إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يَا رُوحَ اللَّهِ، مَنْ نُجَالِسُ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يَا رُوحَ اللَّهِ، مَنْ نُجَالِسُ


    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): (قَالَتِ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى: يَا رُوحَ اللَّهِ، مَنْ نُجَالِسُ؟
    قَالَ: مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ، ويَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، ويُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ)[1].
    إن الفقه والتفقه في الدين حاز مقاماً إلهياً رفيعاً وعناية ربانية ألبسه الشارع المقدس لباس الوجوب من خلال قوله (صلى الله عليه وآله): (طلب العلم فريضة على كل مسلم)[2]. وأسبغ عليه ببيانه الرائع معنىً أخلاقياً رفيعاً إذ قال: (لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا)[3]، وهذا إن دلّ على شيء إنما يدلنا على الحاجة الكبرى للعلماء الذين ينشرون من علوم أهل بيت العصمة عليهم السلام ويبيّنون أحكام وحي السماء ويزكّون الناس بأفعالهم قبل أقوالهم.
    يتأثر الإنسان بكل ما يجري حوله بنسب متفاوتة، بحسب شخصيته وتربيته وما يحيط به من ظروف ومؤثرات، ويتربى بما يتلقاه من علم وتوجيهات، وتساهم تصرفات الآخرين في الاستفادة وأخذ العبر أو تقليدهم في ممارساتهم. فالتربية نتاج عوامل كثيرة في الأسرة والمدرسة والصحبة ووسائل الإعلام والعلاقات الاجتماعية والمجتمع بشكل عام، من هنا يكتسب اختيار الصحبة والمجالس التي تنعقد لاجتماع عدد من الناس واللقاءات أهمية كبرى، وكذلك تحديد الصالح منها والمفيد، وبناء العلاقة المناسبة مع الآخرين.
    الفقيه في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)
    قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ من لم يُقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخِّص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكّر)[4].
    بعض علامات الفقه
    1- إصلاح المعيشة: أي تجلي الفقه في مسيرة الإنسان بما يضفي السعادة على حياة المجتمع بشكلٍ عام، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (مِنْ فقه الرجل أن يصلح معيشته، وليس من حب الدنيا طلب ما يصلحك)[5].
    2- عدم الغرور: فالغرور يخرج المرء عن تأثيره، وبالتالي فإن المغرور يوجه ضربة للفقه والفقهاء من حيث لا يشعر، فعن الإمام علي (عليه السلام): (إن من الحق أن تتفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا)[6].
    3- أصالة الصمت: عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه)[7].
    وفي روايةٍ عن هشام بن سالم يبين أن ذلك حقٌ من حقوق الله تعالى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (ما حق الله على خلقه؟ فقال: أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه)[8].
    وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (يا طالب العلم! إن للعالم ثلاث علامات: العلم والحلم والصمت، وللمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية، ويظلم من دونه بالغلبة، ويظاهر الظلمة)[9].
    شدة الفقيه على إبليس
    وهذه المكانة الخاصة للعلماء أي وجودهم على الثغر الذي يقف الشيطان قباله جعل منهم أعداءً حقيقيين للشيطان وأعوانه في الحياة، وجعل رحيل أحدهم مناسبة فرح عند شياطين الإنس والجن، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه)[10].
    عن الإمام الكاظم (عليه السلام): (إذا مات المؤمن... ثَلُمَ في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء، لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها)[11].
    وعن الإمام السجّاد (عليه السلام): (متفقه في الدين أشد على الشيطان من عبادة ألف عابد)[12].
    وقد يتساءل البعض: كيف نجالس العلماء إن كنا في بلد لا يوجد فيه عالم أو يصعب علينا مجالسة عالم معين؟ الجواب : أن الوسيلة الوحيدة لتحصيل العلم في السابق كانت عبر مجالسة العلماء خصوصا مع عدم انتشار الكتب عند العوام من الناس أما في أيامنا هذه فإننا نستطيع أن نجالس العلماء عبر وسائل الاتصال التي بين أيدينا إن لم نتمكن من حضور مجالس العلماء فكل منا لديه جهاز هاتف نقال ويستطيع من خلاله الدخول على مواقع العلماء أو الإستماع إلى خطبهم وتوجيهاتهم عبر موقع اليوتيوب وغيرها من المواقع إلا أننا مع شديد الأسف نسيء استخدام هذه النعمة عندما ننشغل بالنكات والمقاطع الكوميدية والصور المضحكة التي لا تنفع و تهدر أوقاتنا، لذلك ينبغي علينا أن نستغل أوقاتنا أفضل استغلال في التعليم والتثقيف الديني وأن ننشر هذه المقاطع والمواقع والوثائق لنساهم في نشر عقيدة آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم ونشر الوعي الثقافي، فهذه القضية من أهم القضايا التي علينا أن نهتم بها في عصر الغيبة ففي المناقب لإبن شهر آشوب في تفسير قوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث) يا محمد حدث العباد بمنن أبي طالب عليك وحدثهم بفضائل علي عليه السلام في كتاب الله لكي يعتقدوا ولايته وبطلان ولاية أعدائه، لذلك فعلينا أن لا نستهين بمسألة النشر عبر الواتس اب وتويتر والفيس بوك والإيميل لنبين للعالم إمامة آل محمد (عليهم السلام) وأحقيتهم وعقائدهم وأخلاقهم ومثالب أعدائهم.
    وإذا بحثنا في الأسباب الرئيسة لانحراف الشباب، وجدناها تتمثل في مجالس اللهو وارتياد أماكن الفساد، والاستماع إلى شخصيات منحرفة أسست حياتها على الملذات، والإعجاب بنماذج روَّج لها الإعلام وأحاطها بهالة كبرى للجذب إليها.
    وحيث يوجد لدى الشباب أوقات فراغ كثيرة، فالعناية باختيار المجالس المناسبة لهم تساعدهم على بناء شخصيتهم بشكل سليم، فارتياد المساجد وسهرات الأدعية واللقاءات بين المؤمنين، والرحلات المشتركة، والأنشطة الرياضية والكشفية الهادفة، والنوادي المدرسية العلمية والثقافية والفنية والترفيهية وغيرها، والاجتماعات العائلية التي تظللها أجواء الاستقامة، وأي نوع من أنواع المجالس التي لا يُعصى الله فيها، تشكِّل متنفساً إيجابياً لصرف الوقت، وعاملاً مساعداً للاستفادة في دائرة الحلال والطاعة لله تعالى.
    وللمجلس في الإسلام آداب خاصة، تتصل بالمجلس نفسه، وبروّاده، وبكيفية الجلوس، وكيفية الحديث، وتمكننا الإشارة إلى أهم آداب المجلس:
    أولاً: البدء بالسلام، وذلك عند الدخول إلى المجلس، وكما يحسن بالداخل البدء بالسلام فإنّه يجب على المتواجدين فيه رد السلام عليه، ولا بدّ لنا أن نلفتُ النظر إلى أنّه إذا دخل الإنسان مجلساً وكان هناك واعظ يتكلم أو قارئ يقرا القرآن أو مدرس يعلم تلامذته.. فيجمل به الدخول دون ضجيج، ودون أن يرفع صوته بالسلام على الحضور مثيراً بذلك الصخب.
    ثانياً: الجلوس حيث ينتهي بالإنسان المجلس، هذه وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلى هذا كان سلوكه (صلى الله عليه وآله) أيضاً، ففي الحديث الذي يحكي لنا أوصاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول أحد صحابته: (كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لاَ يَجْلِسُ وَلاَ يَقُومُ إِلاَّ عَلَى ذِكْرٍ وَلاَ يُوطِنُ اَلْأَمَاكِنَ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا وَإِذَا اِنْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ اَلْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ ويُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ نَصِيبَهُ حَتَّى لاَ يَحْسَبُ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَائِهِ أَنَّ أَحَداً أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَنْ جَالَسَهُ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ اَلْمُنْصَرِفَ عَنْهُ)[13]، ومن خلال هذه السيرة العطرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن وحي تلك الوصايا الجليلة يتعلّم الإنسان التواضع واحترام الآخرين.
    وعليه، فالسلوك الذي يحرص عليه البعض من الإصرار على الجلوس في الصف الأمامي وإذا لم يجد محلاً في صدر المجلس فإنّه ينصرف أو يحرج البعض بالقيام والجلوس مكانه، هو خلق ذميم ومكروه في الإسلام، لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أشرف وأكرم خلق الله تعالى لا يجد غضاضة في الجلوس حيث انتهى به المجلس، ولا يتخذ لنفسه مكاناً مميزاً، حتى أنّ الداخل عليه كان لا يعرف من هو النبي (صلى الله عليه وآله) ومن هم صحابته، ولذا كان يبادر إلى التساؤل: أيكم محمد (صلى الله عليه وآله)؟
    هذا من الزاوية الأخلاقية، وأمّا من الزاوية الفقهية القانونية، فإنّ من يسبق إلى مجلس فهو أولى به ولا تجوز مزاحمته عليه، بيد أنّ هذا لا ينفي أنّ مقتضى الأدب هو أن يوسّع المرء للآخرين، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾، سورة المجادلة، الآية: 11، وأحياناً يستحب للمرء وربما وجب عليه أن يقوم ويُجلس الآخرين، كما لو كان الشخص جالساً في أماكن العبادة كالمساجد، وقد أدى أعماله الواجبة أو المستحبة، ودخل إلى المسجد أشخاص آخرون يريدون القيام بأعمالهم العبادية.
    ثالثاً: احترام أسرار المجالس وعدم إفشائها، فإنّ ذلك من مقتضيات الأمانة، أجل لو كان الحديث الدائر في المجلس فيه خيانة للأمة، أو تخطيط للتآمر على أحد الناس بهدف قتله أو نحو ذلك فهنا تكون رعاية المصلحة الأمة أو مصلحة حفظ النفوس والأعراض أهم من مفسدة إفشاء أسرار المجالس.
    المجالس المحبوبة
    غير خافٍ أنّ للمجالس أنواعاً عديدة ومختلفة، فثمة مجالس مثمرة ونافعة ومفيدة للإنسان في دنياه وآخرته، وفي المقابل فهناك مجالس غير نافعة ولا مفيدة، بل إنّ بعضها مسيء له أخلاقياً وروحياً، والنوع الأول من المجالس هو المجالس العامرة بذكر الله أو التي تذكرّه الآخرة أو التي تتلى فيها تعاليم الإسلام، أو التي تزيد المرء علماً أو عملاً، أو تفتح له أبواب التواصل المثمر مع بني الإنسان، أو تساهم في تقريب القلوب وإصلاح ذات البين، ومجالس كهذه هي مجالس محبوبة لله ولرسوله (ص)، وإليك أهّمها:
    أولاً: مجالس طلب العلم
    ثانياً: مجالس المساجد
    ثالثاً: مجالس الدعاء وقراءة القرآن
    رابعاً: المجالس الأسرية
    خامساً: مجالس المؤمنين
    سادساً: مجالس العلماء والأتقياء
    سابعاً: مجالس العمل الاجتماعي والثقافي

    المجالس الممقوتة
    وفي المقابل فإنّ ثمة مجالس يمقتها الإسلام أو يحرمها ويدعو إلى مقاطعتها والابتعاد عنها، وإذا تواجد المرء فيها فعليه أن يعمل على تغيير وجهة المجلس من مجلس يبغضه الله إلى مجلس يحبّه الله، بأن يصدع بالحق وينكر المنكر وينتصر للمظلوم، ( إِنَّ أَفْضَلَ اَلْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ)[14]، وإن لم يستطع الإنسان الانتصار للمظلوم والردع عن المنكر، فعليه الانسحاب من المجلس، ولا يجوز له البقاء فيه.

    : فالمطلوب إذاً في مثل هذه المجالس إما
    1- محاولة تغيير وجهة المجلس
    2- وإن لم يستطع فعليه الانسحاب
    : إذاً مقاطعة هذه المجالس هي من باب
    1- النهي عن المنكر
    2- أو عدم تشجيع الانحراف
    3- الانتصار للمؤمنين

    وفيما يلي نذكر بعض المجالس المبغوضة لله تعالى:

    أولاً: مجالس الاستهزاء بالدين ورموزه
    ثانياً: مجالس الكذب على الله ورسوله
    ثالثاً: مجالس تمجيد أعداء الله
    رابعاً: مجالس المعصية
    خامساً: مجالس المتكبرين والمرائين
    سادساً: المجالس المختلطة
    سابعاً: مجالس الفضوليين.

    [1] الكافي، ج 1، ص 39 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني .
    [2] الكافي، الكليني، ج1، ص9.
    [3] أصول الكافي، ج1، ص31.
    [4] أصول الكافي، ج1، ص31.
    [5] ميزان الحكمة، ج2، ص896.
    [6] ميزان الحكمة، ج3، ص2458.
    [7] نفس المصدر.
    [8] الكافي، ج1، ص50.
    [9] ميزان الحكمة، ج2، ص1777.
    [10] ميزان الحكمة، ج3، ص2459.
    [11] الكافي، ج1، ص38.
    [12] ميزان الحكمة، ج3، ص2458.
    [13] عيون الأخبار، ج1، ص315.
    [14] وسائل الشیعة، ج16، ص126.


  • #2
    كل الشكر على طرحك الرآئع
    وفي انتظار ابداعك القادم بكل شوق
    لك وافر التقدير












    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X