تويت
نزولاً عند رغبته في التجديد واستجابةً لنداء نزواته الجامحة وتغاضيه المتعمد عن المسؤولية تجاه زوجتيه
وأولاده قرّر رجل الزواج بامرأة ثالثة بعد أن هجر زوجته الأولى وحرم ولديه منها بغير وجه حقّ وأجبر
زوجته الثانية على رعايتهما بالإكراه بحجة تأخرّها في الإنجاب، وحتى يُبعد نفسه عن دائرة النصح والإرشاد
أوصد كلّ الأبواب أمام وسائط الخير في إصلاح ذات البين، وبينما هو كذلك يعدّ الساعات والدقائق إذ بدّدت
سحابة أحلامه الوردية ضربات طارق بانت على هيئته بعد فتحه للباب أنه مبعوث رسمي من جهة عليا عادلة
حاملاً معه إنذاراً شديد اللهجة جاء فيه: من محكمة العدل الإلهية إلى كلّ رجل أحل له الله ما طاب من النساء
مثنى وثلاث ورباع إن كنت قد رمت الزواج مجدداً فيجدر بك أولاً أن تنصب لنفسك ميزاناً للعدل بين زوجاتك
وأولادك وتنصف بينهم حتى بالنظرة اللطيفة والعطاء الجزيل كما يقتسم الغيث قطراته على جدب الصحاري
والوديان فيحيلها بساطاً أخضر ولكن إن حدث العكس وخالفت حدود الله وشريعة نبيّه فستقع تحت طائلة المساءلة
الإلهية وباستدعاء من محكمة العدل الربانية برئاسة قاضي القضاة جبّار السموات والأرض في موعد أقصاه يوم
القيامة وذلك في الساعة التي تُحشر فيها الخلائق وتنكشف عندها السرائر وبحضور الشهود كلّ من الأيام
والدموع والآهات وسجل أعمالك الذي لا يكاد يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها علماً أنه لن يتمّ توكيل محامٍ
للدفاع عنك؛ لأنك مذنب لثبوت كافة الأدلة ضدك، ولأن المحكمة الإلهية هي الوحيدة التي لا تؤجل فيها القضايا
بل يُبَتّ فيها الحكم فوراً، فستعلن قرارها بأنكَ ظالم مع سبق الإصرار (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ)/ (غافر:52)
ولأن حكم المحكمة نزل على رأسه كالصاعقة المدّوية فما لبث أن استفاق مذعوراً وهو يئنّ من الألم وملقى على
الأرض فأدرك حينها أنّ قرار زواجه الأخير هذا لم يكن عن حكمة ورويّة بل كان التعنت والتكبر هما من أوقدا
في نفسه هذا السلوك المتهور وما هذا الكابوس إلّا استجابة لنداء ضميره الحي فثاب أخيراً إلى رشده وعاد فملك
زمام نفسه حامداً الله تعالى على هدايته ومستعيذاً به من كيد الشيطان الذي كاد أن يزيغ بينه وبين أهله وأحبته
مردّداً قولهتعالى : ( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌo/ (يوسف:53(.
ميعاد كاظم اللاوندي
تم نشره في المجلة العدد 63
تعليق