بسم الله الرحمن الرحيم .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين . اللهم صل على محمد وآل محمد .
في مثل هذا اليوم المصادف الـسادس من شهر رمضان المبارك سنة 201 هـ كانت بيعة الناس للإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بطلب من المأمون العباسي .
لم تكن هذه البيعة التي أجبر عليها الإمام الرضا (عليه السلام) من قبل المأمون العباسي (لع) بيعة حقيقية تعترف بإمامة الإمام الرضا (عليه السلام) على جميع الخلق ، بل كانت الغاية من البيعة له هو تقريب الإمام من الدولة لكي يسهل عليهم مراقبته أولاً ، ولإعطاء شرعية ظاهرية لهذه الدولة ثانياً ، إلا أن الإمام الرضا (عليه السلام) كان متفطناً لهذه الغاية الخبيثة فرفض هذه البيعة مراراً وتكراراً ، لكنه (عليه السلام) رأى ملحة وإصرار المأمون على هذه البيعة فقبل بها بشروط وهي : أن لا يأمر ولا ينهى ولا يقضي ولا يغير شيئا مما هو قائم وأن يعفى من ذلك كله فوافق المأمون على شروط الإمام الرضا (عليه السلام) .
روي : ( ... لما انقضى أمر المخلوع واستوى أمر المأمون كتب إلى الرضا عليه السلام يستقدمه خراسان فاعتل عليه الرضا عليه السلام بعلل كثيرة فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا أنه لا يكف عنه فخرج وأبو جعفر عليه السلام له سبع سنين فكتب إليه المأمون لا تأخذ على طريق الكوفة وقم ، فحمل على طريق البصرة والأهواز وفارس وافى مرو فلما وافى مرو عرض عليه المأمون يتقلد الامرة والخلافة فأبى الرضا عليه السلام ذلك وجرت في هذا مخاطبات كثيرة وبقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى أبو الحسن الرضا عليه السلام أن يقبل ما يعرض عليه فلما كثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون : فولاية العهد فأجابه إلى ذلك وقال له على شروط أسألها المأمون : سل ما شئت قالوا : فكتب الرضا عليه السلام إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهي ولا أقضي ولا أغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله فأجابه المأمون إلى ذلك وقبلها على هذه الشروط ودعا المأمون الولاة والقضاة والقواد والشاكرية وولد العباس إلى ذلك فاضطربوا عليه فاخرج أموالا كثيرة وأعطى القواد وأرضاهم إلا ثلاثة نفر من قواده أبوا ذلك أحدهم عيسى الجلودي وعلي بن أبي عمران وأبو يونس فأنهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا عليه السلام فحبسهم وبويع الرضا عليه السلام وكتب ذلك إلى البلدان وضربت الدنانير والدراهم باسمه وخطب له المنابر وأنفق المأمون في ذلك أموالا كثيرة ، فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ليطمئن قلوب ويعرفوا الناس ويعرفوا فضله وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة فبعث إليه الرضا عليه السلام وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الامر فقال المأمون : إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله به ، فلم يزل يرده الكلام في ذلك ، فلما ألح عليه قال : يا أمير المؤمنين أن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي ، وأن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله ( ص ) وكما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال المأمون : أخرج كما تحب وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن الرضا عليه السلام فقعد الناس لأبي الحسن الرضا عليه السلام في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان واجتمع القواد على باب الرضا عليه السلام فلما طلعت الشمس قام الرضا عليه السلام ، فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن والقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفه وتشمر ، ثم قال لجميع مواليه : افعلوا مثل ما فعلت ، ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة ، فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه والقواد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا السلاح وتهيئوا بأحسن هيئة فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمرنا وطلع الرضا عليه السلام وقف وقفة على الباب قال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا فتزعزعت مرو من البكاء والصياح فقالها ثلاث مرات فسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام وصارت مرو ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والضجيج وكان أبو الحسن عليه السلام يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة ، فكبر الله أربع مرات فتخيل إلينا أن السماء والأرض والحيطان تجاوبه وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين : يا أمير المؤمنين أن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس فالرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه فلبسه ورجع . الرواية صحيحة الاسناد . (1) .
----------------------------
(1) مسند الإمام الرضا (ع) ، الشيخ عزيز الله عطاردي ، الجزء 1 ، الصفحة 73 ، من حياة الإمام الرضا (ع) .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين . اللهم صل على محمد وآل محمد .
في مثل هذا اليوم المصادف الـسادس من شهر رمضان المبارك سنة 201 هـ كانت بيعة الناس للإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بطلب من المأمون العباسي .
لم تكن هذه البيعة التي أجبر عليها الإمام الرضا (عليه السلام) من قبل المأمون العباسي (لع) بيعة حقيقية تعترف بإمامة الإمام الرضا (عليه السلام) على جميع الخلق ، بل كانت الغاية من البيعة له هو تقريب الإمام من الدولة لكي يسهل عليهم مراقبته أولاً ، ولإعطاء شرعية ظاهرية لهذه الدولة ثانياً ، إلا أن الإمام الرضا (عليه السلام) كان متفطناً لهذه الغاية الخبيثة فرفض هذه البيعة مراراً وتكراراً ، لكنه (عليه السلام) رأى ملحة وإصرار المأمون على هذه البيعة فقبل بها بشروط وهي : أن لا يأمر ولا ينهى ولا يقضي ولا يغير شيئا مما هو قائم وأن يعفى من ذلك كله فوافق المأمون على شروط الإمام الرضا (عليه السلام) .
روي : ( ... لما انقضى أمر المخلوع واستوى أمر المأمون كتب إلى الرضا عليه السلام يستقدمه خراسان فاعتل عليه الرضا عليه السلام بعلل كثيرة فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا أنه لا يكف عنه فخرج وأبو جعفر عليه السلام له سبع سنين فكتب إليه المأمون لا تأخذ على طريق الكوفة وقم ، فحمل على طريق البصرة والأهواز وفارس وافى مرو فلما وافى مرو عرض عليه المأمون يتقلد الامرة والخلافة فأبى الرضا عليه السلام ذلك وجرت في هذا مخاطبات كثيرة وبقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى أبو الحسن الرضا عليه السلام أن يقبل ما يعرض عليه فلما كثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون : فولاية العهد فأجابه إلى ذلك وقال له على شروط أسألها المأمون : سل ما شئت قالوا : فكتب الرضا عليه السلام إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهي ولا أقضي ولا أغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله فأجابه المأمون إلى ذلك وقبلها على هذه الشروط ودعا المأمون الولاة والقضاة والقواد والشاكرية وولد العباس إلى ذلك فاضطربوا عليه فاخرج أموالا كثيرة وأعطى القواد وأرضاهم إلا ثلاثة نفر من قواده أبوا ذلك أحدهم عيسى الجلودي وعلي بن أبي عمران وأبو يونس فأنهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا عليه السلام فحبسهم وبويع الرضا عليه السلام وكتب ذلك إلى البلدان وضربت الدنانير والدراهم باسمه وخطب له المنابر وأنفق المأمون في ذلك أموالا كثيرة ، فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ليطمئن قلوب ويعرفوا الناس ويعرفوا فضله وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة فبعث إليه الرضا عليه السلام وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الامر فقال المأمون : إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله به ، فلم يزل يرده الكلام في ذلك ، فلما ألح عليه قال : يا أمير المؤمنين أن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي ، وأن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله ( ص ) وكما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال المأمون : أخرج كما تحب وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن الرضا عليه السلام فقعد الناس لأبي الحسن الرضا عليه السلام في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان واجتمع القواد على باب الرضا عليه السلام فلما طلعت الشمس قام الرضا عليه السلام ، فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن والقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفه وتشمر ، ثم قال لجميع مواليه : افعلوا مثل ما فعلت ، ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة ، فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه والقواد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا السلاح وتهيئوا بأحسن هيئة فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمرنا وطلع الرضا عليه السلام وقف وقفة على الباب قال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا فتزعزعت مرو من البكاء والصياح فقالها ثلاث مرات فسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام وصارت مرو ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والضجيج وكان أبو الحسن عليه السلام يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة ، فكبر الله أربع مرات فتخيل إلينا أن السماء والأرض والحيطان تجاوبه وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين : يا أمير المؤمنين أن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس فالرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه فلبسه ورجع . الرواية صحيحة الاسناد . (1) .
----------------------------
(1) مسند الإمام الرضا (ع) ، الشيخ عزيز الله عطاردي ، الجزء 1 ، الصفحة 73 ، من حياة الإمام الرضا (ع) .
تعليق