اللهم صل على محمد وآل محمد
إن من الآيات المبينة لثمرة الصلاة هو قوله تعالى: ﴿وأقم الصلاة لذكري﴾ ، فإنها جعلت الغاية من الصلاة هو الذكر، ومن هنا فإن الصلاة الجوارحية الفاقدة للذكر ـ وهي حالة في الجوانح ـ فاقدة للغاية من تشريعها؛ إذ إن الله تعالى لا ينظر إلى صورنا وأبداننا، ولكن ينظر إلى قلوبنا، و صاحب القلب الخالي عن الذكر، لا يعد مصليا وإن انشغل بدنه بالحركات العبادية الظاهرية، فعبادة البدن بحركته الظاهري لا تحسب على عبادة القلب بخشوعه الباطني، وقد بينت الرواية أن الحكمة من تشريع الصلاة هي أن: لا يغفل عنه وينسو ه .
ومثاله في عالم الظاهر هو الطبيب، فهو عندما يأمر مريضه بشراء دواء طلبا للشفاء، فإنه لا يقصد شراء الدواء بعينه، بل الشفاء المرجو من ورائه، فإذا علم أن الدواء لا أثر له، فإنه لا يتعلق قصده بالشراء أبدا.. وعليه فنقول: إن الأمر بالصلاة، كأنه أمر بالمقدمة لكي تتحقق النتيجة منها وهي ذكر الله تعالى، فتبين بذلك أن حقيقة الذكر أمر ما وراء الصلاة الظاهرية، فقد تجتمعان كما في صلاة الخاشعين، وقد تفترقان كما في صلاة الغافلين حيث ورد النهي عنها – ولو عموما ـ كما في قوله تعالى: ﴿و لا تكن من الغافلين﴾ . ومما يؤكد هذه الحقيقة قول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): [ إن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها وخمسها إلى العشر، وإن منها لما يلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها، وإنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه بقلبك ] فهذه الصلاة ليست هي غير مقبولة فحسب، وإنما هي مردودة إلى صاحبها، مضروبة بها وجهه، ويا له من تعبير قاس!.
---------------------------
الشيخ حبيب الكاظمي
تعليق