ويأخذنا الحديث طويلًا عن فهي سلاح ذو حدين، تغمرك تارة بالعلم والمعرفة وسائر فوائد الاطلاع المنهجي السليم لكل مفاصل الحياة، وتارة أخرى – لمن يسوّل له الشيطان – تذهب بك بعيدًا عن غايات وأهداف وجوده وتكوينه السامية على أرض الخليقة.
فكانت محطتنا الاستطلاعية مع السيدة زهراء نجاح ملهب - تقنية تحليلات مرضية التي وضحت لنا وبشكل مفصّل كلّ أبعاد الظاهرة بقولها: لقد أسهمت العولمة الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في تغيير مفاهيم الشباب خصوصًا ونظرتهم للواقع والحياة التي نعيشها ككل، فقد أسهمت الأفكار الغريبة والدخيلة في تغيير طريقة التفكير؛ لأنها وبدقة قد لامست أكثر نقاط الضعف حساسية في الكيان الاسلامي بشكل خاص والطبيعة الأخلاقية للإنسانية بشكل عام؛ لأن الإسلام هو الخط الأخلاقي الوحيد الذي يحفظ كرامة الانسان وحريته الشخصية والمجتمعية.
بدأت العولمة وبدأ العلمانيون بشكل خاص بالعزف على وتر العقائد الحساس بأصابع خفية تتمثل بالأسئلة العقائدية البسيطة المطروحة على مواقع عدة أو مباشرة من خلال الأشخاص التي في أغلب الأحيان لا يجد لها الشباب جوابًا لا بسبب عجزهم، بل بسبب عدم تحركهم للبحث عن الحقيقة، فالكثير بل الأعمّ الأغلب لا يريد أن يتعب نفسه في البحث والسؤال، بل فقط يريد إشباع هوى نفسه، وهذه الشبهات المطروحة تتلاءم وما تريده النفس الشهوانية المتدنية، على سبيل المثال: لماذا تعبد إلهًا غير موجود ولا دليل لوجوده؟ فمن المؤكد أن الإجابة تكون مفقودة لمن هم غير مطلعين على العقائد ولو الأساسيات منها، وربما يتساءلون بينهم وبين أنفسهم: لماذا وكيف وأين هو الله؟ وما الدليل على وجوده؟ ثم يضع هذا السؤال جانبًا، ولا يبحث عن جواب، ويكتفي بقول: لا أعلم والسلام.
بينما قد حفظها العقل الباطن للمتلقي، وسوف تؤثر على شخصيته عاجلًا أم آجلًا، وتبقى تتوارد الأفكار إلى أن تتجمع ويتغيّر الفرد المسلم شيئًا فشيئًا، ولا يعلم من هو الله؟ وما الدليل؟ وأين يوجد وهو ليس بمادة؟ إذن، لا يراه، إذن لا يؤمن، فهي شبهات تتبعها شبهات، ولا سبيل للبحث سوى الاستسلام! لماذا؟ لأن هوى النفس البشرية يميل نحو الشهوات وإشباع الذات من الملذات الدنيوية، وهذا لا يتناسب مع القوانين الموضوعة من قبل الدين والأخلاق، فيختار الأقرب لهوى نفسه، ويغرق ولا منقذ ولا سبيل إلا هدى الله، والله لا يهدي القوم الظالمين، الظالمين لأنفسهم، لأرواحهم الشفافة التي ضاعت، لقلوبهم المسكينة التي أنهكتها الذنوب ولا مجيب لصوت العقل الذي هو الرسول الداخلي من الله سبحانه وتعالى والصوت الحق الذي لطالما ينادي الانسان من أعماقه وكأنه شخص آخر، ولكن يتم كبته وكبته حتى يصل لمرحلة الصمت المطلق؛ بسبب جزعه ولومه على إظهاره للحق والحقيقة دون جدوى أو فائدة.
الانحراف الأخلاقي الحاصل والخيانات الزوجية؛ بسبب عدم التزام الشباب بالتوصيات الأخلاقية من غض البصر، والمخافة من الوقوع في المحرمات التي يتغاضى عنها الفرد لا بسبب عجزه عنها، بل سوّلت له نفسه بسبب عدم جهاده في تربيتها تربية أخلاقية رصينة .
على الشباب الاسلامي التعلم والجهاد في سبيل تحصيل المبتغى والتكامل لا التسافل، فقد وضع لنا أئمتنا (عليهم السلام) ما يصحح كل خطوة في حياتنا، وإن الانحراف الأخلاقي للشباب حاليًّا يُعزى بشكل خاص للأسرة التي خرج منها؛ لأنها المسؤولة الأولى عن وضع حجر الأساس للفرد حتى قبل خلقه؛ لأن الإسلام وضع قوانين رائعة بل عظيمة حتى قبل انعقاد الزيجة، فسبحان الله اللطيف بعباده.
ولبعض الشباب قصص مخيفة حصلت معهم؛ بسبب سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فمنهم من كان ضحية للعصابات، ومنهم من دمّر حياته بيديه، ومنهن من أفصحن عن تلك القصص المروعة، إذ تقول إحداهن: قصتي مع مواقع التواصل بدأت عندما صادقت إحدى البنات في الفيسبوك، وبدأت المحادثات بيننا، ثم تطورت الى الاتصال، ووصلنا الى اتصال فيديو، وكنت بملابس البيت العادية، وإذا بي بعد فترة ساومتني على صوري تلك، وبدأت تطلب مبالغ مالية، وإلا ستنشر صوري على مواقع التواصل، صُدمت للوهلة الأولى، ومباشرة اتصلت بزوجي وكان في عمله والحمد لله تفهّم زوجي الموقف، وأخذني الى الشرطة، وبلغنا عنها وتعقبوها واذا بصديقتي فرد من عصابة للابتزاز الالكتروني، تستغل مواقع التواصل؛ للإيقاع بالنساء خاصة بنات العوائل الحسنة السمعة؛ كي يدفعوا أكثر لحفظ سمعتهم، وهنا كانت صدمتي أكبر، ولم أكن أنا فقط ضحية لهم، بل كثير من النساء غيري، نصيحتي لكل النساء: لا تثقن بكل من هبّ ودبّ على مواقع التواصل.
كما بيّنَ أحد الشباب قصته قائلًا: كنت ككل الشباب المندفعين في أول شبابهم، وكنت طائشًا أراسل فتيات عدة على مواقع التواصل، حتى وصل بي الأمر الى مواعدة إحداهن، وذهبت الى الموعد لأجد رجالًا عدة يحوطونني وينهالون عليّ بالضرب، وأخذوني عنوة، واتصلوا بوالدي طالبين منه مبلغًا ماليًّا (دكة عشائرية)؛ لأنه يعدّ تجاوزًا على نساء عشيرتهم، وفي حقيقة الأمر أنهم عصابة لجني الأموال لا أكثر ولا أقل!
وبعد جلسات عشائرية ودفع أموال وكفالة من أشخاص لهم مكانة اجتماعية، خرجت وكأنني كنت في معتقل، وآثار الضرب والتعذيب على جسمي، ومن يومها وأنا أستخدم مواقع التواصل فقط فيما يخصّ العائلة، أنصح كلّ الشباب أن لا يغتروا ويندفعوا على مواقع التواصل؛ كي لا يحدث لهم ما حدث لي.
أعجبني
تعليق