اللهم صل على محمد وآل محمد
"... ولو أنّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا..."
من توقيعه عجل الله تعالى فرجه الشريف الصادر إلى الشيخ المفيد. [1]
- لا شك أنّ هناك نوعين من الانتظار
1. أحدهما:
يعبر عنه بالانتظار السلبي، وهو يعني القعود وترك العمل للظروف وحوادث الأيّام
2. والثاني: هو الانتظار الإيجابي الذي يقترن بالعمل والجهاد وإعداد العدّة والاستعداد لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف المبارك.
- وباعتبار أنَّ الإمام إنّما غاب نتيجة عدم نضوج الظروف الموضوعيّة لقيامه بالأمر، يكون الانتظار هو العمل على انضاج الظروف الموضوعيّة للمشروع المهدويّ، بمعنى العمل على استرجاع الغائب من غيبته، ولذا كان التعبير في التوقيع المذكور آنفاً.
"... ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا...".
- فالإنتظار يعني العمل والتمهيد، أي تمهيد الأرض لقيام دولة العدل الإلهيّ.
- وإنّه لشرف أعظم الشرف أن يكون المرء فاعلاً في تحقّق المشروع الإلهيّ هذا.
فهل تستقيم للإمام عليه السلام الأمور بلا عمل؟
الجواب نقرأه في إجابة الإمام الصادق عليه السلام لمن قال له: إنّهم يقولون:
- إنّ المهديّ لو قام لاستقامت له الأمور عفواً ولا يهريق محجمة دم، فقال عليه السلام:
- "كلا، والذي نفسي بيده لو استقامت عفواً لاستقامت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أدميت رباعيته وشجّ في وجهه، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ثم مسح جبهته". [2]
- ما أعظمها من رواية تلخّص المطلوب لنحقّق المشروع الإلهيّ الأعظم الذي يتحقق من خلال:
1- حضور الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف وقيادته للمشروع... حين قال:... نحن...
2- وجود أنصار مهيّأون وجاهزون... قال:... وأنتم...
3- العمل مشترك من القيادة (الإمام) والقاعدة حيث عبر بـ:... نمسح...
4- العمل على نوعين:
أ- جهدّ وكدّ وتعب: "... نمسح العرق...".
ب- جهادٌ بما يعني الجرح والقتل:... نمسح... والعلق...".
- واللافت أن الإمام استخدم القَسَم مرتين بالذي نفس المعصوم بيده، مكرراً النفي بكلا بعد كِلا القَسَمين، الأولى لنفي التوهّم الوارد في السؤال عن عدم الحاجة إلى العمل والجهاد للتمهيد. والثاني لتأكيد احتياج الأمر إلى جهادٍ وبذل دماء.
- وهذا يعني وجود أفراد على جهوزيّةٍ عاليةٍ عقائديّاً ونفسيّاً وبدنيّاً ومن حيث الكفاءات لاستقامة أمر القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف.
---------------
[1]. الميرزا النوري، ج13، خاتمة المستدرك- مؤسسة آل البيت عليهم السلام الطبعة الأولى 1416هـ- قم المقدسة- إيران- ج3، ص228.
[2] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة، ج53، ص177.
تعليق