❂ ورَدَ في كُتب السِيَرِ أنّه دخل رجلٌ نصرانيٌّ مسجدَ رسولِ اللهِ "صلّى اللهُ عليه وآله" فقال له الناس:
(أنت رجلٌ نصراني، أُخرج مِن المسجد، فقال لهم: إنّي رأيتُ البارحةَ في منامي رسولَ اللهِ ومعه عيسى ابنُ مريم، فقال عيسى ابنُ مريم:
أسْلِم على يدِ خاتمِ الأنبياء محمّدِ ابنِ عبدِ الله، فإنّه نبيُّ هذه الأُمّةِ حقّاً،
وأنا أسلمتُ على يدِهِ وأتيتُ الآن لأُجدّدَ إسلامي على رجُلٍ مِن أهلِ بيتِهِ،
فجاءُوا به إلى الحسينِ "صلواتُ اللهِ عليه"، فوقع على قدميهِ يُقبّلُهُما،
فلمّا استقرَّ به المجلسُ قصَّ له الرُؤيا التي رآها في المنام،
فقال له سيّدُ الشُهداء:
أتحبُّ أن آتيكَ بشبيهِهِ -أي آتيكَ بشبيهِ رسولِ الله-؟
فقال الرجل: بلى سيّدي،
فدعى الحُسينُ بولدِهِ عليِّ الأكبر، وكان إذ ذاك طِفلٌ صغيرٌ وقد وُضِعَ على وجهِهِ البرقع -أي وُضِعَ غطاءٌ أو لثام على وجهِهِ لشدّةِ جمالِهِ-
فجِيءَ به إلى أبيه، فلمّا رفع الحسينُ البُرقعَ مِن على وجهِهِ ورآهُ ذلك الرجلُ وقع مُغمىً عليه!
فقال الحسينُ "صلواتُ اللهِ عليه":
صُبّوا الماءَ على وجهِهِ، ففعلوا،
فلمّا أفاق، إلتفتَ إليه الحسينُ -فسأله- وقال:
يا هذا.. إنّ ولدي هذا شبيهٌ بجدّي رسولِ الله؟
فقال الرجل: إي والله،
فقال له الحسين:
يا هذا إذا كان عندك ولدٌ مِثلُ هذا وتُصِيبُهُ شوكة، ما كنت تصنع؟ قال: سيّدي أموت!
فقال سيّدُ الشهداء:
أُخبرك أنّي أرى ولدي هذا بعيني مُقطّعاً بالسيوفِ إرباً إرباً)
[ثمرات الأعواد]
〰〰〰〰〰
ومضاتٌ للتفكّر 💭
✦ هذه الأيّامُ الشريفة مِن شعبان المُعظّم هي أيّامُ ميلادِ مُهجةِ قلبِ الحسين؛ شبيهِ المُصطفى خَلْقاً وخُلُقاً ومنطِقا:
"عليِّ بن الحسينِ" المعروفِ بالأكبر
ونحنُ مأمورونَ أن نفرحَ لِفرحِ أهلِ البيتِ وأن نحزنَ لأحزانِهم،
ولكنَّ فرَحَنا بهم فرحٌ مشوبٌ بالّلواعجِ الأحزان،
فَرَحُنا بعد الزهراءِ وما جرى بين البابِ والجدارِ فَرَحٌ مشوبٌ بالأحزان!
وحينما تمرُّ أفراحُنا على الغاضريّاتِ وعلى أبطالِ الطفوفِ وشموسِ كربلاءَ الطالعة.. فإنّ هذا الفرَحَ يكونُ مَشوباً بالحُزنِ والألمِ ومرارةِ الرزيّة،
وهذا الحديثُ الشريفُ مِصداقٌ واضحٌ مِن مصاديقِ الفرحةِ المَشوبةِ بالحُزن
فهو يُفرِحُنا بالحديثِ عن عليِّ الأكبرِ وعن جمالِهِ الأخّآذ.. وشدّةِ الشَبَهِ بينهُ وبين رسولِ الله،
ولكنّهُ في خاتمتِهِ حين يمرُّ على الغاضريّاتِ يتحوّلُ إلى مأتم عزاءٍ حُسيني!
✦ ومضةٌ أُخرى
حين برز عليُّ الأكبر يومَ عاشوراء.. رفع سيّدُ الشهداءِ طَرْفهُ نحو السماءِ وقال:
(الّلهُمّ اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غُلامٌ أشبهُ الناسِ خَلْقَاً وخُلُقاً ومَنطِقاً برسولك، وكُنّا إذا اشتقنا إلى رُؤيةِ نبيّكَ نظرنا إليه)
[عوالم العلوم]
هذا تصريحٌ بشِدّةِ الشَبَهِ الكبيرِ بين عليِّ الأكبرِ وجدّهِ المُصطفى "صلّى اللهُ عليه وآله"
وهذا التصريحُ ليس مِن شخصٍ عادي،
بل مِن سيّدِ الشُهداء،
وما إغماءُ النصرانيِّ إلّا تأكيدٌ لهذه الحقيقة،
لأنّه رأى عليَّ الأكبرِ نُسخةً مِن الصورةِ التي رآها لرسولِ اللهِ في منامِهِ، فأُغميَ عليه،
لذلك قال سيّدُ الشهداءِ حين برز عليٌّ الأكبر:
(الّلهُمَّ اشهد على هؤلاء القوم..)
فقد أشهد اللهَ تعالى عليهم لأنّ الحُجّةَ البالغةَ أُقيمتْ عليهم،
فالذي برَزَ لِقِتالِهم شخصيّةٌ هي نُسخةٌ مِن رسولِ اللهِ في الخَلْقِ والخُلُقِ وفي المنطقِ أيضاً.. فكيف يتجرّؤونَ على قتلِهِ؟!
منقول
تعليق