اللهم صل على محمد وآل محمد
قــــال: هل لك أن تختار لي صديقاً، لأنني أخشى من الانتخـاب الخاطئ؟ قلت: ولماذا لا أعلمك كيف تختار بدل أن أختـار لك؟ فـإن من يعلمك كيف تصطاد السمك أفضل ممن يصيد مقداراً من السمك ويعطيك واحدة منها. قـــــــــال: إذن علمني كيف أختــــار الأصدقاء؟ قلت: هنــالك طريقـتان فــي اختيار الاصدقاء: الطريقة الأولى: الاعتماد على الصدفة، فأحدهم كان يمشي في الطريق فوقع على الأرض فساعده أحدهم فتبادل معه الحديث، وتعرف عليه وصادقه، أو كــــــان في طائرة وإلـى جانبه شخص، وكانت المسافة طويلة، ولكي يقضي وقته بدأ الحديث مــــــــــع صـــاحبه، ثـــم أصبـح صديقـــــاً له. الطريقة الثانية: هي أن يختار الإنسان أصدقاءه بحسب ملاكات صحيحة، وبناءً عليها يختار أصدقاءه. والطريق الطبيعي هو أن نصادق من نريد، سواء بالتخطيط أو بالمصادفة، ولكن فيما بعد نحذف بعضهم ممن لا يتمتعون بالصفات الحسنة ونحتفظ بالآخرين، وفي هذا المجال نجد كثيراً من الروايات والأحاديث التي تبين مـن نـصـادق، وقد ذكرت ذلك في كتابي «سلسلة الصداقة والأصدقاء»، لقد علمنا الأئمة من نصـــــتادقه ومن نقـــاطعه، ونبتـعد عمّن ونقترب إلى مَن. قال: الدنيا ليست كما نظن، فهنالك الكثير من المخادعين والانتهازيين الذين يسعون لجرنا إلى الضلال، فكيف نختار؟ قلت: كما أنك حينما تريد الوصول إلى مكان معين، تبحث عن أفضل الطرق إليه، وأكثرها أمناً، كذلك فيما يرتبط بالحياة، وهي رحلة تبتدئ من يوم ولادتنا وتنتهي بموتنا، فلابد أن نبحث عن الهدف الصحيح، والطريق الأمن والأفضل للوصول إلى أهدافنا، نعم هنالك الكثير من المخادعين والانتهازيين لكن حينما تملك نور العقل فإن باستطاعتك أن تكتشف المخادع من المخلص، والصالح من الطالح، والمؤمن من المنافق. قال: وماذا لو اخترتُ الصديق بحسب الملاكات الصحيحة ثم تبين أنه ليس كما كنت أظن؟ قلت: كما تصنع إذا مشيت في طريق قد ظننته صحيحاً ، فاكتشفت أنه خطأ، ألا تغير مسارك وتبحث عن الطريق الصحيح وترجع عن خطئك؟ كذلك افعل في مسألة الأصدقاء. قال: وماذا عن الصـداقة بين الجنسين؟ قلت: الصداقة مطلوبة دائماً بين الإنسان وبين من حوله أي بينه وبين أرحامه، وبينه وبين جيرانه، وبينه عامة الناس لكن لابد أن يكون ذلك في حدود الشرع والأخلاق والصداقة مع الجنس الآخر إذا كانت ضمن إطار شرعي بمعنى صداقة الأب مع بناته، والأخ مع أخواته، والرجل مــــــــع عماته وخـــــالاته وبقية محــارمه فهذه صــداقة مطلوبة. أما مع الجنس الآخر بعيداً عن هذا الإطار، أي مع غير المحارم وبدون إطار شرعي فهذا غير صحيح، وهكذا فإن الصداقة مع الزوجة من الأمور الضرورية، ولكن صداقة الشاب مع فتيات الجامعة، أو مع من يلقى منهن في الطريق أو العمل، هو أمر غير صحيح، فإنه معرض للأخطار لأن اجتماع شاب مع فتـاة أجنبية سيكون الثالث بينـهما الشيطان، فلابدّ من الابتعاد عن ذلك، والعــاقل دومــــاً هــــو مـــن يتـــقي الأخطــــار قبــل وقوعها.
------------------
السيد هادي المدرسي