تويت
لمحت صديق جدي الشيخ الوقور وهو ينظر الى عيني، ثم تقرّب أكثر وقال لجدي: حفيدك أصيب بـ(البطرانة)...! حقيقة أنا خفت، فسألت الجد: ما الأمر يا جدي، وما هي البطرانة؟
قال: يعني سواد العين، حين يصبح فيها شيء من البياض أو الإحمرار، فاذا كانت البطرانة بيضاء، كان أهالي كربلاء يأخذون الملح، ويقرؤون عليه سورة (ألم نشرحْ لك صدرك) سبعة مرات، ثم يلقون الملح في جمرات من النار، وبعدها يسكب الشخص الماء من أعلى رأسه الى الخلف ويشفى.
قلت: ياجد، وإذا كانت البطرانة حمراء؟ قال: سبع جمرات في الماء.
عقب أحد الحاضرين وقال: هناك أيضاً علاج ثان، كان أهلنا يستخدمونه، حيث يجلبون عود عنب يحرقونه حتى يصبح أحمر، ثم توضع كمية من مخلفات الجمر على العين فتشفى.
وعقب شهيد آخر: كانوا أحياناً يستخدمون مخلفات أنثى الحمار، ويبخرون به العين.
قلت: ياجد هل تختص كربلاء عن المجتمع العراقي بهذا الاجراء؟
قال: يابني هذه المعتقدات عراقية، لكن بعضها تركز عند الكربلائيين بشكل كبير، مثلاً حين كان يشكو المريض أو الشخص من تضخم الطحال، يضعون طحال الحيوان على طحال المريض، ويأتون بسبع سلال تمر (بربن)، ويعلق الطحال على واجهة البيت، وفي كل يوم تنقص سلة في جلد الطحال المعلق، فاذا يبست الكبد يشفى المريض، ويذوب الطحال من الورم.
قلت: لقد قرأت في كتاب (كربلاء في الذاكرة) عن (محبس الجيبوبة، ومحبس العقيق) وكنت أسأل نفسي دائماً: هل هذه النتائج حقيقية؟ قال الجد: هذه أمور مجربة ياولدي، فعندما تعسر الحامل، يجلبون لها خاتماً، ويشد بساق المرأة اليمنى، وهذا الخاتم خاص بأشخاص معروفين في كربلاء.
وأما النتائج التي تسأل عنها، فسرعان ما كانت تلد المعسرة؛ وأزيدك علماً ياولدي، إذا أصيب أحدهم بنزيف دموي، يجلبون خاتم عقيق يماني خاص، ويشدونه بفخذه الأيسر فينقطع الدم مباشرة، وكانوا يستخدمون هذا الخاتم في الكثير من الأمور، كلدغة العقرب والأفعى، حيث يضعون الخاتم على مكان اللدغ، أو اللسعة، فيشفى.
وهناك بعض الأمراض تُعالج بعلاج شعبي، مثل الحصبة، إذ كان الناس يعالجون الحصبة، حيث يلبسون الطفل المصاب ثوباً أحمر، ويُدار في الأزقة والشوارع أو على الشط، حتى لا (ينچبس) الطفل، أي لا تدخل الحصبة الى داخل بطنة؛ وكذلك كانوا يأخذون الطفل الذي يصاب بالاسهال، ويدخلون رأسه في جوف كبش، لكونهم كانوا يشخصون الحالة بقولهم (اشتم ريحة)، وهناك أمور كثيرة ستتعرف عليها في لقاء آخر.