تويت
كان محمد طالباً في المدرسة الإعدادية، وكان فقيراً لا يملك شراء أدوات المدرسة التي يطلبها منه المعلم..
قرر محمد أن يبيع بعض الأقلام ولوازم المدرسة، أمام مدرسة بعيدة قليلاً عن مدرسته، كي لا يتعرف عليه أحد من زملائه.
فكان يخرج مسرعاً من مدرسته، عندما يدقّ جرس المدرسة، ويذهب إلى صاحب مكتبة قريبة من المدرسة، فيأخذ منه بعضاً من القرطاسية، بسعر أقل مما يبيعه لتلاميذ المدرسة ويبيعها محمد بثمن أقلّ من المكتبة بقليل كي يجذب الطلاب إليه.
في أحد الأيام لم يشترِ أحد منه أي شيء، وكذلك في اليوم الثاني والثالث..
فقرر محمد أن يبيع أمام مدرسته، لأن أستاذه طلب من الطلاب شراء بعض المساطر الهندسية..
أخذ محمد من صاحب المكتبة البضاعة المطلوبة، ووضع على رأسه كوفية وغطى بها وجهه ولم يظهر سوى عينيه، حتى لا يعرفه أصدقاؤه، ولأن الجو كان بارداً فلن ينتبه إليه أحد..
وضع محمد في فمه قطعة من القطن، حتى يغيّر من نبرة صوته، فلا يتعرّف أصدقاؤه على صوته..
كان محمد فرحاً لأنه باع أكثر البضاعة التي لديه ولم يعرفه أحد..
وإذا به يرى عن بعد صديقه على ينظر إليه وابتسامة ماكرة على وجهه..
اقترب علي من محمد رويداً رويداً وهو يبتسم ابتسامة صفراء..
صارمحمد يرتّب بضاعته حتى لا ينظر إلى علي فيعرفه من عينيه..
صاح علي:
- محمد... ماذا تفعل يا صديقي؟؟ تبيع؟؟ إذاً أنت محتاج للنقود أليس كذلك؟؟
أشاح محمد بوجهه عن علي، وكأنه لا يسمعه..
وإذا بعلي يقفز ويمدّ يده بسرعة كبيرة ويخلع الكوفية عن محمد..
صار علي يضحك بصوتٍ عالٍ وينادي أصدقاءه كي يروا صديقهم البائع الصغير..
شعر محمد بحرج شديد، ودمعت عيناه خجلاً من أصدقائه..
كان معلم الصف يقف بعيداً يراقب المشهد..
ولما رأى محمد يبكي خجلاً، أسرع إليه الأستاذ، وضمّه إلى صدره، وهو يقول للطلاب الساخرين منه:
- محمد أيها الرجل الصغير.. كم أنت كبير يا بُنيّ، تعمل كي تنفق على نفسك ووالديك، ليتكم كنتم مثله، رجلاً حقاً يتحمّل المسؤولية ولا يطلب مالاً من أحد..
فشعر الجميع بالخجل الشديد