القناع شكل من اشكال التعبير الكتابي، وهو وسيلة فنية للتعبير عن الذات، كما يراه اغلب النقاد، تعتبره الناقدة (منى المبدهش): تقنية مستعارة من الاداء الدرامي، وتقوم على استعارة يمتد بها المبدع لتكون ناطقة بلسانه، معبرة عن حاله، وحاملة لمواقفه، كقوله عليه السلام: (مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ لَمْ يُوجِسْ مُوسَى (عليه السلام) خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ ودُوَلِ الضَّلالِ) وذلك لأنهم رموا نبي الله موسى عليهم السلام بالخيفة، واستحضار قضية موسى عليه السلام، ليفرق بين الواقع وما يزعمون، فالامام لايخاف على حياته، ولكنه يخاف من غلبة الباطل.
وبعض الاقنعة موجود، والاخر مبتدع، والمبتدع لا وجود له في نهج البلاغة، لكونه يرتكز على حقائق مبينة، حتى عند تلك الغيبيات التي ترد عن قيم السماء.. والقناع عند الناقد (فتحي غنيم) لعبة بلاغية، يعني انه عنصر جمالي.. وتتشكل الاقنعة عند الناقد (خليل الموسى) بنية المنجز الابداعي، طرفيها النص والقضية (الفكرة) وهو ازدواج غير مكتمل برؤية الناقد (فائز الشرع) نصف للقناع، والنصف الاخر للمقنع، لاعطاء النصية المؤثرة، كقوله عليه السلام: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالأَنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ... إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا والله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَى بِالْقَرَابَةِ وتَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةَِ...) سألوا الشاعر (محمد عفيفي مطر) ما هو القناع؟ فقال: نستلهم التاريخ لنتحدث من ورائه، ونحن نجد ان مبدع نهج البلاغة يتنفس بهذا التاريخ استدلالا وانتماء، وثمة قضية أخرى مهمة طرقها الناقد (بسام موسى فطرس) وهي التناص والدافع الذي يجعل المبدع ان يلجأ الى تقنية القناع الذي فسره اغلب النقاد، بأنه سياسي يشتغل على التورية، في حال ان اغلب الدوافع لهذا الاشتغال هي فنية فكرية واسلوبية، يتوجه الوعي في اضاءة التجربة، وحقيقة القناع في نهج البلاغة، اشتغال على تعميق المساحة الفكرية، كقوله عليه السلام: (وخَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الأَنْبِيَاءُ فِي أُمَمِهَا إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلاً بِغَيْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ ولا عَلَمٍ قَائِمٍ) أي بمعنى ان الانبياء لم يهملوا اممهم مما يرشدهم بعد موت انبيائهم، وقد خلف رسول الله (ص) مثل ما كان منهم كتاب الله تعالى، وعترة بيته عليهم السلام.
يعرف الناقد (احسان عباس) القناع بأنه: شخصية تاريخية يعبِّر بها المبدع من خلالها عن موقف، وهذا التشخيص مهم جدا، لكن كان (إليوت) اكثر تقربا حين رآه اسما يتحدث من خلاله المبدع متجرِّدا من ذاتيته.