خطبة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، رسمت لنا خطا صحيحا وسليما في التاريخ، حيث أرادت (عليها السلام) أن تضعنا في الطريق المستقيم للتاريخ، عبر توضيح الحقائق.
فهناك صراع دائم بين الحق والباطل، وبين الحقيقة والتضليل، ودائما هناك من يريد ان يستلب الفائدة لنفسه وسلطته ومصلحته وجماعته عن طريق التضليل، والمغالطة هي أهم الوسائل التي يستخدمها البعض في فرض التضليل وتزييف الحقيقة، وجعل الباطل حقيقة، وجعل الواقع وهما، والوهم واقعا.
والمغالطة هي عملية خلق وصناعة حقيقة زائفة عبر مقدمات سليمة، وغير مترابطة فيما بينها، ولكن العقل أو الذهن ينخدع بها، نتيجة لأسلوب المغالط، وطريقته في تزييف الوقائع والحقائق، إضافة إلى ذلك قابلية الطرف الذي تقع عليه المغالطة فينخدع بها.
ولذلك أرادت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أن تبيّن الحقيقة صريحة كما هي، وتكشف المغالطات التي وقع كثير من الناس فيها، بسبب ما رسم وما كتب في التاريخ عبر اختلاق المغالطات، لهذا قالت (عليها السلام) في خطبتها من ضمن ما قالته: (أيّها الناس! اعلموا أنّي فاطمةّ! وأبي محمّد أقول عَوداً وبدءاً. ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً)، وقد ذكرنا في مقالنا السابق معنى (غلطا) ومعنى (شططا)، وأوضحنا بعض المفاهيم والأمور المرتبطة بهذه القضية.
لماذا يقع الإنسان ضحية المغالطات؟
في هذا المقال، سوف ندخل في أسباب المغالطات، ولماذا يقوم المغالِط بالمغالطة، ولماذا يقع المغالَط ضحية المغالطات، فبعض المغالطات تحدث عمدا، فيقوم المغالِط من خلال عملية المغالطة في بناء أو صناعة حقيقة زائفة كما ذكرنا هذا من خلال بعض المقدمات.
ولكن في بعض الأحيان، تقع المغالطات نتيجة إلى توهمات الإنسان والفوضى والعشوائية وعدم علمية تفكيره وفقدانه للمنهجية، أو عدم استقرار تفكيره ونفسيته، فيؤدي به ذلك إلى الوقوع في فخ المغالطات.
ومن ضمن أسباب الوقوع في المغالطة، سواء كان مغالِطا أو مغالَطا:
سلسلة الأوهام
أولا- العيش في سلسلة من الأوهام المتلاحقة، والوهم هو تصور زائف وغير حقيقي عن الواقع، مثال ذلك أن الإنسان يتصور أن هذا اللون أزرق لكنه في الحقيقة لون أخضر مثلا، فيكون هذا التصور زائف وغير حقيقي، يحدث كنتيجة لحبه إلى اللون الأزرق، فيتصوره لونا أزرق مع أنه في الحقيقة لون أخضر.
هذا الوهم النابع من نمط داخلي، أو تصوّر داخلي يؤدي به إلى الوقوع في الوهم، أو هو نفسه يخلق الوهم، من أجل إيهام الآخرين وتضليلهم.
الآية القرآنية تقول: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ، وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) يونس36-37.
الظن هنا بمعنى الوهم الذي هو خلاف الحقيقة والواقع، والحق والعلم والأسلوب المنهجي في التفكير، وأكثر الناس هكذا حيث يقعون في الأوهام والظنون تجاه الآخرين، فهناك سوء الظن بالآخرين، سوء الظن بالحياة، وسوء الظن بكثير من الأشياء.
المشكلة أن الإنسان إذا دخل في عالم الأوهام، يصبح أسيرا لها، يبقى يلاحقه وهم بعد وهم، إلى أن يقع في سلسلة كبيرة من الأوهام التي تصبح اغلالا لا يستطيع الخلاص منها.
فهؤلاء أصحاب الظن يحاولون أن يتصوروا ويدركوا العالم والكون ويفهموا الله سبحانه وتعالى عبر عقولهم الصغيرة دون وجود مرجعيات يقينية مسبقة، فيؤدي ذلك الى انتاج ظنون وخيالات وهمية، فيقعون في عالم التيه ويضلون عن الطريق المستقيم.
البحث عن السعادة والاستقرار والأمن
ان الله حقيقة مطلقة، والواقع الموجود، لكن الشيء غير الموجود هو هذا الظن وهذا الوهم الذي يحاول فيه الإنسان أن يقنع نفسه أو يقنع الآخرين بأشياء زائفة.
هذا هو معنى المغالطة التي يقع كثيرون، وبالنتيجة يتيهون وينحرفون عن الطريق المستقيم الذي لابد للإنسان أن يسير فيه حتى يصل إلى غاية السعادة والاستقرار والأمن الذي يحتاجه.
المشكلة التي يعاني منها الفكر الإنساني إنه فكر محدود، وعندما يحاول هذا الفكر المحدود أن يتصدى لقضايا أكبر من حجمه سوف يضيع هذا الفكر، لأن الفكر يحتاج إلى سلسلة منطقية علمية من المقدمات والتفكير المعرفي حتى يستطيع الإنسان أن يصل إلى استنتاجات صحيحة وسليمة في الحياة.
الوقوع في مصائد التضليل
العقل البسيط لا يستطيع أن يتكيف مع استخدام المنطق المنهجي، وانتهاج عالم الأسباب والمسبّبات، فيقع دائما في المصائد والفخاخ التي تنجذب إليها العقول السطحية كما تنجذب الحشرات إلى الضوء، أو إلى النار فتحترق بها، فالإنسان الذي يذهب بفكره بسطحية ومن خلال بصره وحواسه، فإن هذا الإنسان يقع في مصائد التضليل ومصائد المغالطات.
وكثيرا ما رأينا الإنسان الذي لا يمتلك المعرفة وليس عنده وعي، نجده بالنتيجة يقع في سلسلة كبيرة من الأوهام والتضليلات، مثلا إذا رأى شيئا خارج بيته، في الشارع مثلا، بعض القمامة المرمية في الشارع، فسوف يتهم جاره بهذا العمل بشكل مباشر، وهذا يسمى سوء الظن، وعبر هذا الوهم يبني ذلك الإنسان سلسلة من السلوك العدائي تجاه جاره.
مثال آخر، الحالة العنصرية التي يقوم بها البعض، مثلا الغني حين يقف ضد الفقير، باعتباره أنه غني لذلك فهو أفضل من الفقير، لكن هذا وهم، أو مثلا هو من البلد الفلاني لذلك هو أفضل من شخص آخر ينتمي إلى بلد آخر.
فهناك صراع دائم بين الحق والباطل، وبين الحقيقة والتضليل، ودائما هناك من يريد ان يستلب الفائدة لنفسه وسلطته ومصلحته وجماعته عن طريق التضليل، والمغالطة هي أهم الوسائل التي يستخدمها البعض في فرض التضليل وتزييف الحقيقة، وجعل الباطل حقيقة، وجعل الواقع وهما، والوهم واقعا.
والمغالطة هي عملية خلق وصناعة حقيقة زائفة عبر مقدمات سليمة، وغير مترابطة فيما بينها، ولكن العقل أو الذهن ينخدع بها، نتيجة لأسلوب المغالط، وطريقته في تزييف الوقائع والحقائق، إضافة إلى ذلك قابلية الطرف الذي تقع عليه المغالطة فينخدع بها.
ولذلك أرادت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أن تبيّن الحقيقة صريحة كما هي، وتكشف المغالطات التي وقع كثير من الناس فيها، بسبب ما رسم وما كتب في التاريخ عبر اختلاق المغالطات، لهذا قالت (عليها السلام) في خطبتها من ضمن ما قالته: (أيّها الناس! اعلموا أنّي فاطمةّ! وأبي محمّد أقول عَوداً وبدءاً. ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً)، وقد ذكرنا في مقالنا السابق معنى (غلطا) ومعنى (شططا)، وأوضحنا بعض المفاهيم والأمور المرتبطة بهذه القضية.
لماذا يقع الإنسان ضحية المغالطات؟
في هذا المقال، سوف ندخل في أسباب المغالطات، ولماذا يقوم المغالِط بالمغالطة، ولماذا يقع المغالَط ضحية المغالطات، فبعض المغالطات تحدث عمدا، فيقوم المغالِط من خلال عملية المغالطة في بناء أو صناعة حقيقة زائفة كما ذكرنا هذا من خلال بعض المقدمات.
ولكن في بعض الأحيان، تقع المغالطات نتيجة إلى توهمات الإنسان والفوضى والعشوائية وعدم علمية تفكيره وفقدانه للمنهجية، أو عدم استقرار تفكيره ونفسيته، فيؤدي به ذلك إلى الوقوع في فخ المغالطات.
ومن ضمن أسباب الوقوع في المغالطة، سواء كان مغالِطا أو مغالَطا:
سلسلة الأوهام
أولا- العيش في سلسلة من الأوهام المتلاحقة، والوهم هو تصور زائف وغير حقيقي عن الواقع، مثال ذلك أن الإنسان يتصور أن هذا اللون أزرق لكنه في الحقيقة لون أخضر مثلا، فيكون هذا التصور زائف وغير حقيقي، يحدث كنتيجة لحبه إلى اللون الأزرق، فيتصوره لونا أزرق مع أنه في الحقيقة لون أخضر.
هذا الوهم النابع من نمط داخلي، أو تصوّر داخلي يؤدي به إلى الوقوع في الوهم، أو هو نفسه يخلق الوهم، من أجل إيهام الآخرين وتضليلهم.
الآية القرآنية تقول: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ، وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) يونس36-37.
الظن هنا بمعنى الوهم الذي هو خلاف الحقيقة والواقع، والحق والعلم والأسلوب المنهجي في التفكير، وأكثر الناس هكذا حيث يقعون في الأوهام والظنون تجاه الآخرين، فهناك سوء الظن بالآخرين، سوء الظن بالحياة، وسوء الظن بكثير من الأشياء.
المشكلة أن الإنسان إذا دخل في عالم الأوهام، يصبح أسيرا لها، يبقى يلاحقه وهم بعد وهم، إلى أن يقع في سلسلة كبيرة من الأوهام التي تصبح اغلالا لا يستطيع الخلاص منها.
فهؤلاء أصحاب الظن يحاولون أن يتصوروا ويدركوا العالم والكون ويفهموا الله سبحانه وتعالى عبر عقولهم الصغيرة دون وجود مرجعيات يقينية مسبقة، فيؤدي ذلك الى انتاج ظنون وخيالات وهمية، فيقعون في عالم التيه ويضلون عن الطريق المستقيم.
البحث عن السعادة والاستقرار والأمن
ان الله حقيقة مطلقة، والواقع الموجود، لكن الشيء غير الموجود هو هذا الظن وهذا الوهم الذي يحاول فيه الإنسان أن يقنع نفسه أو يقنع الآخرين بأشياء زائفة.
هذا هو معنى المغالطة التي يقع كثيرون، وبالنتيجة يتيهون وينحرفون عن الطريق المستقيم الذي لابد للإنسان أن يسير فيه حتى يصل إلى غاية السعادة والاستقرار والأمن الذي يحتاجه.
المشكلة التي يعاني منها الفكر الإنساني إنه فكر محدود، وعندما يحاول هذا الفكر المحدود أن يتصدى لقضايا أكبر من حجمه سوف يضيع هذا الفكر، لأن الفكر يحتاج إلى سلسلة منطقية علمية من المقدمات والتفكير المعرفي حتى يستطيع الإنسان أن يصل إلى استنتاجات صحيحة وسليمة في الحياة.
الوقوع في مصائد التضليل
العقل البسيط لا يستطيع أن يتكيف مع استخدام المنطق المنهجي، وانتهاج عالم الأسباب والمسبّبات، فيقع دائما في المصائد والفخاخ التي تنجذب إليها العقول السطحية كما تنجذب الحشرات إلى الضوء، أو إلى النار فتحترق بها، فالإنسان الذي يذهب بفكره بسطحية ومن خلال بصره وحواسه، فإن هذا الإنسان يقع في مصائد التضليل ومصائد المغالطات.
وكثيرا ما رأينا الإنسان الذي لا يمتلك المعرفة وليس عنده وعي، نجده بالنتيجة يقع في سلسلة كبيرة من الأوهام والتضليلات، مثلا إذا رأى شيئا خارج بيته، في الشارع مثلا، بعض القمامة المرمية في الشارع، فسوف يتهم جاره بهذا العمل بشكل مباشر، وهذا يسمى سوء الظن، وعبر هذا الوهم يبني ذلك الإنسان سلسلة من السلوك العدائي تجاه جاره.
مثال آخر، الحالة العنصرية التي يقوم بها البعض، مثلا الغني حين يقف ضد الفقير، باعتباره أنه غني لذلك فهو أفضل من الفقير، لكن هذا وهم، أو مثلا هو من البلد الفلاني لذلك هو أفضل من شخص آخر ينتمي إلى بلد آخر.
تعليق