إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير سورة آل عمران، الآية: ١٧٨ .

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير سورة آل عمران، الآية: ١٧٨ .

    قال تعالى : ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
    سورة آل عمران، الآية: ١٧٨ .

    المثقلون بأوزارهم:

    يتوجه سبحانه في هذه الآية إِلى الأعداء بالخطاب، وأخذ يحدّثهم عن المصير المشؤوم الذي ينتظرهم .

    إِنّ الآية الحاضرة التي يقول فيها سبحانه: ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

    تحذّر المشركين بأن عليهم أن لا يعتبروا ما أتيح لهم من إِمكانات في العدّة والعدد، وما يكسبونه من انتصارات في بعض الأحيان، وما يمتلكونه من حرّية التصرف، يدل على صلاحهم، أو علامة على رضا الله عنهم.

    وتوضيح ذلك: إِنّ المستفاد من الآيات القرآنية هو أنّ الله سبحانه ينبّه العصاة الذين لم يتوغّلوا في الخطيئة ولم يغرقوا في الآثام غرقاً، فهو سبحانه ينبّههم بالنذر تارةً، وبما يتناسب مع أعمالهم من البلاء والجزاء تارة أُخرى، فيعيدهم بذلك إلى جادة الحق والصواب.


    وهؤلاء هم الذين لم يفقدوا بالمرّة قابلية الهداية، فيشملهم اللطف الإِلهي، فتكون المحن والبلايا نعمة بالنسبة إِليهم، لأنها تكون بمثابة جرس إِنذار لهم تنبّههم من غفلتهم، وتنتشلهم من غفوتهم كما يقول الله سبحانه: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ سورة الروم، الآية 41.

    ولكن الذين تمادوا في الذنوب وغرقوا فيها، وبلغ طغيانهم نهايته فإِنّ الله يخذلهم، ويكلهم إِلى نفوسهم، أيّ أنّه يملي لهم لتثقل ظهورهم بأوزارهم، ويستحقوا الحدّ الأكثر من العقوبة والعذاب المهين.

    هؤلاء هم الذين نسفوا كلّ الجسور، وقطعوا كلّ علاقاتهم مع الله، ولم يتركوا لأنفسهم طريق لا العودة إِلى ربّهم، وهتكوا كل الحجب، وفقدوا كل قابلية للهداية الإِلهية، وكل أهلية للّطف الرّباني.

    إِن الآية الحاضرة تؤكد هذا المفهوم وهذا الموضوع إِذ تقول: ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾.

    ولقد استدلت بطلة الإِسلام زينب الكبرى بنت الإِمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بهذه الآية في خطابها المدوي والساخن أمام طاغية الشام "يزيد بن معاوية" الذي كان من أظهر مصاديق العصاة والمجرمين الذين قطعوا جميع جسور العودة على أنفسهم بما ارتكبوه من فظيع الفعال، وما اقترفوه من شنيع الأعمال إِذ قالت: (أظنَنْتَ يا يزيد حيث أخَذتَ علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبَحنا نُساق كما تُساق الأُسارى، أنّ بنا على الله هَواناً وبك عليه كرامة ؟! وأنّ ذلك لِعِظَم خَطَرِك عنده! فشَمَختَ بأنفِك، ونظرتَ في عِطفِك، جَذلانَ مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مُستَوسِقة، والأمورَ مُتَّسِقة، وحين صفا لك مُلكنا وسلطاننا. مهلاً مهلا! أنَسِيتَ قول الله تعالى: ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾)بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٤٥، ص ١٣٣.

    جواب على سؤال:

    إِنّ الآية الحاضرة تجيب ضمناً على سؤال يخالج أذهان كثير من الناس وهو: لماذا يرفل بعض العصاة والمجرمين في مثل هذا النعيم، ولا يلقون جزاءهم العادل على إِجرامهم ؟

    إِنّ القرآن الكريم يردّ على هذا التساؤل الشّائع قائلا : إِنّ هؤلاء فقدوا كل قابلية للتغيير والإِصلاح، وهم بالتالي من الّذين تقتضي سُنّة الخلق ومبدأ حرّية الإِنسان واختياره أن يتركوا لشأنهم، ويوكّلوا إِلى أنفسهم ليصلوا إِلى مرحلة السقوط الكامل، ويستحقوا الحدّ الأكثر من العذاب والعقوبة.


    هذا مضافاً إِلى ما يستفاد من بعض الآيات القرآنية من أنّه سبحانه قد يمدّ البعض بالنعم الوافرة وهو بذلك يستدرجهم، أي أنّه يأخذهم فجأة وهم في ذروة التنعم، ويسلبهم كلّ شيء وهم في أوج اللّذة والتمتع، ليكونوا بذلك أشقى من كلّ شقي، ويواجهوا في هذه الدنيا أكبر قدر ممكن من العذاب، لأن فقدان هذا النعيم أشدّ وقعاً على النفس، وأكثر مرارة كما نقرأ في الكتاب العزيز: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾ سورة الأنعام، الآية: 44 .

    ومثل هؤلاء - في الحقيقة - مثل الذي يتسلق شجرة، فإِنّه كلّما ازداد رقياً ازداد فرحاً في نفسه، حتى إِذا بلغ قمتها فاجأته عاصفة شديدة، فهوى على أثرها من ذلك المترفع الشاهق إِلى الأرض فتحطمت عظامه، فتبدل فرحه البالغ إِلى حزن شديد .​

  • #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    جزاك الله خير
    طرح مميز
    لروحك نسـائم الايمان
    بـ انتظار جديدك
    مثل طبع النسر طبعي اطير بيهبة الجنحين
    واحس يتكسر جناحي من اذكر مصاب حسين
    حسيناواحسيناه

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X