانته، وفضحه أمام الجميع... ص26).
واتخذ كذلك مبدأ التحاور، لينهل بواسطته من معين الحدث الواقعة التاريخية؛ كونه يحفل بالأفعال التي لها واقع مؤثر في مجريات الواقع التاريخي المؤثر على الواقع الوجداني الإنساني في كل زمان ومكان، وهذه المحاورات امتلكت سطوة الكشف التنويري للحدث تبين واقع الأحداث من التأريخ.
شخص2: ـ نعم، إن هؤلاء قومنا وهم من العلويين، فذاك الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن وذلك مسلم بن جندب وثالثهم عمر بن سلام والله هم من خير بيوتات المدينة وأشرافها.
صاحب الشرطة: ـ أنت هل تشك بحكمنا وسياستنا.. أيها الشرطة، اقبضوا على هذا المنافق، وأودعوه السجن حتى يفيق من سحر آل الحسن، هيا، سوقوا هؤلاء أمام الناس جميعا هيا... ص27).
ومثل هذه الحوارات المطولة عملت على ديمومة الحدث وتقديمه بشكل يستوعب كل حيثيات الحدث التاريخي حتى أدى التحاور بأسلوب تقريري من خلال الأصوات التي تمثل مكانة الراوي.
صوت 1: ـ ولد الإمام في السابع من صفر سنة 128هـ، وأقام أبوه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وليمة لإطعام الناس لثلاث ليال.
صوت 2: ـ عاش الإمام مع ابنه الصادق عشرين سنة، واستقل بالإمامة بعد وفاة أبيه لمدة خمسة وثلاثين عاماً ص14.
والصوت الثالث بين عمر الامام الحقيقي، والصوت الرابع عرفنا باسم أم الامام وهويتها، وهكذا سعت جميع الأصوات لكشف كل عوالم الإمام (عليه السلام) الحياتية، وأدت هذه المساعي إلى انتقاءات تاريخية بعناية، وقدمت أرقى مستويات المناقشة الفقهية من خلال جلسات الدرس، فقد نقل في الصفحة (47) مناقشة عن محور القياس وكيفية جواز الرجوع.
السؤال الذي نريد أن نصل إليه في هذا الانطباع بعدما استعرضنا أسلوبية اشتغال هذا العمل المسرحي، هل يتحمل النص المسرحي مثل هذه المحاورات التعليمية والتثقيفية؟
فالمسرح التعليمي يشتغل بآليات مستقلة عن التوثيق، فلهذا أنا مدرك لروح المغامرة التي تحتاج لفنان من طراز الكاتب منير راضي العبودي.
علي حسين الخباز
كتابة المسرح التاريخي تحتاج لموهبةٍ ولإدراك موسوعي.
أي التصرف بالذاكرة الجمعية ضمن بؤر إبداعية تعمل لتعميق الجذر التواصلي بين الحدث - المتلقي.
اشتغل الكاتب منير راضي العبودي على منظومة البث الشمولي؛ لكونه لا يريد أن يضيف شيئا للتأريخ، بل يعمل على تقديم التأريخ بطريقة متكاملة، أي البقاء في منطقة التأريخ، ودراسة رؤى الواقعة وأفكار شخوصها، وهذا بدوره سيمكن المواكبة الاجتماعية للحدث، ويطمح أن يبقى مسرحياً دون أن يفقد القدرة التوثيقية، وأن يبقى تاريخياً يحمل جذوة فنه المسرحي، مما جعله يميل لأساسيات المسرح التسجيلي، تسجيل الوقائع والأحداث التاريخية، ونقلها بشكلها التاريخي من أجل توثيق الحدث.
الكاتب المسرحي العبودي منير راضي قدم لنا التاريخ عبر سرديات متنوعة التأثير منها سردية الراوي، فنقرأ:
(الراوي: ـ لقد تشرفت منطقة الأبواء بكونها مسقط رأس الإمام الكاظم (عليه السلام)، ويا له من شرف عظيم، فأن الأماكن تكسب عظمتها وشرفها بما يحدث عليها من أحداث تبقى خالدة على مر الزمن.
بينما كان الإمام أبو عبد الله (عليه السلام) قد حط رحاله في الأبواء في طريق عودته من الحج إلى المدينة المنورة، فقال أبو بصير وهو أحد أصحاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فبينما نحن نأكل معه إذ أتاه رسول زوجة الإمام (عليه السلام) السيدة حميدة (رض) مستبشراً ضاحكاً... ص13).
فكان الراوي يقدم الشرح الوافي لكل حدث وقيمة ما يحدث.
(الراوي: بعد هذه الاشارات والمواقف التي تحرك على أساسها الحكم الجديد، أصابت البلاد حالة من حالات الذعر والخوف حتى غدت أسواق بغداد وطرقها بحالة من الإرباك، كأنها ديار قد خربت بالطاعون، فكان الفرد يتحاشى الأماكن العامة، ويفضل عدم الخروج إلى الشارع أو حتى مكان عمله؛ لما ذاع من اعتقال وقتل وتنكيل بكل ما يشتبه به من العامة والخاصة في بغداد وضواحيها.
أما المدينة المنورة، فقد جعل عليها ولاة مارسوا أبشع أنواع الإذلال والاضطهاد ضد آل البيت وأتباعهم، ومن هؤلاء الولاة إسحاق بن عيسى بن علي الذي كتب كتاباً إلى الخليفة، شارحاً فيه ما فعله بالعلويين ومحاصرته كتحركات الامام الكاظم (عليه السلام) وآل بيته.
وبعد هذا التصعيد، تمادى العباسيون في أفعالهم الدنيئة لآل البيت، حيث ادعوا أن رجلاً عفيفاً من العلويين قد شرب الخمر، فنكلوا به، وجعلوا في عنقه حبالاً، وطافوا به في الشوارع والأزقة لإهانته، وفضحه أمام الجميع... ص26).
واتخذ كذلك مبدأ التحاور، لينهل بواسطته من معين الحدث الواقعة التاريخية؛ كونه يحفل بالأفعال التي لها واقع مؤثر في مجريات الواقع التاريخي المؤثر على الواقع الوجداني الإنساني في كل زمان ومكان، وهذه المحاورات امتلكت سطوة الكشف التنويري للحدث تبين واقع الأحداث من التأريخ.
شخص2: ـ نعم، إن هؤلاء قومنا وهم من العلويين، فذاك الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن وذلك مسلم بن جندب وثالثهم عمر بن سلام والله هم من خير بيوتات المدينة وأشرافها.
صاحب الشرطة: ـ أنت هل تشك بحكمنا وسياستنا.. أيها الشرطة، اقبضوا على هذا المنافق، وأودعوه السجن حتى يفيق من سحر آل الحسن، هيا، سوقوا هؤلاء أمام الناس جميعا هيا... ص27).
ومثل هذه الحوارات المطولة عملت على ديمومة الحدث وتقديمه بشكل يستوعب كل حيثيات الحدث التاريخي حتى أدى التحاور بأسلوب تقريري من خلال الأصوات التي تمثل مكانة الراوي.
صوت 1: ـ ولد الإمام في السابع من صفر سنة 128هـ، وأقام أبوه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وليمة لإطعام الناس لثلاث ليال.
صوت 2: ـ عاش الإمام مع ابنه الصادق عشرين سنة، واستقل بالإمامة بعد وفاة أبيه لمدة خمسة وثلاثين عاماً ص14.
والصوت الثالث بين عمر الامام الحقيقي، والصوت الرابع عرفنا باسم أم الامام وهويتها، وهكذا سعت جميع الأصوات لكشف كل عوالم الإمام (عليه السلام) الحياتية، وأدت هذه المساعي إلى انتقاءات تاريخية بعناية، وقدمت أرقى مستويات المناقشة الفقهية من خلال جلسات الدرس، فقد نقل في الصفحة (47) مناقشة عن محور القياس وكيفية جواز الرجوع.
السؤال الذي نريد أن نصل إليه في هذا الانطباع بعدما استعرضنا أسلوبية اشتغال هذا العمل المسرحي، هل يتحمل النص المسرحي مثل هذه المحاورات التعليمية والتثقيفية؟
فالمسرح التعليمي يشتغل بآليات مستقلة عن التوثيق، فلهذا أنا مدرك لروح المغامرة التي تحتاج لفنان من طراز الكاتب منير راضي العبودي.
علي حسين الخباز
تعليق