إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جواهر عَلَويَّةٌ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جواهر عَلَويَّةٌ


    اللهم صل على محمد وآل محمد
    رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "إِنَّ لِلْمِحَنِ غاياتٍ، وَلِلْغاياتِ نِهاياتٍ، فَاصْبِرُوا لَها حَتّى تَبْلُغَ نِهاياتِها، وَالتَّحَرُّكُ لَها قَبْلَ انْقِضائِها زِيادَةٌ لَها".
    الحياة ذاتها أزمات ومِحَن وابتلاءات، وهي تواكب الإنسان من حين تَخَلُّقِه في رحم أمه وتبقى معه حتى مغادرته الحياة الدنيا، وإنها لتتنوَّع وتتعدَّد أشكالها، من ابتلاءات فردية وأخرى اجتماعية، وهي إما طبيعية تقتضيها طبيعة التكوين الإلهي، أو ابتلاءات تأتي نتيجة تلقائية لتصرُّف الفرد أو المجتمع، وجميعها تأتي وفق تقدير وقضاء ربانيين.
    والمِحَن والابتلاءات ضرورية للحياة وهي سُنَّةٌ من السَّنَنِ الإلهية الجارية في الأفراد والمجتمعات، وإنها لتكشف للمرء عن قابلياته المختلفة، وتظهر محاسنه ومساوئه، وتغربل فئات المجتمع فتميز الخبيث من الطيب، قال تعالى: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ"﴿3/ العنكبوت﴾. إن الآيتين الكريمتين تشيران إلى الحقيقة التي سبقت وتقولان لنا: إن الإيمان أمانة الله في الأرض، لا يحملها إلا من هم لها أهل، وفيهم على حملها قدرة، ويُؤثرونها على الراحة والدعة، وعلى الأمن والسلامة، فهي تحتاج إلى صنف خاص من الناس ممن يصبرون على البلاء، ويواجهون المِحَنَ بثبات وعزم أكيد.
    والمِحَنُ كثيرة، والابتلاءات متنوعة، فمنها ما يتعرض له المؤمن من أذى أهل الباطل، وما يواجهه من طغيان الطغاة، وظلم الظالمين، ومنها فتنة الأهل والأحبة الذين يخشى أن يصيبهم الأذى بسببه، وهو لا يملك عنهم دفعاً، وقد يهتِفون به ليسالم أو يستسلم، ومنها فتنة الغُربة في البيئة التي تضغط على إيمانه وقِيَمه، وتمنعه من إقامته شعائر دينه، ومنها فتنة الفقر والعَوَز والحاجة، ومنها فتنة إقبال الدنيا على الفُجَّار والكُفَّار والبطالين، ومنها فتنة انتشار المُنكر والرذيلة والفحشاء.
    والله تعالى لا يعذب المؤمنين بالفتنة، ولا يؤذيهم بها، حاشاه، إنه الرحمان الرحيم، والرؤوف الكريم، ولكنه يريد أن يُعدّهم بها لحمل أمانته، والقيام بدور الخلافة الحَقَّة في الأرض، فإن النفس تصهرها الشدائد فينتفي عنها الخبَثُ والزَّبَدُ، وتستجيش كل قواها الكامنة فتستيقظ وتنمو وتتطور.
    "إِنَّ لِلْمِحَنِ غاياتٍ، وَلِلْغاياتِ نِهاياتٍ..." فهي لا تدوم، سيعقبها اليُسْرُ والفرج، والرَّخاء والراحة والدَّعة، وعلى المرء أن يصبر لها حتى تبلغ نهاياتها، وأن يثبت أمامها حتى تبلغ غاياتها، ومن الخطأ أن يستعجل ذهابها، فإن ذلك يزيد من وطأتها وقوة تأثيرها عليه، وستمتد الساعة من عمرها أياما، والأيام شهورا، والشهور سنين، المستعجل تثقل عليه، فيراها طويلة، وهذا معنى قول الإمام أمير المؤمنين (ع): "...وَالتَّحَرُّكُ لَها قَبْلَ انْقِضائِها زِيادَةٌ لَها".
    هكذا يتعامل المؤمن مع المِحَنِ والابتلاءات، يعلم أنها انقضاءها حتمي، وأن جلاءها حاصل لا محالة، ويرى أن شدَّتها نذير زوالها، فيصبر لها، ويثبت أمام عصفها، ولا يسمح لليأس أن يتملَّكه، ولا للقنوط أن يسيطر عليه، فصبره ليس سلبياً، ليس تخلياً عن مسؤولياته في مواجهة الواقع والعمل على تغييره بالطرق الممكنة، إنما هو صبر الواثق الموقن بالخروج من المِحنة ولو طال أمدها، وإنما هو الإعداد المستمر، واستثمار القدرات المتاحة للتغيير، والترقب للتطورات، وانتظار الفرصة المناسبة.
    --------------
    السيد بلال وهبي



    أين استقرت بك النوى

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم وبارك الله بكم
    شكرا لسعيكم مع خالص تقديرنا

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X