السيد صباح الصافي
مقالات نشرة الخميس 893
مقالات نشرة الخميس 893
رُوي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «وَأَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ، فَإِنَّ الكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوَالِ» [1]
تمر الأمة الإسلامية اليوم بكثير من الشبهات والتشكيكات حول الدين الإسلامي، وأمام هذا الكم الهائل من الشبهات افترق الناس في التعامل معها؛ وظهر تساؤل مهم: كيف نتعامل مع الشبهات، وكيف نواجهها؟
وفي هذه الكلمة العلوية المباركة قاعدة واضحة وكافية في كيفية التعامل مع التشكيكات في كلِّ العصور، وليس في هذا العصر فقط؛ والقاعدة هي: (أَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ).
والمراد من الإمساك: الوقوف عند الشبهة، وعدم التسرع إلى سلوك طريق يُشكّ في تأديته إلى الحقِّ؛ فإنَّ الوقوف عند الشبهة خيرٌ من الاقتحام في الهلكة؛ والشبهة: شيء مختلط يربك العقل، ويفتن المرء عن المقصد الصحيح؛ أو هي كلّ ما يثير الشك والارتياب؛ لمشابهته الحق، وللشبهة تسميات أُخرى: الفتنة، والحيرة، والريب، والشك، واللبس، والتردد.
إنَّ علاج الشبهة يحتاج إلى جهد، وتعب، وتزكية من الإنسان نفسه؛ غير أنَّ أهم علاج ما ذكره الإمام (عليه السلام)؛ هو: الوقوف عند الشبهة وحيرة الضلالة.
ويمكن تقسيم علاج الشبهة على نوعين:
النوع الأول: وقائي
وهذا النوع يجنب الإنسان من الوقوع في الشبهة إن أحرزه؛ غير أنَّه يحتاج إلى مجاهدة، وصدق في التعامل مع النفس؛ ومن هذا القسم: أن يكون الإنسان ولياً لله تعالى، وأن يجاهد النفس، ويضبط شهواتها، ويمسك بجماحها؛ وأن يكون الطعام، والشراب من الحلال؛ لأنَّه يؤثر، وأن ينظر في أحوالِ مَن مضى قبلَه، سواءً من الأممِ
النوع الثاني: علاجي
ومن أهم العلاجات التي وُضعت في حالة مواجهة الفتنة والشبهة هي؛ الوقوف عند الشبهة والحيرة، والصمت، وعدم الإسراع في الدخول فيها، وعرضها على كتاب الله تعالى وروايات المعصومين ( عليهم السلام). ومن الوسائل كذلك: الدعاء إلى الله تعالى؛ فقد روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قوله: «وَوَفِّقنِي إذَا اشْتَكَلَتْ عَلَيَّ الأُمُورُ لأهْدَاهَا، وَإذَا تَشَابَهَتِ الأعْمَالُ لأزْكَاهَا، وَإذَا تَنَاقَضَتِ المِلَلُ لأرْضَاهَا...»[2]).
[1] -(شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: ج16/ص64).
[2]- (الصحيفة السجادية الكاملة: ص١٠٩.
تعليق