بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
🔹إنّ من المعروف أنّ الدين يتألف من إيمان وعمل..
فالإيمان: هو الاهتداء إلى الحقائق الكبرى في هذه الحياة من وجود الله سبحانه وصفاته الكريمة ومن رسله المبعوثين كلهم ولا سيما خاتم الرسل (ص) وأوصيائه (ع). والإذعان ببقاء الإنسان بعد هذه الحياة في يوم القيامة.
وأمّا العمل: فهو تطبيق تعاليم الدين في سلوك الإنسان في مختلف نواحي الحياة مما يتعلق بارتباط الإنسان بالله سبحانه أو فيما يتعلق بالتعامل مع الخلق أو فيما يتعلق بسلوك الإنسان مع نفسه.
ولأجل ذلك نجد أنّ معيار الفلاح في القرآن دائماً يأتي بعنوان (الإيمان والعمل الصالح)، قال تعالى: [وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ] .
لكن من المعلوم أنّ عقائد الإنسان وسلوكه إنّما هي نتاج خصاله التي تكون شخصيته، فتلك الخصال هي التي تهيئ للإنسان التحري الملائم والإذعان الراشد والسلوك السليم، فما من عقيدة صائبة أو سلوك سليم إلا وهو مبني ومستقر على أساس خصلة راقية وكريمة من الخصال الإنسانية، فلا بدّ من بناء الإنسان لشخصيته بناء عميقاً وملائماً حتى يسير في مسيرة مستقيمة لا يتردد فيها ولا يزيغ عنها ويكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فعلاً.
🔹 وأصول الخصال اللازمة للإنسان خمسة يشد بعضها بعضاً:
١- التعقل الراشد: بأن يسعى المرء إلى ان يفكر في الأمور ويتحرى وفق منهج موضوعي ومنطقي سليم، فلا يؤمن بشيء أو ينكره إلا بعد أن يشبعه بحثاً وتحرياً، وهو ما يقي المرء من الأوهام والخرافات والقول بغير علم ولا بصيرة سواء في الاعتقادات أو في الأفكار العامة أو في تحديد القواعد السليمة للسلوك.
٢- الحكمة: بأن يسعى المرء إلى أن يتحرى الصلاح بالنظر في العاجل والآجل جميعاً من دون أن يفنى في لذة عاجلة أو منفعة زائلة يفوت في أثرها العاقبة الحميدة والأثر المحمود.
ومما تنطوي عليه خصلتا الرشد والحكمة هي بصيرة الانسان بخصائص الظروف المحيطة به والبيئة التي يعيش فيها زماناً ومكاناً، وإدراكه لما تفرضها تلك الخصائص من سلوكيات ومواقف في مختلف شؤون الحياة.
٣- الإيمان بالله تعالى ورسوله (ص) وأوصيائه (ع) إيماناً يورث اليقين ويؤدي إلى استحضار المرء أنّه لله ومن الله وإلى الله، وأنّه سبحانه شاهد عليه معني بأحواله مدبر لأموره وهو الذي يرجع إليه المرء غداً، وينطوي الإيمان السليم على الاستحضار الدائم لله سبحانه والخوف منه والرجاء لمعروفه والمحبة له والشكر على إنعامه والاستعداد للقائه، بل الشوق إليه حتى يصغر ما دون الله سبحانه في نظر الإنسان إذا تأمله بجنب الله سبحانه، ويعطي الإيمان للإنسان الطمأنينة والسكينة والأمل ويوجب بركة الله سبحانه للمرء في حياته وتسديده إياه في خطواته حسب درجة إيمانه وتقواه وورعه.
وتتبع الإيمان الموالاة الخاصة بين المؤمنين، من غير ظلم لغيرهم، فهم أولياء بعضهم لبعض كما وصفهم الله سبحانه بقوله: [التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ] .
وينطوي الإيمان على اليقين بالآخرة والشعور الصادق والدائم بأنّ المرء في حال السير إليها فهو كقوم يظنون أنّهم وقوف والركب سائر بهم، وعدم الالتهاء عن ذلك بأمور الدنيا وزبرجها.
٤- الخلق الكريم والفاضل بما ينطوي عليه من الصدق في القول والوفاء بالعهد والعفاف في التصرف والعدل في الحكم والشكر على الأنعام والرحمة للضعيف والانتصار للمظلوم والتواضع للجميع، وكذلك بما ينطوي عليه من تجنب الكذب والقول بغير علم والخيانة في الالتزام وارتكاب الفواحش والخطايا والظلم للآخرين والتنكر للمعروف واللامبالاة بالضعيف والمظلوم.
٥- العزيمة القوية التي تساعد الإنسان على الثبات على الحق والاستقامة على جادة الصواب، غير مكترث بالهواجس المتعلقة والشكوك الزائفة والخواطر الموهنة، وقد قال الله سبحانه: [إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ] .
🔹وبعدُ فإنّ الإنسان المؤمن والمتقي - كما يقتضيه الإيمان والتقوى - لهو مجمع هذه الفضائل، كما وصف في القرآن الكريم وفي كلمات أمير المؤمنين (ع) في خطبة المتقين، فهو أشد الناس رشداً وتعقلاً وحكمة وأكثرهم إيماناً ويقيناً بالله سبحانه وبالدار الآخرة وأفضلهم خلقاً في الصدق والوفاء والعفاف والعدل والشكر والتواضع والرحمة والغيرة وأقواهم عزيمة وإرادة وهو مجد مجاهد مكافح في الحياة كفاحاً ينتهي به إلى الفلاح ، وقد قال الله سبحانه [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ] .
اللهم صل على محمد وآل محمد
🔹إنّ من المعروف أنّ الدين يتألف من إيمان وعمل..
فالإيمان: هو الاهتداء إلى الحقائق الكبرى في هذه الحياة من وجود الله سبحانه وصفاته الكريمة ومن رسله المبعوثين كلهم ولا سيما خاتم الرسل (ص) وأوصيائه (ع). والإذعان ببقاء الإنسان بعد هذه الحياة في يوم القيامة.
وأمّا العمل: فهو تطبيق تعاليم الدين في سلوك الإنسان في مختلف نواحي الحياة مما يتعلق بارتباط الإنسان بالله سبحانه أو فيما يتعلق بالتعامل مع الخلق أو فيما يتعلق بسلوك الإنسان مع نفسه.
ولأجل ذلك نجد أنّ معيار الفلاح في القرآن دائماً يأتي بعنوان (الإيمان والعمل الصالح)، قال تعالى: [وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ] .
لكن من المعلوم أنّ عقائد الإنسان وسلوكه إنّما هي نتاج خصاله التي تكون شخصيته، فتلك الخصال هي التي تهيئ للإنسان التحري الملائم والإذعان الراشد والسلوك السليم، فما من عقيدة صائبة أو سلوك سليم إلا وهو مبني ومستقر على أساس خصلة راقية وكريمة من الخصال الإنسانية، فلا بدّ من بناء الإنسان لشخصيته بناء عميقاً وملائماً حتى يسير في مسيرة مستقيمة لا يتردد فيها ولا يزيغ عنها ويكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فعلاً.
🔹 وأصول الخصال اللازمة للإنسان خمسة يشد بعضها بعضاً:
١- التعقل الراشد: بأن يسعى المرء إلى ان يفكر في الأمور ويتحرى وفق منهج موضوعي ومنطقي سليم، فلا يؤمن بشيء أو ينكره إلا بعد أن يشبعه بحثاً وتحرياً، وهو ما يقي المرء من الأوهام والخرافات والقول بغير علم ولا بصيرة سواء في الاعتقادات أو في الأفكار العامة أو في تحديد القواعد السليمة للسلوك.
٢- الحكمة: بأن يسعى المرء إلى أن يتحرى الصلاح بالنظر في العاجل والآجل جميعاً من دون أن يفنى في لذة عاجلة أو منفعة زائلة يفوت في أثرها العاقبة الحميدة والأثر المحمود.
ومما تنطوي عليه خصلتا الرشد والحكمة هي بصيرة الانسان بخصائص الظروف المحيطة به والبيئة التي يعيش فيها زماناً ومكاناً، وإدراكه لما تفرضها تلك الخصائص من سلوكيات ومواقف في مختلف شؤون الحياة.
٣- الإيمان بالله تعالى ورسوله (ص) وأوصيائه (ع) إيماناً يورث اليقين ويؤدي إلى استحضار المرء أنّه لله ومن الله وإلى الله، وأنّه سبحانه شاهد عليه معني بأحواله مدبر لأموره وهو الذي يرجع إليه المرء غداً، وينطوي الإيمان السليم على الاستحضار الدائم لله سبحانه والخوف منه والرجاء لمعروفه والمحبة له والشكر على إنعامه والاستعداد للقائه، بل الشوق إليه حتى يصغر ما دون الله سبحانه في نظر الإنسان إذا تأمله بجنب الله سبحانه، ويعطي الإيمان للإنسان الطمأنينة والسكينة والأمل ويوجب بركة الله سبحانه للمرء في حياته وتسديده إياه في خطواته حسب درجة إيمانه وتقواه وورعه.
وتتبع الإيمان الموالاة الخاصة بين المؤمنين، من غير ظلم لغيرهم، فهم أولياء بعضهم لبعض كما وصفهم الله سبحانه بقوله: [التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ] .
وينطوي الإيمان على اليقين بالآخرة والشعور الصادق والدائم بأنّ المرء في حال السير إليها فهو كقوم يظنون أنّهم وقوف والركب سائر بهم، وعدم الالتهاء عن ذلك بأمور الدنيا وزبرجها.
٤- الخلق الكريم والفاضل بما ينطوي عليه من الصدق في القول والوفاء بالعهد والعفاف في التصرف والعدل في الحكم والشكر على الأنعام والرحمة للضعيف والانتصار للمظلوم والتواضع للجميع، وكذلك بما ينطوي عليه من تجنب الكذب والقول بغير علم والخيانة في الالتزام وارتكاب الفواحش والخطايا والظلم للآخرين والتنكر للمعروف واللامبالاة بالضعيف والمظلوم.
٥- العزيمة القوية التي تساعد الإنسان على الثبات على الحق والاستقامة على جادة الصواب، غير مكترث بالهواجس المتعلقة والشكوك الزائفة والخواطر الموهنة، وقد قال الله سبحانه: [إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ] .
🔹وبعدُ فإنّ الإنسان المؤمن والمتقي - كما يقتضيه الإيمان والتقوى - لهو مجمع هذه الفضائل، كما وصف في القرآن الكريم وفي كلمات أمير المؤمنين (ع) في خطبة المتقين، فهو أشد الناس رشداً وتعقلاً وحكمة وأكثرهم إيماناً ويقيناً بالله سبحانه وبالدار الآخرة وأفضلهم خلقاً في الصدق والوفاء والعفاف والعدل والشكر والتواضع والرحمة والغيرة وأقواهم عزيمة وإرادة وهو مجد مجاهد مكافح في الحياة كفاحاً ينتهي به إلى الفلاح ، وقد قال الله سبحانه [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ] .