التجربة التي عاشها المسلمون بعد مجريات أحداث معركة احد، وبعدما تحول النصر الى نكسة كبيرة؛ بسب من تخلف عن أمر رسول الله (ص)، وبقي تسعة اشخاص فقط يدافعون عن حياة نبيهم الكريم (ص)، سرى حينها خبر مفتعل بين المسلمين يشيع قتل النبي (ص) فأصابهم الخوف، وبفعل صمود المجاهدين التسعة مع نبيهم الكريم استطاعوا استعادة توازنهم، رغم ان الجرح كان عميقا بمقتل حمزة عم النبي (عليه السلام)، ومصعب بن عمير، وعدد من الصحابة (رضوان الله عليهم).
الوقوف المتأمل عند هذه الواقعة سيمنحنا الكثير من الدروس المعبرة، حين اشاعوا مقتل النبي (ص) ماذا فعل المسلمون؟، هم اعتبروا أن القضية قد انتهت مادام القائد قتل في ساحة الميدان، وكأن الناس غير معنيين بمسؤولية مواصلة المسيرة..؟! لِمَ لا يتحمل كل واحد من المسلمين جزءاً من المسؤولية؟، المسؤولية لا تنحصر في شخصية القائد ومن معه فقط، بل لابد على الجميع ان يشتركوا في تحمل كل معالم القضية، من أجل أن لا تفقد الأمة الروح القيادية.
وتبدأ حينها الاتكالية العامة، كل يحاول حينذاك ان يبعد المسؤولية عن عاتقه، ويلقي اللوم على الغير، الدرس التاريخي الذي منحتنا اياه (واقعة أحد) هي أن الأمة حين تفقد الروح القيادية، وتصاب بالاتكالية السقيمة، وتتفشى في الامة روح الخذلان و(اللا مسؤولية) فهي بالتأكيد ستكون عرضة للكثير من الانكسارات.
نجد اننا امام واقع فكري مهم، اذ حاول بعض النقاد الاجتماعيين ان يقسم الظرف المعاش الى طبيعي وغير طبيعي، ونحن نرى ان على الانسان ان يتحلى بروح المسؤولية في كل الظروف وفي أي ظرف كان، وهذا هو ما يسمى بالتماسك والتكاتف الذي لا يسمح بترك القادة ان يقاتلوا في ساحات الوغى لوحدهم، وان يتعرضوا للفتك والشعب جالس على ارصفة خوفه، يتحين اخبار الهلاك بخوفه، فهل بمقتل القائد ومن معه في ساحة الحرب ستنتهي المشكلة، ويبتعد الشر عن الجميع؟ طبعا يبدأ مشوار الموت والهلاك العام.
القضية هنا ليست قضية قائد وقيادة بل قضية امة وبما تحمل من روح قيادية، التأريخ وهبنا الكثير من الحقائق التي تمس هذا المعنى، هل هناك من يشك في كفاءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فلماذا تعثر اداء جيشه الكبير امام جيش معاوية بن أبي سفيان؟ ولماذا اضطر الامام الحسن (عليه السلام) الى الهدنة؟ ولماذا يقتل الامام الحسين (عليه السلام) وحيدا في ساحات الوغى؟ هذه الناس عاشت تحت قيادات كفوءة لا احد يشك في مقدرتها بقيادة الامة الى ساحات الامان، هنا بالتحديد وفي هذه النقطة تكمن معاني الدرس المفيد، هو ان جميع هذه المأساة كانت نتيجة عدم تحمل الأمة لمسؤولياتها، وذلك لعدم امتلاكها الوعي القيادي.
أعجبني
تعليق