هناك دليل علمي مهم وضروري للوصول الى جواب لسؤال ملح عنوانه ما الدليل على أن الإمام المهدي (عج) غائب؟
والجواب:
هو يتكوّن من تجربة عاشتها أمّة من الناس فترة امتدّت سبعين سنة تقريباً وهي فترة الغيبة الصغرى. لتوضيح ذلك نمهد بإعطاء فكرة موجزة عن الغيبة الصغرى.
إنّ الغيبة الصغرى تُعبّر عن المرحلة الأولى من إمامة القائد المنتظر عليه الصلاة والسلام فقد قُدّر لهذا الإمام منذ تسلّمه للإمامة ان يستتر عن المسرح العام ويظلُّ بعيداً باسمه عن الأحداث وإن كان قريباً منها بقلبه وعقله ، وقد لوحظ أنّ هذه الغيبة إذا جاءت مفاجئة حققت صدمة كبيرة للقواعد الشعبية للإمامة في الأمّة الإسلاميّة ؛ لأنّ هذه القواعد كانت معتادة على الإتّصال بالإمام في كلّ عصر ، والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاكل المتنوعة ، فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأة وشعروا بالإنقطاع عن قيادتهم الروحية الفكريّة ، سبّبت هذه الغيبة المفاجئة الإحساس بفراغٍ دفعي هائل قد يعصف بالكيان كلّه ويشتّت شمله ، فكان لابدّ من تمهيد لهذه الغيبة ؛ لكي تألّفها هذه القواعد بالتدريج ، وتكيّف نفسها شيئاً فشيئاً على أساسها ، وكان هذا التمهيد هو الغيبة الصغرى التي اختفى فيها الإمام المهدي عن المسرح العام ، غير أنّه كان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طرق وكلائه ونوابه والثقات من أصحابه الذين يشكلون همزة الوصل بينه وبين الناس المؤمنين بخطه الإمامي،(تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي / السيد هاشم البحراني). وقد شغل مركز النيابة عن الإمام في هذه الفترة أربعة ممّن أجمعت تلك القواعد على تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمّنها وهم كما يلي :
١ ـ عثمان بن سعيد العمري.
٢ ـ محمّد بن عثمان بن سعيد العمري.
٣ ـ أبو القاسم الحسين بن روح.
٤ ـ أبو الحسن علي بن محمد السمري.
وقد مارس هؤلاء الأربعة، مهام النيابة بالترتيب المذكور ، وكلّما مات أحدهم خلفه الآخر الذي يليه بتعيين من الإمام المهدي عليه السلام.
وكان النائب يتّصل بالشيعة ويحمل أسئلتهم إلى الإمام ، ويعرض مشاكلهم عليه ، ويحمل إليهم أجوبته شفهيّة أحياناً وتحريرية (وهذه تعرف بالتوقيعات ، وهي الأجوبة التحريرية والشفوية التي نقلت عن الإمام المهدي عليه السلام. راجع : الاحتجاج / الطبرسي ٢ : ٥٢٣ وما بعدها ) في كثير من الأحيان ، وقد وجدت الجماهير التي فقدت رؤية إمامها العزاء والسلوة في هذه المراسلات والإتّصالات غير المباشرة. ولاحظت أنّ كلّ التوقيعات والرسائل كانت ترد من الإمام المهدي عليه السلام بخط واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة النواب الأربعة التي استمرت حوالي سبعين عاماً ، وكان السمري هو آخر النواب ، فقد أعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغرى التي تتميز بنُواب معينين ، وابتداء الغيبة الكبرى التي لا يوجد فيها أشخاص معينون بالذات لوساطة بين الإمام القائد والشيعة ، وقد عبّر التحول من الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى عن تحقيق الغيبة الصغرى لأهدافا وانتهاء مهمّتها ؛ لأنّها حصّنت الشيعة بهذه العملية التدريجيّة عن الصدمة والشعور بالفراغ الهائل بسبب غيبة الإمام ، واستطاعت ان تكيّف وضع الشيعة على أساس الغيبة ، وتعدّهم بالتدريج لتقبّل فكرة النيابة العامّة عن الإمام ، وبهذا تحوّلت النيابة من أفراد منصوصين (إشارة إلى النواب الأربعة المذكورين) إلى خط عام (وهو ما اصطلح عليه « بالمرجعية الدينيّة ») ، وهو خط المجتهد العادل البصير بأمور الدنيا والدين تبعاً لتحول الغيبة الصغرى إلى غيبة كبرى.
والآن بإمكانك أن تقدّر الموقف في ضوء ما تقدّم ، لكي تدرك بوضوح أنّ المهدي حقيقة عاشتها أمّة من الناس ، وعبّر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم مع الآخرين ، ولم يلحظ عليهم أحدٌ كلّ هذه المدة تلاعباً في الكلام ، أو تحايلاً في التصرف ، أو تهافتاً في النقل. فهل تتصوّر ـ بربك ـ أنّ بإمكان أكذوبة ان تعيش سبعين عاماً ، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب كلهم يتفقون عليها ، ويظلّون يتعاملون على أساسها وكأنّها قضيّة يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون ان يبدر منهم أيّ شيء يثير الشكّ ، ودون ان يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميّزة تتيح لهم نحواً من التواطئ ، ويكسبون من خلال ما يتّصف به سلوكهم من واقعيّة ثقة الجميع ، وإيمانهم بواقعيّة القضيّة التي يدّعون أنّهم يحسونها ويعيشون معها ؟!
لقد قيل قديماً : إنّ حبل الكذب قصير ، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أنّ من المستحيل عمليّاً بحساب الإحتمالات أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل ، وكلّ هذه المدّة ، وضمن كلّ تلك العلاقات والأخذ والعطاء ، ثمّ تكسب ثقة جميع من حولها.
وهكذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن ان تعتبر بمثابة تجربة علميّة لإثبات ما لها من واقع موضوعي ، والتسليم بالإمام القائد بولادته (إنّ اتصال الامام القائد المهدي بقواعد الشيعية عن طريق نوابه ووكلائه ، أو بأساليب أخرى متنوعة واقع تاريخي موضوعي ليس من سبيل إلى انكاره ، كما في السفارة ، فضلاً عن الدلائل الأخرى الكثيرة المستندة إلى اخبار من يجب تصديقه ، ثمّ هو مقتضى الأحاديث المتواترة ، كحديث : « من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتةً جاهلية » وغير ذلك) وحياته وغيبته ، وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد (ورد التوقيع الشريف عن الإمام القائد المهدي عليه السلام بعدم إمكان رؤيته بشكل صريح بعد وقوع الغيبة الكبرى ، وهذا محلّ اتّفاق علماء الإماميّة ) .
والجواب:
هو يتكوّن من تجربة عاشتها أمّة من الناس فترة امتدّت سبعين سنة تقريباً وهي فترة الغيبة الصغرى. لتوضيح ذلك نمهد بإعطاء فكرة موجزة عن الغيبة الصغرى.
إنّ الغيبة الصغرى تُعبّر عن المرحلة الأولى من إمامة القائد المنتظر عليه الصلاة والسلام فقد قُدّر لهذا الإمام منذ تسلّمه للإمامة ان يستتر عن المسرح العام ويظلُّ بعيداً باسمه عن الأحداث وإن كان قريباً منها بقلبه وعقله ، وقد لوحظ أنّ هذه الغيبة إذا جاءت مفاجئة حققت صدمة كبيرة للقواعد الشعبية للإمامة في الأمّة الإسلاميّة ؛ لأنّ هذه القواعد كانت معتادة على الإتّصال بالإمام في كلّ عصر ، والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاكل المتنوعة ، فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأة وشعروا بالإنقطاع عن قيادتهم الروحية الفكريّة ، سبّبت هذه الغيبة المفاجئة الإحساس بفراغٍ دفعي هائل قد يعصف بالكيان كلّه ويشتّت شمله ، فكان لابدّ من تمهيد لهذه الغيبة ؛ لكي تألّفها هذه القواعد بالتدريج ، وتكيّف نفسها شيئاً فشيئاً على أساسها ، وكان هذا التمهيد هو الغيبة الصغرى التي اختفى فيها الإمام المهدي عن المسرح العام ، غير أنّه كان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طرق وكلائه ونوابه والثقات من أصحابه الذين يشكلون همزة الوصل بينه وبين الناس المؤمنين بخطه الإمامي،(تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي / السيد هاشم البحراني). وقد شغل مركز النيابة عن الإمام في هذه الفترة أربعة ممّن أجمعت تلك القواعد على تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمّنها وهم كما يلي :
١ ـ عثمان بن سعيد العمري.
٢ ـ محمّد بن عثمان بن سعيد العمري.
٣ ـ أبو القاسم الحسين بن روح.
٤ ـ أبو الحسن علي بن محمد السمري.
وقد مارس هؤلاء الأربعة، مهام النيابة بالترتيب المذكور ، وكلّما مات أحدهم خلفه الآخر الذي يليه بتعيين من الإمام المهدي عليه السلام.
وكان النائب يتّصل بالشيعة ويحمل أسئلتهم إلى الإمام ، ويعرض مشاكلهم عليه ، ويحمل إليهم أجوبته شفهيّة أحياناً وتحريرية (وهذه تعرف بالتوقيعات ، وهي الأجوبة التحريرية والشفوية التي نقلت عن الإمام المهدي عليه السلام. راجع : الاحتجاج / الطبرسي ٢ : ٥٢٣ وما بعدها ) في كثير من الأحيان ، وقد وجدت الجماهير التي فقدت رؤية إمامها العزاء والسلوة في هذه المراسلات والإتّصالات غير المباشرة. ولاحظت أنّ كلّ التوقيعات والرسائل كانت ترد من الإمام المهدي عليه السلام بخط واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة النواب الأربعة التي استمرت حوالي سبعين عاماً ، وكان السمري هو آخر النواب ، فقد أعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغرى التي تتميز بنُواب معينين ، وابتداء الغيبة الكبرى التي لا يوجد فيها أشخاص معينون بالذات لوساطة بين الإمام القائد والشيعة ، وقد عبّر التحول من الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى عن تحقيق الغيبة الصغرى لأهدافا وانتهاء مهمّتها ؛ لأنّها حصّنت الشيعة بهذه العملية التدريجيّة عن الصدمة والشعور بالفراغ الهائل بسبب غيبة الإمام ، واستطاعت ان تكيّف وضع الشيعة على أساس الغيبة ، وتعدّهم بالتدريج لتقبّل فكرة النيابة العامّة عن الإمام ، وبهذا تحوّلت النيابة من أفراد منصوصين (إشارة إلى النواب الأربعة المذكورين) إلى خط عام (وهو ما اصطلح عليه « بالمرجعية الدينيّة ») ، وهو خط المجتهد العادل البصير بأمور الدنيا والدين تبعاً لتحول الغيبة الصغرى إلى غيبة كبرى.
والآن بإمكانك أن تقدّر الموقف في ضوء ما تقدّم ، لكي تدرك بوضوح أنّ المهدي حقيقة عاشتها أمّة من الناس ، وعبّر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم مع الآخرين ، ولم يلحظ عليهم أحدٌ كلّ هذه المدة تلاعباً في الكلام ، أو تحايلاً في التصرف ، أو تهافتاً في النقل. فهل تتصوّر ـ بربك ـ أنّ بإمكان أكذوبة ان تعيش سبعين عاماً ، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب كلهم يتفقون عليها ، ويظلّون يتعاملون على أساسها وكأنّها قضيّة يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون ان يبدر منهم أيّ شيء يثير الشكّ ، ودون ان يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميّزة تتيح لهم نحواً من التواطئ ، ويكسبون من خلال ما يتّصف به سلوكهم من واقعيّة ثقة الجميع ، وإيمانهم بواقعيّة القضيّة التي يدّعون أنّهم يحسونها ويعيشون معها ؟!
لقد قيل قديماً : إنّ حبل الكذب قصير ، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أنّ من المستحيل عمليّاً بحساب الإحتمالات أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل ، وكلّ هذه المدّة ، وضمن كلّ تلك العلاقات والأخذ والعطاء ، ثمّ تكسب ثقة جميع من حولها.
وهكذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن ان تعتبر بمثابة تجربة علميّة لإثبات ما لها من واقع موضوعي ، والتسليم بالإمام القائد بولادته (إنّ اتصال الامام القائد المهدي بقواعد الشيعية عن طريق نوابه ووكلائه ، أو بأساليب أخرى متنوعة واقع تاريخي موضوعي ليس من سبيل إلى انكاره ، كما في السفارة ، فضلاً عن الدلائل الأخرى الكثيرة المستندة إلى اخبار من يجب تصديقه ، ثمّ هو مقتضى الأحاديث المتواترة ، كحديث : « من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتةً جاهلية » وغير ذلك) وحياته وغيبته ، وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد (ورد التوقيع الشريف عن الإمام القائد المهدي عليه السلام بعدم إمكان رؤيته بشكل صريح بعد وقوع الغيبة الكبرى ، وهذا محلّ اتّفاق علماء الإماميّة ) .
تعليق