اللهم صل على محمد وآل محمد
دخل حكيم حديقة مليئة بألوان الزهور و الورود، وجلس على مقعد في طرف بعيد يتأمل الناس فيها و ما يفعلون !!
و بينما هو مستغرق في تأملاته لاحظ أنَّ كل من يقترب من وردة أو زهرة كان يشم عطرها وهو مغمض العينين،
و لاحظ أيضاً هذا مراراً و تكراراً بشكل يكاد يكون تصرفاً لا جدال فيه من كل الموجودين.
تساءل مع نفسه عن السبب، لم َ يغمض كل هؤلاء الناس أعينهم عندما يشمون الورد؟؟!!
و استغرق بفكره شارداً عما حوله، و أبحر فى التأمل علّه يجد تفسيراً مقنعاً لمَا رأته عيناه؟؟
و لكن عبثاً يحاول.. و فيما هو كذلك إذ اقتربت منه طفلة لم تتجاوز السادسة من عمرها و أعطته وردة كانت قد قطفتها، و أسرعت بعيداً عنه و هي تضحك.
نظر الحكيم إلى ما بيده مستغرباً من تصرف الطفلة،
و بلا شعور منه رفع يده التي يمسك بها الوردة إلى أنفه و أخذ يشم عطرها مغمض العينين، منفصلاً عن الدنيا و من فيها، فقط من أجل يشم عطر وردة.
فتبسم ضاحكاً من تصرفه تبسم من وجد بعد عناءٍ طويل ضالته و أدرك إدراكاً يقينياً أن على المرء لكي يشعر بلذة الأشياء، أن ينفصل عن واقعه و أن يركز تفكيره فيها حتى يصل إلى ما يريد....
فأخذ و رقة و قلماً و كتب:
إلى كل باحث عن الجمال امنح نفسك وقتاً لتستمتع به...
لتدرك أن سر شعورنا بالجمال لا يكمن في الجميل نفسه بل في أن نشعر نحن بجماله.
. ثم وضع الورقة على المقعد و مضى..