طفق الحلم يصفق من جديد عند أعتاب أبي الفضل والجود.
حمائم تطير، بوح فريد، وشوق كبير.
انكببت أمضي مع الجموع.
هناك صمت موجع وضجيج عنيف.
فرح وبهجة، حزن وحسرة، وكفّان .
في داخل الرواق، عادت الطيور تحوم وتلقي السلام على الحضور.
وقد غازل النهار حبات المطر.
ودغدغ الصباح عطر التراب الأغر.
ومضت القافلة تموج في ألسنة النور المقدس.
والهتاف يشتدّ كالإعصار: يا صاحب الناموس هِبنا قطرة ماء.
لكن الهتاف تسمّر، وأيدي الرجاء توارت، والكلمات وجمت.
لما تذكروا كيف أريق ماء القربة عنوة.
حينها صار الجمع شلال ماء، والدموع أنهارًا وجداول
والقلوب بحارًا ومحيطات.
كم هم فاسدون قتلتك، منعوا عنك الماء وأنت السقّاء.
وأباحوا حرماتك وأنت رمز الغيرة والإباء .
كم هم أغبياء قتلتك، أرادوا محو أثرك
لكن الزمان صعقهم بدوام مجدك وخلود ذكرك.
هناك مسحت الجموع دموعها بأديم الفضل المشهود
ويممت وضوءها بسيرة الوفاء والطيب.
وانطلقت الصفوف تردد القسم في حضرتك زرافات زرافات.
لا يلوون على شيء سوى أن تشملهم بعض البركات والنفحات.
وانتهى الحفل البهيج تحت ظلّ قبتك
بعدما اشرأبّت الأعناق للثم أستار رفعتك.
وهكذا مضت المركبات نحو طريق العودة مبتعدة عن جنة الأرض.
لم يبقَ في الذاكرة سوى كفّين وقربة .