تأليف: علي حسين الخباز
الراوي: وكأني أرنو الساعة إليه، وندى الغبش يهمي اليه برؤيا يبارك الحنين، وصلابة موقف موشى بالقداسة والكرامة والجهاد.. نبي كريم تحفه ملائكة الله، ويضم الحسين الى صدره، مبارك هو اللقاء، ودمعي المسفوح وجد يشهد الآن أن مرارة الأحزان المقدسة بهجة سرور.. فارتعش أنيناً لعلّي أسمع النداء.
صوت رسول الله أسمعه:- أيها المرمل بدمائك بعد حين؛ كي تتبرعم ورود الشهادة.. انهض لكربلاء، فأبوك وأمك وأخوك مشتاقون اليك.
الراوي يكمل الحكاية:- وهكذا صحا السبيل على دالية نبوءة رسول كريم؛ لتنهض الرؤيا حزناً عند اهل بيته، وبكاء يدرك أن الملتقى قريب.
صوت واحد من الأنصار:-
لا بد أن ترد القيامة فاطم * وقميصها بدم الحسين ملطخ
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه * والصور من يوم القيامة ينفخ
يرى الراوي أن القلق يحلق في سماء الخصب؛ ليبلغ ذروة العناق، فعمر الأطرف بن أمير المؤمنين، استل النصيحة من نبوءة أمير المؤمنين (عليه السلام).
عمر الأطرف: انك مقتول، فلو بايعت لكان الأمر أسلم.
الحسين (عليه السلام): أخبرني جدي رسول الله أن مقتلك عن مقتلي ليس ببعيد.
الراوي يؤمن بأن المودة توقظ نبرات حزن في رأي محمد بن الحنفية:- أخي، كيف أصبح وإذا خير هذه الأمة نفساً أماً وأباً، يصير أضيعها دماً وأذلها أهلاً.
الحسين (عليه السلام):- يا أخي، لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى، لما بايعت يزيد.
قال الراوي:- بين الاضلاع تمتد النبوءات؛ لترسم إيمان على غد صبور، وخطوات يقين، وأم سلمة تمد بساط النبوءة قلقاً.
أم سلمة:- إني أخشى عليك... فجدك المصطفى أعطاني قارورة فيها تربة من أرض تسمى كربلاء، وقال: يُقتل فيها ولدي الحسين، فإياك يا ولدي وكربلاء.
الحسين (عليه السلام):- أنا جزء من تلك الرسالة يا أماه.. أنا هو يا أماه ذلك المظلوم الغريب الوحيد المقتول بأرض كربلاء، أنا يا أماه ذلك الرجل الذي ستسبى حرمه، ويمسي رهطه وأطفاله بلا وال، مشردين، مذبوحين، مأسورين، يستغيثون فلا يجدون ناصراً ينصرهم... فأنا يا أماه ابن ذلك المصير.. أعرف الأرض واليوم والساعة التي فيها أكون.
الراوي:- بين موت وموت، عمر يؤرخ الميلاد، والفرق بين حضور الغائب وغياب الحاضر قوة لا يفهمها إلا من اعتمر الصبر والعناد، وعبد الله بن عمر يفترش الدرب رأياً، وهو يقتطع الطريق على الحسين (عليه السلام):-
يا أبا عبد الله، إياك وفرقة الأمة، واعلم ان البقاء هنا مؤتزر، والغربة مجهول، ومثلك أولى أن لا يأتمن المجهول؛ لأنه الهوان بعينه.. فأجابه الحسين (عليه السلام):- يا عبد الله، من هوان الدنيا على الله ان رأس يحيى بن زكريا يهدى الى بغي من بغايا اسرائيل.
الراوي:- يعتقد أن الحلم يمتد من جذر اعلى، فيتنامى من اعماق الوجد حلماً؛ ليتعدى حدود الموت الزمان المكان... ليعيش عند كل حاضر هو المستقبل... ولكل يوم هو الغد... والحلم آت... فكان الوداع وصية.
الحسين (عليه السلام):- إن الجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لاريب فيها، والله يبعث من في القبور.
وعلى محيا الراوي كلام لابد أن يُقال:- هي السماء كانت هناك كما هي الآن هنا، لا يفصلها عن الأرض سوى دعاء، وبين القلب والاقدام خارطة من قلق، إذ يقول:- كان خروجي من مكة ليوم الأحد، ليومين بقيا من رجب.
الحسين (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم (فَخرَجَ مِنهَا خَائفًا يَترَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَومِ الظالِمِينَ)
رجل يناديه:- سيدي يا أبا عبد الله، قبلك تنكب الزبير الطريق، فافعل كما فعل؛ كي لا يلحقك الطلب.
الحسين (عليه السلام):- لا والله لا أفارقه، حتى يقضي الله ما هو قاض.