الشيخ أحمد الشويلي
مقالات نشرة الخميس 893
لقد حظيت القيادة باهتمام كبير من قبل العلماء على اختلاف توجههم ومشربهم؛ كعلماء الدين والفلسفة والاجتماع وغيرهم؛ وذلك لأنها تعد محوراً أساساً ومفهوماً حساساً للمساهمة الفعّالة في إنماء المجتمعات وأفرادها.
وعُرّفت القيادة بعدة تعاريف، منها:- أنها القدرة على معاملة طبيعة بشريّة على التَّأثير في السُّلوك البشريّ لتوجيه جماعة من النّاس نحو هدف مشترك بطريقة تضمن بها طاعتهم وثقتهم واحترامهم وتعاونهم.
فإذا كان الهدف منها هو أخذ الجماهير نحو هدف غالٍ وسبيل عالٍ، فالضرورة تحكم على القائد أن يتصف بصفات نفسية نفيسة ليستجيب جموع الناس له، وتتحقق الغاية المرجوة من القيادة، وهي طاعة الجماهير له.
وصفات القائد كثيرة نذكر واحدة منها، وهي:
حسن السلوك العام:
ونقصد بها حسن سلوكه المعتدل أمام الناس وعدم مخالفة باطنه، وهي تعد من صفاته الفعالة التي تجذب الجماهير نحوه، ومن خلالها تفهم الناس أن هذا القائد له حظ من حسن السلوك، والتي يجمعها حسن الأقوال والأفعال، لما عدوها الناس من مكملات الشخصية القيادية..
والقرآن الكريم يدعو إلى حسن السلوك الظاهر، فضلاً عن الحسن الباطن، حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾[1].
فقد كان النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله) يُعرف في الجاهلية بحسن سلوكه العام وأنه الصادق الأمين، ولذلك كان مؤثراً في قومه، وناجحاً في قيادتهم نحو الهداية، ففي قصة الحجر الأسود عندما أرادوا أن يردوه إلى مكانه الأول اختلفوا فيمَن يرده، فكان كلٌّ منهم يقول: أنا أرده، يريد الفخر لنفسه، فقال لهم ابن المغيرة: يا قوم حكّموا في أمركم مَن يدخل من هذا الباب، وأجمعوا على ذلك، وإذا بالنبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله) قد أقبل عليهم، فقالوا: (هذا محمد، نِعم الصادق الأمين، ذو الشرف الأصيل).[2]
وقد مدحه الله تعالى حيث قال: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾[3]، فاستحق بتلك الصفات أن يكون خير قائد لخير رسالة وهداية.
وجاء من بعده أميرُ المؤمنين عليٌّ (عليه السلام) ومن بعده أبناؤه الطاهرون ( عليهم السلام) يقتفون أثره ( صلى الله عليه وآله) ويتبعون منهاجه في قيادة الأمة نحو الخير والعدل والسلام.. فـ«السلام على الأئمة الدعاة، والقادة الهداة» [4]
[1] -سورة لقمان اية 19
[2] -، بحار الأنوار 15 / 386
[3] -سورة ال عمران اية 159
[4] - (الزيارة الجامعة ) البلد الأمين للكفعمي 306
تعليق