يقول النبي (صلى الله عليه وآله): (أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اَللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَاَلرَّحْمَةِ وَاَلْمَغْفِرَةِ)[فضائل الأشهُر الثلاثة ج١ ص٧٧]، وكأن هذا الشهر قافلة محملة بالبضائع جاء ليعطيك ما عنده مجاناً، فما قيمة العمل مقابل ما يعطيه شهر رمضان، نحن نعطي الشهر كف عن الطعام والشراب أياماً معدودة – والتنكير في اللغة العربية للتصغير – وأياماً قليلة، فلا يمن أحد على الله عز وجل بصايمه؛ إذ كان بإمكان الله عز وجل أن يجعل الصيام مدى الدهر، وهو خالق النفس وخالق الطعام، ولكنه سبحانه بلطفه جعله أياماً معدودة كالحج، وجعل الخمس والزكاة مبلغ محدود وكذلك أمره في جميع الأشياء وكل شيء عنده بقدر ومقدار، وأيام الصيام معدودة تكتسب بها ثمار الأبد.
إنَّ ثمار شهر رمضان ليست لشهر رمضان فحسب؛ بل هي ثمار للأبد، وإن الذي وفقه الله لصيامه يحمل معه الثمرات إلى أبد الآبدين؛ حيث جنة الخلد ونعيم الله عز وجل؛ إذ يمسك الإنسان عن الطعام والشراب وبعض المحرمات المعروفة كالغمس في الماء والكذب على الله ورسوله وسائر الأمور التي هي بمنتهى السهولة لساعات محدودة، وإذا به يحصل على ثمرة عظيمة وهي: (قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اَللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَاَلرَّحْمَةِ وَاَلْمَغْفِرَةِ).
إنَّ الله عز وجل قد جعل للإنسان محطات يخفف فيها من ذنوبه من حيث لا يشعر، كالإنسان المبتلى بأنواع الكدر والقذر فيدخل الحمام وهو لا يعلم ما عليه من الأوساخ وإذا به يخرج نقياً نظيفاً طاهرا، وأحدنا يدخل شهر رمضان وقد ارتكب من الذنوب ما لا يعلمها إلا الله عز وجل وهو القائل: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)[سورة غافر، الآية: ١٩]، وكم من ذنب ارتكبه الإنسان بقوله وفعله وسمعه وقلبه على امتداد السنة وقد نسيه ولكن الله أحصاه: (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ)[سورة المجادلة، الآية: ٦]، أو قوله سبحانه عن لسان المجرمين: (مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا)[سورة الكهف، الآية: ٤٩]، إنما يأتي هذا الشهر ليعفو الله عنك وإن لم تكن تتذكرها أنت، وهذه هي البركة والرحمة والمغفرة.
ثم يكمل النبي (صلى الله عليه وآله): (شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ أَفْضَلُ اَلشُّهُورِ وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ اَلْأَيَّامِ)، ومن كرامة الله عز وجل أن يحول نوم النائم – والنائم والميت والمغمى عليه والمجنون لا يمكنهم العمل – إلى عبادة، وما أكثر ما ينام الصائم في الليل والنهار، وعبادته هذه عبادة مقبولة قطعاً؛ لأن الإنسان لا يرائي في نومه، بخلاف الحج والعمرة وما شابه من الأعمال التي يمكن أن يرائي فيها الإنسان، وكذلك النفس الذي هو عبارة عن شهيق وزفير – وفي خروج الزفير خروج مادة سامة من البدن؛ فلو زفر الإنسان في فم أحد لمات اختناقاً – ولا قيمة له وفيه تلك الرائحة الكريهة يتحول إلى تسبيح في شهر رمضان.
إنَّ الذي يعرف حجم نفسه ووزن أعماله وقبح أفعاله، كيف يمكنه أن يرفع يده بالدعاء؟ وهو مع ذلك ليس له جهاد قولي ولا عملي ولا مالي ولا نفسي، وأحدنا قد يدعو الله عز وجل وهو خجل من وجوده، ويقول: يا رب إن وجودي معصية لا تدانيها معصية؛ إذ أنَّ وجود العاصي معصية فكيف بأعماله، ولذلك يأتي شهر رمضان ليصالح العبد مع مولاه.
إن شهر رمضان هو الشهر التقرب إلى الله عز وجل؛ ولكن النبي (صلى الله عليه وآله) مع ذلك يمزج القلب بالقلب والباطن بالظاهر، وعلى الرغم من كون الشهر شهر إنابة ومغفرة إلا أنه يذكرنا بأن لا ننسى واجبنا الاجتماعي؛ فيدعو لإفطار الصائمين والتحنن على الأيتام والفقراء والمساكين، ويريد بذلك أن يكون الصائم متكاملا في جميع أبعاد وجوده، والإسلام يريد من الإنسان بالإضافة إلى صيامه، أن يكون عابدا زاهداً كافلاً للأيتام مساعداً للفقراء مجاهداً في سبيل الله عز وجل، والذي لا يلتزم بهذه الأعمال هو كالإنسان الناقص في خلقته؛ كالمرأة الجميلة التي في يديها ورجليها قصر أو جميلة ملامح الوجه قبيحة العينين، فعلى المؤمن أن يكون جميلاً في جميع الأبعاد.
ويقول (صلى الله عليه وآله): (أَيُّهَا اَلنَّاسُ مَنْ حَسَّنَ مِنْكُمْ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ خُلُقَهُ كَانَ لَهُ جَوَازاً عَلَى اَلصِّرَاطِ)، وليس حسن الخلق البشاشة فحسب؛ إذ أنَّ هناك خطأ عرفي حول حسن الخلق؛ فيعتبرون الإنسان البشوش وكثير المزاح والذي يكثر من التهريج واللغو في القول والدخول في ما لا يعنيه حَسَنَ الخُلُق، وإنما حُسن الخُلق هو مقابل حُسن الخَلق؛ إذ يقول سبحانه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)[سورة التين، الآية: ٤]؛ أي نحن من جهتنا خلقناك في أحسن تقويم وأنت مأمور أن تجعل خُلُقُك في أحسن تقويم، وقد تركتك لنفسك بعدما قمت بما علي من فعل؛ فقد صيرتك من نطفة قذرة ومني يمنى إلى مخلوق متكامل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)[سورة الإسراء، الآية: ٧٠]، وقد جعلت أمر الروح بيدك، ولو أراد الله سبحانه أن يحسن الأرواح كما الأجسام، لانتفى الأجر وبطل الثواب بل كما قال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)[سورة الانشقاق، الآية: ٦].
إنَّ ثمار شهر رمضان ليست لشهر رمضان فحسب؛ بل هي ثمار للأبد، وإن الذي وفقه الله لصيامه يحمل معه الثمرات إلى أبد الآبدين؛ حيث جنة الخلد ونعيم الله عز وجل؛ إذ يمسك الإنسان عن الطعام والشراب وبعض المحرمات المعروفة كالغمس في الماء والكذب على الله ورسوله وسائر الأمور التي هي بمنتهى السهولة لساعات محدودة، وإذا به يحصل على ثمرة عظيمة وهي: (قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اَللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَاَلرَّحْمَةِ وَاَلْمَغْفِرَةِ).
إنَّ الله عز وجل قد جعل للإنسان محطات يخفف فيها من ذنوبه من حيث لا يشعر، كالإنسان المبتلى بأنواع الكدر والقذر فيدخل الحمام وهو لا يعلم ما عليه من الأوساخ وإذا به يخرج نقياً نظيفاً طاهرا، وأحدنا يدخل شهر رمضان وقد ارتكب من الذنوب ما لا يعلمها إلا الله عز وجل وهو القائل: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)[سورة غافر، الآية: ١٩]، وكم من ذنب ارتكبه الإنسان بقوله وفعله وسمعه وقلبه على امتداد السنة وقد نسيه ولكن الله أحصاه: (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ)[سورة المجادلة، الآية: ٦]، أو قوله سبحانه عن لسان المجرمين: (مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا)[سورة الكهف، الآية: ٤٩]، إنما يأتي هذا الشهر ليعفو الله عنك وإن لم تكن تتذكرها أنت، وهذه هي البركة والرحمة والمغفرة.
ثم يكمل النبي (صلى الله عليه وآله): (شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ أَفْضَلُ اَلشُّهُورِ وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ اَلْأَيَّامِ)، ومن كرامة الله عز وجل أن يحول نوم النائم – والنائم والميت والمغمى عليه والمجنون لا يمكنهم العمل – إلى عبادة، وما أكثر ما ينام الصائم في الليل والنهار، وعبادته هذه عبادة مقبولة قطعاً؛ لأن الإنسان لا يرائي في نومه، بخلاف الحج والعمرة وما شابه من الأعمال التي يمكن أن يرائي فيها الإنسان، وكذلك النفس الذي هو عبارة عن شهيق وزفير – وفي خروج الزفير خروج مادة سامة من البدن؛ فلو زفر الإنسان في فم أحد لمات اختناقاً – ولا قيمة له وفيه تلك الرائحة الكريهة يتحول إلى تسبيح في شهر رمضان.
إنَّ الذي يعرف حجم نفسه ووزن أعماله وقبح أفعاله، كيف يمكنه أن يرفع يده بالدعاء؟ وهو مع ذلك ليس له جهاد قولي ولا عملي ولا مالي ولا نفسي، وأحدنا قد يدعو الله عز وجل وهو خجل من وجوده، ويقول: يا رب إن وجودي معصية لا تدانيها معصية؛ إذ أنَّ وجود العاصي معصية فكيف بأعماله، ولذلك يأتي شهر رمضان ليصالح العبد مع مولاه.
إن شهر رمضان هو الشهر التقرب إلى الله عز وجل؛ ولكن النبي (صلى الله عليه وآله) مع ذلك يمزج القلب بالقلب والباطن بالظاهر، وعلى الرغم من كون الشهر شهر إنابة ومغفرة إلا أنه يذكرنا بأن لا ننسى واجبنا الاجتماعي؛ فيدعو لإفطار الصائمين والتحنن على الأيتام والفقراء والمساكين، ويريد بذلك أن يكون الصائم متكاملا في جميع أبعاد وجوده، والإسلام يريد من الإنسان بالإضافة إلى صيامه، أن يكون عابدا زاهداً كافلاً للأيتام مساعداً للفقراء مجاهداً في سبيل الله عز وجل، والذي لا يلتزم بهذه الأعمال هو كالإنسان الناقص في خلقته؛ كالمرأة الجميلة التي في يديها ورجليها قصر أو جميلة ملامح الوجه قبيحة العينين، فعلى المؤمن أن يكون جميلاً في جميع الأبعاد.
ويقول (صلى الله عليه وآله): (أَيُّهَا اَلنَّاسُ مَنْ حَسَّنَ مِنْكُمْ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ خُلُقَهُ كَانَ لَهُ جَوَازاً عَلَى اَلصِّرَاطِ)، وليس حسن الخلق البشاشة فحسب؛ إذ أنَّ هناك خطأ عرفي حول حسن الخلق؛ فيعتبرون الإنسان البشوش وكثير المزاح والذي يكثر من التهريج واللغو في القول والدخول في ما لا يعنيه حَسَنَ الخُلُق، وإنما حُسن الخُلق هو مقابل حُسن الخَلق؛ إذ يقول سبحانه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)[سورة التين، الآية: ٤]؛ أي نحن من جهتنا خلقناك في أحسن تقويم وأنت مأمور أن تجعل خُلُقُك في أحسن تقويم، وقد تركتك لنفسك بعدما قمت بما علي من فعل؛ فقد صيرتك من نطفة قذرة ومني يمنى إلى مخلوق متكامل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)[سورة الإسراء، الآية: ٧٠]، وقد جعلت أمر الروح بيدك، ولو أراد الله سبحانه أن يحسن الأرواح كما الأجسام، لانتفى الأجر وبطل الثواب بل كما قال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)[سورة الانشقاق، الآية: ٦].
تعليق