اختلفت الروايات حول السيدة خولة الحنفية واشهرها انها لم تكن سبية على الحقيقة، ولم يستبحها الامام علي "عليه السلام" بالسبي لأنها بالاسلام قد صارت حرة مالكة أمرها فأخرجها من يد من استرقها ثم عقد عليها عقد النكاح.
خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة، بن عبد الله بن ثعلبة بن يربوع، بن الدؤال بن لحيم بن حنفية، وأمها اسماء بنت عمرو بن أرقم الحنفي، من قبيلة مالك بن نويره التي إمتنعت عن دفع الزكاة، إلا لمن بايعته يوم غدير خم.
كانت خولة من بين الأسارى الذين حملهم خالد بن الوليد بعد ان قتل رجالهم بدعوى الارتداد عن الدين الاسلامي أيام الخليفة أبي بكر الصديق.
لم تكن خولة جاريه سوداء من اليمن ويوكد ذلك ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري شاهد العيان على قصتها في مسجد رسول الله و قطعا كلما كان الشاهد صادقا كان الحديث موثوقا به أكثر.
قال جابر كنت إلى جنب أبي بكر وقد طلع سبي بني حنيفة، وكانت فيه جارية مرهقة، فلما دخلت المسجد سألت الناس عن قبر الرسول ؟
قالوا: هذا قبره (صلى الله عليه وآله) واشاروا اليه.
وقفت عندالقبر "نطقت بكلماتها الملتهبه من سعير قلبها " : السلام عليك يا محمد يا رسول الله، أشهد أنك تسمع كلامي وتقدر على جوابي وإنا سبينا من بعدك، وإنا نقول لا إله إلا الله وإنك رسول الله ، وجلست. فوثب إليها رجلان من المهاجرين أحدهما طلحة والآخر الزبير فطرحا ثوبيهما عليها. فقالت: ما بالكم معشر العرب تصونون حلائلكم وتهتكون حلائل الغير؟ أقسمت بالله رباً وبمحمد نبياً لا يملك رقبتي إلامن يخبرني بما رأت أمي وهي حامل بي؟ وما قالت عند الولادة؟ وما العلامة التي بيني وبينها؟ وإلا إن ملكني أحدكما بقرت جوفي بيدي فيذهب ماله وتذهب نفسي فيكون المطالب بهذا.
قالوا :يا بنية أبدي رؤياك التي رأت أمك حتى نعبرها لك وعند ذلك دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) وسأل عن الرجفة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
فقالوا له: يا علي امرأة من بني حنيفة حرمت ثمنها على المسلمين. وقالت ثمني من يخبرني بالرؤيا التي رأت أمي في منامها
قال أمير المؤمنين (ع): أخبروها تملكوها فقالوا بأجمعهم نحن لا نعلم الغيب فقال أبو بكر أخبرها يا أبا الحسن
قال: أخبرها واملكها؟ قالوا نعم فتقدم إليها وقال :يا حنفية أخبرك وأملكك فقالت: من أنت الجريء دون أصحابك؟
قال: انا علي بن أبي طالب فلما سمعت بذلك قامت
وقالت: يا علي أما نصبك رسول الله صبيحة يوم الجمعة بغدير خم علما للناس؟
قال نعم
قالت: فوالله نحن من اجلك سبينا، ومن نحوك أوتينا ومن سبيلك أصبنا لان رجالنا قالوا لا نسلم الصدقات من أموالنا ولا طاعة لأنفسنا إلا إلى الذي نصبه محمد فينا وفيكم علما
فقال: أمير المؤمنين أن أجركم لغير ضايع
فقالت: اخبرني يا أبا الحسن بقصتي
قال: ألم تحملك امك حمل مشوم في زمان غير مبارك فلما كان بعد سبع شهور رأت أمك في منامها كأنها وقد وضعتك وانتي تقولين لا تتشأمي بي فإني ولد مبارك انشئ نشئاً حسناً يملكني سيد يولد لي وليا مباركا يكون لبني حنيفة عزا.
ولما وضعتك أمك كتبت كلامك والرؤيا في لوح من النحاس وأودعته يمنة الباب فلما كان بعد ثمان سنين عرضته عليك وقالت يا بنية إذا نزلت بساحتكم مصيبة من سافك دمائكم وناهب أموالكم وسابي ذراريكم وسبيت فيمن يسبى فخذي هذا اللوح معك واجهدي أن لا يملكك من الجماعة إلا من يخبرك بالرؤيا واللوح. و اللوح الان في عنقك قالت صدقت يا امير المؤمنين ورفعت اللوح إليه فملكها. ثم قالت :يا معاشر الناس نفسي كما أمرني أهلي فقال الإمام (ع): قد قبلتك زوجة.
خلصها الامام (ع)من الرق وبعث بها الى اسماء بنت عميس ،وبعد ان جاء اهلها امهرها وتزوجها فأنجبت له ولداً أسمياه (محمد الأكبر وكنيته أبو القاسم -بوصيه من النبي- ) لقب بـ (محمد بن الحنفية)
محمد بن الحنفية لم يدرك جده النبي محمد (ص) كما جاء في بعض الروايات المغرضه، لكنه متعلق بجده من كثرة ما سمعه من أبيه علي (عليه السلام)، فنشأ بطلاً مغواراً له مواقف مشهودة يوم الجمل، وصفين، والنهروان ،وقف ضد قتلة أخيه الإمام الحسين (عليه السلام)، وكان مؤمناً بإمامة علي السجاد (عليه السلام) ماضياً بطاعته، وهو أحد رجال الإسلام، وأبطاله في العلم والزهد، والعبادة والشجاعة، فلنِعمَ ما أنجبتْ خولة الحنفية!
عاصرت السيدة خولة زمن الإمام علي والحسن والحسين والسجاد (عليهم السلام اجمعين)، لها دور كبير في نشر علوم آل البيت.
توفيت السيدة خولة (رضوان الله تعالى عليها)، أيام الإمام السجاد (ع)
.................................................. .......
(1)-الشافي في الامامة الشريف المرتضى ج ٣ ،ص ٢٧١
(2)-الدر النظيم ، إبن حاتم العاملي ، ص ٤١٠
(3)- شجرة طوبى ، الشيخ محمد مهدي الحائري ج ١ ،ص ٤٠-٤١
(4)-مستدرك سفينة البحار ، الشيخ علي النمازي الشاهرودي ،ج ٢ ،ص٤٤٧
(5)-انساب الأشراف ، البلاذري، ص ٢٠١
أعجبني
تعليق
مشاركة