بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
العقل والدين
لا يتعارض حكم العقل الصحيح مع الدين الصريح القطعي، وما يوجد من تعارض اما اشتباه، او مسالة مشكلة، او قضية في تأويل وتتحمل أكثر من وجه، فكيف يتعارض دين الله مع العقل الذي فرض علينا بواسطته ان نهتدي الى المقامات المختلفة، وكيف يكون حجة علينا؟ ورد عن الامام الكاظم (عليه السلام): (يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة، وأما الباطنة فالعقول)[1]
وهذه الحقيقة اشارت اليها النصوص في مواطن كثيرة منها ما ورد عن الامام الباقر (عليه السلام): (لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن احب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى وإياك اعاقب، وإياك اثيب)[2]
النتيجة
اتحاد العقل مع الدين في الواقع وليس بالضرورة ان يكتشفه الانسان بكل بساطة، فانه ان لم يقدر على ذلك فلا ينفي الاتحاد، والنصوص اعلاه بينت ان الله تعالى خلق العقل وجعله الحجة علينا، ولا يمكن ان يجعله حجة وهو يخالف حكمته وصنعه لهذا الكون العظيم، فيخرج لدينا الدليل ان الله تعالى جعل العقل حجة علينا لأنه الاداة التي ركبها فينا وجعلنا بها ندرك الحقائق، فتكليفنا بعقولنا.
تساؤلات
اذا كان الحق واضح ولا يخالف العقل، ويستطيع الانسان ان يصل اليه بسهولة فلماذا تتعدد الديانات والاتجاهات مع ان فيها باطلاً وبعضها حقاً، فلماذا خفيت الحقائق على هؤلاء مع انهم عقلاء؟
الجواب:
لا يمكن حصر الخلاف الواقع بين البشر حول الدين والمعتقد بسبب واحد فقط، لان الواقع يشهد غير ذلك تماماً ويمكن طرح الاسباب المختلفة هنا بشكل موجز:
1ـ غياب الوعي وضحالة الفكر، من الاسباب المهمة في الخلاف حول الحقائق بشكل عام والحقيقة الدينية بشكل خاص هو غياب الوعي، بمعنى ان الناس تركن الى مسلمات ذهنية تبعاً لعوامل كثيرة، والبحث الاجتماعي في هذا المجال نافع جداً، ومن كان منكم لديه خبرة اجتماعية لعرف الامر بيسر دون مشقة، وقد حضر العقلاء جميعاً من موت العقل بالغفلة، فلذا نجد اغلب الناس عندما تعرض عليهم فكرة قريبة الى الحس استجابوا لها، لذلك الانسان كلما ابتعد عن العقل والمعنويات والتفكير قرب الى المادة والحس اقرب للمادة من العقل والفكر.
2ـ الاهواء ودورها في تغيير الحقائق، الانسان كان مركب من العقل والشهوة وحب النفس ، فاذا تغلب حب الشهوة والنفس على العقل كانت النتائج كارثية، فان الانسان قد يعرف الحقيقة وان الدين الفلاني هو الحق لكنه خلاف هواه وميوله الشخصية فيطرحه ويذهب الى ما تذهب اليه نفسه، وهذا الامر واقع غير محتاج لدليل يظهر صدقه.
3ـ التعصب الاعمى، اخطر شيء يؤدي الى ضياع الحقيقة هو التعصب والعناد، فان الانسان اذا وصل الى درجة عالية من التعصب لفكرة او الجمود على قضية ما، فانه لا يتركها وكلما اشتدت عليه الحجة وضوحاً اصبح أكثر جدلاً وعناداً وتعصباً، وهؤلاء اما منافقون او كذابون او منحرفون.
4ـ الكفر والجحد والالحاد، هذا السبب ظاهر لكل أحد، فالكافر هو يرى الحقيقة لكنه لا يعتني بها بل يكفر بها، فالحقيقة واضحة عنده انما العداء او البغض او الكره الذي يكنه لأصحاب العقيدة هو من يدفعه لنكرانها وجحدها، وقد عبر عنهم القران الكريم في قوله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ).
وهنالك اسباب أخرى يطول المقام بسردها وبيانها.
النتيجة:
ان غياب الحقيقة عن الناس له اسباب كثيرة، والعقائد الدينية من اهم الحقائق الواقعية الهامة التي يعتني بها الانسان المفكر العاقل في هذه الحياة، فهي واضحة جداً، لكن الانسان هو من يضع الغشاوة امام عينيه، ولا يصل اليها، وكلما تسامى الانسان بتفكيره وجد واجتهد قرب من الوصول الى الحقيقة والعقيدة الصحيحة حتى يلتمس اثر ذلك في نفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ـ وسائل الشيعة: ج15،ص207.
[2] ـ اصول الكافي: ج1،ص12.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
العقل والدين
لا يتعارض حكم العقل الصحيح مع الدين الصريح القطعي، وما يوجد من تعارض اما اشتباه، او مسالة مشكلة، او قضية في تأويل وتتحمل أكثر من وجه، فكيف يتعارض دين الله مع العقل الذي فرض علينا بواسطته ان نهتدي الى المقامات المختلفة، وكيف يكون حجة علينا؟ ورد عن الامام الكاظم (عليه السلام): (يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة، وأما الباطنة فالعقول)[1]
وهذه الحقيقة اشارت اليها النصوص في مواطن كثيرة منها ما ورد عن الامام الباقر (عليه السلام): (لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن احب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى وإياك اعاقب، وإياك اثيب)[2]
النتيجة
اتحاد العقل مع الدين في الواقع وليس بالضرورة ان يكتشفه الانسان بكل بساطة، فانه ان لم يقدر على ذلك فلا ينفي الاتحاد، والنصوص اعلاه بينت ان الله تعالى خلق العقل وجعله الحجة علينا، ولا يمكن ان يجعله حجة وهو يخالف حكمته وصنعه لهذا الكون العظيم، فيخرج لدينا الدليل ان الله تعالى جعل العقل حجة علينا لأنه الاداة التي ركبها فينا وجعلنا بها ندرك الحقائق، فتكليفنا بعقولنا.
تساؤلات
اذا كان الحق واضح ولا يخالف العقل، ويستطيع الانسان ان يصل اليه بسهولة فلماذا تتعدد الديانات والاتجاهات مع ان فيها باطلاً وبعضها حقاً، فلماذا خفيت الحقائق على هؤلاء مع انهم عقلاء؟
الجواب:
لا يمكن حصر الخلاف الواقع بين البشر حول الدين والمعتقد بسبب واحد فقط، لان الواقع يشهد غير ذلك تماماً ويمكن طرح الاسباب المختلفة هنا بشكل موجز:
1ـ غياب الوعي وضحالة الفكر، من الاسباب المهمة في الخلاف حول الحقائق بشكل عام والحقيقة الدينية بشكل خاص هو غياب الوعي، بمعنى ان الناس تركن الى مسلمات ذهنية تبعاً لعوامل كثيرة، والبحث الاجتماعي في هذا المجال نافع جداً، ومن كان منكم لديه خبرة اجتماعية لعرف الامر بيسر دون مشقة، وقد حضر العقلاء جميعاً من موت العقل بالغفلة، فلذا نجد اغلب الناس عندما تعرض عليهم فكرة قريبة الى الحس استجابوا لها، لذلك الانسان كلما ابتعد عن العقل والمعنويات والتفكير قرب الى المادة والحس اقرب للمادة من العقل والفكر.
2ـ الاهواء ودورها في تغيير الحقائق، الانسان كان مركب من العقل والشهوة وحب النفس ، فاذا تغلب حب الشهوة والنفس على العقل كانت النتائج كارثية، فان الانسان قد يعرف الحقيقة وان الدين الفلاني هو الحق لكنه خلاف هواه وميوله الشخصية فيطرحه ويذهب الى ما تذهب اليه نفسه، وهذا الامر واقع غير محتاج لدليل يظهر صدقه.
3ـ التعصب الاعمى، اخطر شيء يؤدي الى ضياع الحقيقة هو التعصب والعناد، فان الانسان اذا وصل الى درجة عالية من التعصب لفكرة او الجمود على قضية ما، فانه لا يتركها وكلما اشتدت عليه الحجة وضوحاً اصبح أكثر جدلاً وعناداً وتعصباً، وهؤلاء اما منافقون او كذابون او منحرفون.
4ـ الكفر والجحد والالحاد، هذا السبب ظاهر لكل أحد، فالكافر هو يرى الحقيقة لكنه لا يعتني بها بل يكفر بها، فالحقيقة واضحة عنده انما العداء او البغض او الكره الذي يكنه لأصحاب العقيدة هو من يدفعه لنكرانها وجحدها، وقد عبر عنهم القران الكريم في قوله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ).
وهنالك اسباب أخرى يطول المقام بسردها وبيانها.
النتيجة:
ان غياب الحقيقة عن الناس له اسباب كثيرة، والعقائد الدينية من اهم الحقائق الواقعية الهامة التي يعتني بها الانسان المفكر العاقل في هذه الحياة، فهي واضحة جداً، لكن الانسان هو من يضع الغشاوة امام عينيه، ولا يصل اليها، وكلما تسامى الانسان بتفكيره وجد واجتهد قرب من الوصول الى الحقيقة والعقيدة الصحيحة حتى يلتمس اثر ذلك في نفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ـ وسائل الشيعة: ج15،ص207.
[2] ـ اصول الكافي: ج1،ص12.
تعليق